Sadaonline

مُدَّعون على الحكومة الكندية: قدَّمنا دعوى تاريخية استنكاراً لإبادة أهل غزة (القسم الأول)

المحامي ديميتري لاسكارِس متحدثاً في الشريط المصوَّر

 

بشأن الدعوى

إدَّعى على الحكومة الكندية لدى "محكمة أنتاريو العدلية العُليا" (Ontario Superior Court of Justice) المحامي ديميتري لاسكارِس (Dimitri Lascaris) وستة محامين آخرين من أرجاء كندا لمقاضاتها بِاسم فلسطينيَّين كنديَّين فقدا عشرات الأفراد من عائلتيهما في غزة منذ العام الماضي، وقد تجاهلت الحكومة الكندية كلياً نداءاتهما المطوَّلة المطالِبة بالمساعدة وإحقاق العدل. 

المحامون عقدوا مؤتمراً صحافياً بثَّته منظمة "CPAC" الإعلامية، فتحدث فيه إلى جانب لاسكارِس المحامي شاين مارتينيز (Shane Martinez)، شارَحين مجريات الدعوى. كما تحدث أحد المدَّعيَين هاني البطنيجي عن تجربته المؤلمة في غزة، وختاماً كانت فقرة لطرح أسئلةِ الإعلام.

 

المُقدِّمة

لاسكارسِ قال في بداية المؤتمر إنه وزملاؤه المحامون يمثلون هاني البطنيجي وتامر جرادة، اللذين قررا في الثالث عشر من آذار من عام 2024 التقدم بدعوى ضد الحكومة الكندية التي استمرت في تجاهل مطالبهما. وقد قدم فريق المحامين دعوى مدنية بِاسمهما لتحصيل تصريحٍ من محكمة أنتاريو العُليا مفاده أن كندا فشلت في واجبها لاتخاذ كل الإجراءات الممكنة لمنع إبادة أهل غزة وقد انتهكت حقوق الموكِّلَين.

لاسكارس عدَّد بعدها الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في غزة، مشيراً إلى أن "العالم يراقب مرعوباً - منذ أكثر من عام - إبادةَ أهل غزة، وقد أحرقت الذخائر الإسرائيلية اللاجئين الفلسطينيين وهم أحياء، وأصاب القناصة الإسرائيليون الأطفال في رؤوسهم وهم يلعبون أو بالقرب من منازلهم. كما اضطر الأطباء لبتر أطراف الأطفال بغياب المخدِّر، وسُحِق الأطفال الفلسطينيون تحت ركام الأبنية التي استهدفتها القنابل الإسرائيلية التي يزودها بها الغرب، وفي بعض الحالات لم يتمكن أحد من نجدتهم، ما تسبب بموتهم ميتة مؤلمةً موحشة.

لاسكارس تابع كلامه مذكِّراً بأن عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قُتِلوا حتى الآن يتخطى 16,000، وأن الرقم الحقيقي يتجاوز هذا الرقم تجاوزاً كبيراً، مضيفاً أن عدد الأطفال الذين يُتِّموا أو جُرِحوا أو باتوا يعانون من الإعاقة أو الصدمة يتجاوز الرقم السابق تجاوزاً كبيراً أيضاً. فمنذ أكثر من عام، تتقصّد إسرائيل حرمان الأطفال من الماء، وقد عرض الأطباء في غزة صور أطفال هزلوا حتى أوشكوا أن يموتوا جوعاً. لاسكارس أشار إلى أن هذه الأرقام لا تكفي لإظهار الواقع كاملاً، مشيراً إلى أن المجلة الطبية المعروفة "The Lancet" أصدرت تقريراً في  تموز أوضحت فيه أن الاقتتال بالأسلحة يخلِّف تداعيات غير مباشرة على الصحة، متوقعةً موت العديد من الأفراد في الأشهر والسنوات المقبلة بشكل غير مباشر بعد توقف القصف...

 

ما وثقته الأمم المتحدة

أشار لاسكارس أيضاً إلى ما وثَّقَته في العاشر من تشرين الأول "لجنةُ الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق في مجريات الأراضي الفلسطينية المحتلة 

(Independent International Commission of Inquiry on the Occupied Palestinian Territoryبالنسبة لتعمّد إسرائيل تدمير النظام الرعائي الصحي في غزة كجزء من عدوانها الأشمل على القطاع.

وبعد تحقيقها بالنسبة للتعامل مع الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل، توصلت إلى أن إسرائيل قد عذبتهم واعتدت عليهم جنسياً. كما قصفت إسرائيل تكراراً المدارس التي تديرها منظمة "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (UNRWA)، والتي لجأ إليها المهجَّرون، كما دمرت إسرائيل جامعات غزة.

وفي أثناء عرض الفظائع هذا، لم تتوانَ كندا عن دعمِ إسرائيل. فبالرغم من إعرابِ جستن ترودو وميلاني جولي عن قلقهما الشديد مما يجري على الفلسطينيين، لم يقرنا كلامهما مرةً واحدةً بالأفعال الحقيقية، ولم تفرض كندا أي عقوبة مؤثرة على الزعماء السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، وما زالت تسمح للمواطنين الكنديين بخدمة الجيش الإسرائيلي، وبتسليم المعدات العسكرية المصنوعة في كندا إلى إسرائيل، حتى أنها تشتري الأسلحة الفتاكة من إسرائيل، وهي ما زالت تراعي مصالحَ الشركات الإسرائيلية، حتى الشركات غير القانونية المُقامة في مستوطَنات الضفة الغربية. ولم تسحب كندا صفة المؤسسات الخيرية عن الهيئات الكندية التي تبيِّض الأموال لإسرائيل أو المكرَّسة لتغطية جرائمها.

في السادس والعشرين من كانون الثاني من هذا العام، اعتبرت محكمة العدل الدولية" بالنظر إلى "ميثاق مناهضة إبادة الشعوب ومحاسبة المجرمين" (Convention on the Prevention and Punishment of the Crime of Genocide) أن إسرائيل قد تكون فعلياً متورطة في إبادة أهل غزة. ولكن كندا علَّقَت تمويل وكالة "UNRWA" في اليوم نفسه، أي الوكالة الإنسانية الرئيسية العاملة في غزة.. ولم تستأنِف تمويلها إلا بعد أشهر.. كندا لم تتحرك، فجرّأت إسرائيل على ارتكاب المزيد من الشنائع..

 

لن نتراجع

اليوم يرى العالم بوضوح أن لا خط أحمرَ لكندا إزاء ما يعانيه إخوتنا وأخواتنا في فلسطين. فلم تدفع أيُّ شنيعة ترتكبها إسرائيل كندا إلى إلى إنهاء دعمها. وعليه، فموكّلانا وكل الفلسطينيين الكنديين هم ضحايا عنصرية كندا التي تستهدف الفلسطينيين. ولأن حكومتنا استخفت كثيراً بآلام موكّلينا، قررا المطالبة بالعدل، وهما - بمعونة فريق المحامين المتطوع للسير بهذه القضية – سيسلِّطان الضوء على دعمِ كندا المرفوض للنظام الإسرائيلي السفاح. وهما والمحامون لن يتوقفوا حتى تُساءَل كندا عن أفعالها، وإن توقفت إسرائيل عن الإبادة غداً. لن نتراجع..

 

ما تستند إليه الدعوى

بعد لاسكارس، تحدث المحامي شاين مارتينيز المتخصص بالقانون الجنائي وقانون حقوق الإنسان، والعامل مع الفرع الكندي من "مركز العدل الدولي العامل لأجل الفلسطينيين" (International Centre of Justice for Palestinians).

مارتينيز أيد كلام لاسكارس، مضيفاً أن الدعوى ستُقدَّم استناداً إلى أداتين قانونيَّتين هما "ميثاق مناهضة إبادة الشعوب ومحاسبة المجرمين" و"الشرعة الكندية للحقوق والحريات" (Canadian Charter of Rights and Freedoms).

 

قصة البطنيجي

ثم روى مارتينيز قصة البطنيجي المولود في غزة: هربَ من غزة مراهقاً عندما بدأ الجيش الإسرائيلي يُغير على القطاع عام 1967. وعامَ 1989 انتقلَ إلى كندا، ليقيم فيها مع زوجته وأطفاله. وفي العشرين من أيلول عام 2023، عادَ هاني إلى غزة، ولكن عندما بدأت إسرائيل بقصفها في أوائل تشرين الأول، أخذ هاني وأقاربه يهربون من حي إلى حي في ظروف مريعة ومع قلة مواردهم. وبالرغم من تواصله مع وزارة الشؤون الخارجية مرات متعددة بهدف الخروج من المنطقة، واجهَ الكثير من العوائق والخطر. وبعد أن نجا من الموت في انفجارٍ في السادس من تشرين الثاني، تمكن أخيراً من العبور إلى مصر. وأحزنه وهو في القاهرة خبر مقتل عدد من أفراد عائلته في الهجمات الجوية، وبعدَ عودته إلى كندا وسعيه لإحضار أقاربه الباقين بموجب برنامج خاص للاجئين، أُعلِم بأنه غير مؤهل للبرنامج بسبب وضعه المالي كونه متقاعداً.

 

قصة جرادة

كما روى مارتينيز قصة تامر جرادة، المقيم في كالغري، وقد انتقلَ إلى كندا عام 2011 ليقيم فيها مع زوجته وولديهما. عندَما بدأت الهجمات على غزة في تشرين الأول عام 2023، خافَ جرادة على أقاربه في غزة، الذين بدأوا يتناقصون أسبوعاً بعد آخر وقد قُتِل والداه وأختاه وغيرهم بسبب القصف الإسرائيلي المستمر.

سعى جرادة لإحضار الباقين من أقاربه إلى كندا، متقدماً في التاسع من كانون الثاني من عام 2024 بطلب لاستقبالهم بموجب تأشيرة الإقامة المؤقتة (Temporary Resident Visa). وإذ وصل بعض أقاربه إلى مصر، بقي معظم الأفراد الآخرين عالقين في غزة بسبب المعاملات الرسمية وطولِها، ولم يتمكن من إحضار 14 فرداً باستثاء اثنين اعتباراً من التاسع عشر من آب 2024. لذا فأقاربه المتبقين في خطر، وهو مستاءٌ بسبب الضمانات الكندية التي لم تلتزم بها الحكومة، وقلِقٌ على ما ينتظر أحباءَه.

الكلمات الدالة