Sadaonline

ماذا يحدث في كيبيك؟ للقصة بقية!

منذ عقود، تعرضت الجالية في كيبيك وكندا لعدة تحديات، حيث كانت الهوية محط استهداف متكرر

سامر المجذوب ـ مونتريال

على مدار أكثر من ثلاثة عقود و نيف  عشنا في كيبيك في كندا، و في اطار دور في الحقل العام ،سخرنا الله سبحانه وتعالى له،  و ذلك من خلال أنشطتنا المدنية التي خصصناها للدفاع عن حقوق الجالية والمجتمع الأوسع. و منها الاندماج الايجابي و الاهتمام بالشباب و لحفاظ على الهوية، وحماية حرية الانتماء والمعتقد، وهي من القيم الأساسية التي يقوم عليها النظام السياسي والثقافي في كندا وكيبيك على حد سواء.

في الآونة الأخيرة، وتحديدًا في الأشهر الماضية، نشهد تزايدًا ملحوظًا في الحملات الشعبوية التي تستهدف الجالية و النشطاء  بشكل مستمر. هذه الحملات تتسم بالتشنيع والتحريض، وقد بلغت بعضها حدودًا من الإسفاف والانحطاط، مما جعلها تنتشر في الفضاء العام دون اعتبار لحقوق المواطنة وحقوق الإنسان.

منذ عقود، تعرضت الجالية في كيبيك وكندا لعدة تحديات، حيث كانت الهوية محط استهداف متكرر. ورغم تفاوت حدة هذه الهجمات، إلا أن الإسلاموفوبيا كانت موجودة دائمًا وأخذت أبعادًا خطيرة في بعض الفترات، كما شهدنا في مجزرة مسجد كيبيك في 2017، ومجزرة العائلة في لندن، أونتاريو في 2021، التي أبرزت خطورة هذه الظاهرة.

تعود بدايات الى حادثة طرد فتاة من مدرسة في مونتريال عام 1994 بسبب ارتدائها الحجاب، التي كانت بمثابة "الافتتاحية" لاستهدافات  لا تتوقف  ضد النساء والفتيات اللواتي تعرضن للتمييز بسبب اختيارهن لملابس تعكس قناعاتهن الشخصية. في تلك الفترة، نظمنا  كمنتدى اسلامي كندي أول مؤتمر صحفي في كيبك و كندا لعرض مظلومية هذه الفتاة، وكان هذا اول لقاء للجالية مع الإعلام بشكل مباشر.

ورغم مرور الوقت، فإن ظاهرة الإسلاموفوبيا لم تختفِ، بل ازدادت بشكل ملحوظ، حيث تحولت إلى حالة من التحريض المستمر ضد الجالية. لم يعد الأمر مقتصرًا على آراء متطرفة، بل أصبح تهديدًا يتجاوز حدود حرية التعبير والديمقراطية، ويصل إلى مستويات من الانحطاط الأخلاقي منقطع النظير.

تطور الأمر بشكل خطير عندما بدأت بعض الأوساط السياسية في كيبيك تُشرّع هذه بعض السياسات وتمنحها "شرعية" عبر قوانين مثل مشروع قانون "الشرعة لحقوق كيبيك" الذي طرحته بولين ماروا في 2013، ثم قانون 21 الذي أقره فرنسوا ليغو. كما جاء توجيه وزير التعليم في 2023 الذي منع الصلاة في المدارس العامة. هذه السياسات شكلت تهديدًا مستمرًا للحريات العامة.

لم تقتصر هذه السياسات على الأطر القانونية، بل شملت أيضًا ما اعتبر  حملات لتقييد حرية التعبير والمعتقد ، مثل محاولة منع الصلاة في الأماكن العامة، بالإضافة إلى  فصل الموظفين بسبب ارتدائهم الحجاب أو موقفهم باتجاه قضايا انسانية بامتياز . كاعتراض على حرب او دعوة لحماية المدنيين . وهذا يعني أن الاستهداف لم يعد يقتصر على الجالية فقط، بل بدأ يمس المجتمع بشكل أوسع.

والأكثر إثارة للقلق هو حالة التحريض المستمرة ضد الجالية، التي تجد صدى في تصريحات المسؤولين وفي الإعلام، حيث يتم تصوير الجالية كتهديد للأمن القومي أو عاملًا في نشر الانقسام الاجتماعي. هذه التحريضات تهدد السلام الاجتماعي في كيبيك وكندا وتثير الفتن بين أفراد المجتمع و تؤدي الى حالة توتر البلاد و العباد في غنى عنه .

يجب أن ندرك أن السماح بالكراهية لن يصيب جهة واحدة فقط، بل سيطال الجميع. إذا تم التساهل مع هذه الظواهر العنصرية، فإن كرامة وأمن جميع المواطنين والمقيمين في كيبيك وكندا ستكون في خطر. 

و في هذا الصدد لا بد من التأكيد ان الإسلاموفوبيا ليست مجرد ظاهرة عابرة ، بل هي خطر يهدد النسيج الاجتماعي ويقوض قيم العدالة والمساواة.

نحن في الجالية نفخر بانتمائنا إلى كيبيك وكندا، نساهم في التنمية الاقتصادية و العلمية ونعمل على تعزيز قيم الانفتاح والعدالة والمساواة التي تميز المجتمعين الكندي والكيبيكي. ولن نقبل نحن و كثير من مكونات المجتمع الاكبر بأن تتحول هذه القيم إلى ضحايا لمصالح سياسية أو أيديولوجيات متطرفة. سنظل نرفع أصواتنا من أجل الحفاظ على هذه المبادئ التي جعلت من كندا وكيبيك نموذجًا للتعايش والتعددية و السلام .

* الصورة من صدى اونلاين

الكلمات الدالة