حسين حب الله ـ مونتريال
أظهر العدوان الصهيوني الأخير على لبنان أن قسماً كبيراً من الجالية في مونتريال يختزن أصالة لا يمكن إلا أن نعتز بها ونشعر بالارتياح بوجودها في جالية. فرغم ابتعادها عن وطنها سنوات طويلة، لا تزال تحافظ على إرث هذه الاصالة وتصر على الارتباط والتعلق بثقافة بلد اضطرت بسبب الظروف إلى مغادرته رغماً عنها. لا يعني هذ أبداً أن هذا يشمل الجالية بأسرها، فالأمر لا يخلو من بعض أصوات النشاز والمثبطين والمهزومين. لكن لا داعي الآن لِلتطرق لهذه القلة التي يخبو صوتها أحياناً ويعلو اخرى عبر بيان من هنا أو مواقف نافرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من هناك. فالنصيحة التي قدمها أعزاء وكبار في الجالية هي أن لا يُتحدَّث عن هذه القلّة كونها "قلة معروفة بمواقفها النافرة وتطرفها الفاضح ولا تمثل حجماً يمكن الاعتماد على رأيه"، وهي بحسب أحد هؤلاء الكبار جديرة بأخذها بعين الاعتبار. وهو رأي نتفق معه، لكن لا بد أن يكون هناك ـ في الوقت المناسب ـ موقف من "بعض الذين يعزفون على جراحنا ويستفيدون من الجو العام في كندا لبخّ سمومهم"، كما يرى البعض. فالوقت "يستدعي أن نتجاوز عن إساءات هؤلاء و"ولدناتهم" ونتفرغ للعمل مع الطيبين والمخلصين في الجالية لِلَملمة الجراح بدلاً من نكئها ومد اليد للمحتاجين بدلاً من تضييع الوقت مع أمثال هؤلاء".
بالعودة الى الأصالة التي رأيناها ونراها كل يوم، فهي تبرز في مبادرة أكثر من مؤسسة جاليوية من مشارب ومذاهب مختلفة إلى فتح أبوابها للمتبرعين والراغبين في مساعدة أهل بلدهم الأصلي بكل ما أمكنهم. فهنا تُجمع الأموال وهناك تُستَقبَلُ الأشياء العينية من حاجات منزلية وبطانيات وغيرها، وهناك تُستَقبَل أنواع المأكولات والمشروبات وحاجيات الأطفال والمستلزمات الطبية المتنوعة، التي يجمعها ويوضّبها فريقٌ كبيرٌ من المتطوعين بعد التأكد من صلاحيتها وحاجة أهلنا في لبنان إليها. وغيرها من مبادرات لا يسع المجال للحديث عنها هنا.
هذه الأصالة عُبِّرَ عنها بوجوه أخرى أبرزها مبادرة مد يد المساعدة والسؤال من قبل العديد من الأشخاص البارزين من بيئة قد يوحي البعض أنها غير معنية بما يجري في لبنان من تَعدٍّ على اللبنانيين. أو أنهم من طرف كان على خصومة سياسية مع هذه البيئة. كما أن المبادرات التي قام بها محسوبون على هذه البيئة وهُم من خارجها كانت أيضاً عزيزة وجميلة ومميزة، فنجد أن هناك من بادر إلى التواصل والسؤال عما يمكنه القيام به وعن استعداده لتقديم ما امكنه في سبيل خدمة اللبنانيين الذين يتعرضون للعدوان. وهؤلاء لم يكن عرضهم مجرد "رفع عتب"، بل تُرجِم واقعاً ملموساً تخطّى الكلام وتحوّل إلى عمل جاد. منهم من اتَّصل بنفسه لِعرض منزله في هذه القرية أو تلك دون مقابل ليستقبل الذين أُبعِدوا عن ديارهم بغير حق، فكان شريكاً في المعاناة والآلام التي أصابت أبناء وطنه، فكان حقاً ابنَ أصل وذا خُلق رفيع وصاحبَ مواقف وطنية حقيقية.
حين يتصل أبو عمر وجورج وعبير وبشار وطوني وعلي وخالد وبشير وجاكلين ووو .. عارضين خدماتهم والتعاون في سبيل التخفيف من الإبادة التي يتعرض لها لبنانيون، حينها تعرف المعدن الحقيقي النقي لهؤلاء الأعزاء. وحينها تدرك أننا شعب يستحق الحياة وتفتخر بأنك تنتمي إلى هذا البلد لتنشد مع من ينشد "لو هالدنيي سألتْ مينك قلّن إنّك لبناني".
ـ يُتبَع ـ
*صورة المادة الخبرية من موقع freepik لأغراض توضيحية.
237 مشاهدة
03 نوفمبر, 2024
266 مشاهدة
29 أكتوبر, 2024
285 مشاهدة
23 أكتوبر, 2024