وليد حديد - مونتريال
هل فقدنا السيطرة على مشاعرنا كأفراد أو كعائلة او كمجتمع؟
هل نحن في حالة استهلاك عاطفي وبالتالي إرهاق عاطفي؟
الخطر الأكبر على تطورنا كأفراد وجماعة هو ان المشاعر أصبحت سلعة خارجية وليست طاقة داخلية ، حيث بات المجتمع الاستهلاكي هو الذي يسوقها.
استهلاك المشاعر كما أراه، هو مفهوم يشير إلى الطريقة التي يتم بها استخدام المشاعر وتوجيهها أو تسليعها في الحياة اليومية، سواء في العلاقات الشخصية، أو وسائل الإعلام، أو السياقات الاجتماعية والاقتصادية.
يمكن أن يظهر هذا المفهوم في عدة جوانب:
1. في وسائل الإعلام والتسويق:
تستخدم الإعلانات والمحتوى الإعلامي المشاعر مثل الحب، الخوف، السعادة، والحنين لجذب الجمهور ودفعهم لاتخاذ قرارات معينة، مثل شراء منتج أو دعم قضية.
2. في العلاقات الاجتماعية:
قد تُستنزف المشاعر بسبب ضغوط العلاقات اليومية، حيث يُطلب من الأشخاص غالبًا التعبير عن مشاعر معينة لإرضاء الآخرين، حتى لو لم تكن تلك المشاعر حقيقية أو صادقة.
3. في بيئة العمل:
يُشار إلى هذا في بعض الأحيان باسم "العمل العاطفي"، حيث يُطلب من الموظفين (مثل مقدمي الخدمات أو العاملين في مجال الضيافة) إظهار مشاعر معينة مثل الود أو التعاطف كجزء من وظيفتهم.
4. الاستهلاك المفرط للمشاعر في الحياة الرقمية:
يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تؤدي إلى استهلاك عاطفي كبير، حيث يتم عرض المشاعر بشكل مستمر وتداولها عبر الصور والقصص والمنشورات، مما قد يؤدي إلى الشعور بالإرهاق العاطفي.
تأثير استهلاك المشاعر:
قد يؤدي إلى الإرهاق العاطفي وفقدان التوازن النفسي.
يمكن أن يؤدي إلى تسطيح المشاعر، حيث تصبح المشاعر أدوات سطحية بدلاً من تجارب عميقة.
يمكن أن يكون سلاحًا ذو حدين، إما لتعزيز التواصل الإنساني أو لإضعاف العلاقات الحقيقية.
في ظل هذا التعقيد الاجتماعي والتفكك المفاهيمي، تظهر الحاجة الملحة إلى حلول تعيد التوازن إلى حياتنا العاطفية والاجتماعية. أحد الحلول الممكنة هو الرجوع إلى البساطة في التعريفات والممارسات اليومية، وهي خطوة قد تكون قادرة على تخفيف الضغط العاطفي الناتج عن التغيرات السريعة والمفاهيم المتشابكة.
البساطة كطريق للخروج من الإرهاق العاطفي
العودة إلى تعريفات بسيطة وواضحة:
عندما نعود إلى تعريفات أكثر وضوحًا وبساطة للقيم الإنسانية، مثل الصداقة، العائلة، والهوية الثقافية، يمكننا تخفيف العبء النفسي الناتج عن محاولة مواكبة التعريفات المعقدة والمتغيرة. البساطة لا تعني السطحية، بل تعني العودة إلى جوهر الأشياء، وهو ما يمكن أن يوفر شعورًا بالثبات والاستقرار.
تشجيع اللقاءات الاجتماعية الحقيقية:
التفاعل الإنساني المباشر، بعيدًا عن الوسائط الرقمية، يعيد بناء الروابط العاطفية ويعزز الشعور بالانتماء. اللقاءات الاجتماعية الحقيقية توفر فرصة لتبادل المشاعر والأفكار بطريقة أكثر عمقًا وصدقًا، مما يساهم في تخفيف الإرهاق العاطفي الناجم عن التفاعلات السطحية على الإنترنت.
العودة إلى الممارسات اليدوية والتقليدية:
الممارسات اليدوية، مثل الزراعة، الحياكة، أو حتى الطبخ الجَماعي، توفر وسيلة للشعور بالإنجاز والاتصال مع الطبيعة والآخرين. هذه الأنشطة تخلق مساحة للراحة النفسية وتخفيف التوتر، حيث تتيح للفرد فرصة للابتعاد عن ضغط الحياة الرقمية والتركيز على ما هو ملموس وأصيل.
التوازن بين الحداثة والجذور
تعزيز البساطة دون رفض التقدم:
يمكننا الاستفادة من التقدم التقني، ولكن دون أن نفقد البساطة التي تمنح حياتنا معنى. قد يكون الحل في إيجاد توازن بين الاستفادة من الحداثة والاحتفاظ بالممارسات التي تُغذي الروح وتعزز الروابط.
إحياء القيم الثقافية:
من خلال التركيز على التراث الثقافي وإعادة إحيائه بطرق مبتكرة، يمكننا خلق مساحات اجتماعية تُجسد الهوية الثقافية وتدعم الروابط الإنسانية.
الخلاصة
الرجوع إلى البساطة في التعريفات والممارسات اليومية، الى جانب تعزيز اللقاءات الاجتماعية والممارسات اليدوية، قد يكون المفتاح لمعالجة التفكك المفاهيمي والإرهاق العاطفي. البساطة ليست فقط استجابة لتحديات العصر، بل هي وسيلة لإعادة الاتصال بالجذور الإنسانية العميقة التي تضمن لنا حياة أكثر توازنًا وأصالة.
* الصورة من freepik لأغراض توضيجية فقط
228 مشاهدة
03 يناير, 2025
105 مشاهدة
01 يناير, 2025
97 مشاهدة
01 يناير, 2025