Sadaonline

زار كندا في العام 2022 : وفاة البابا فرنسيس عن عمر يناهز 88 عاماً

قام البابا فرانسيس بما أسماه "حجًا توبيًا" إلى كندا للتأكيد على المصالحة

توفي البابا فرانسيس، اليوم الاثنين، عن عمر يناهز 88 عاماً، في مقر إقامته في دار القديسة مارتا بالفاتيكان، بعد معاناة طويلة مع المرض.

وتدهور وضع البابا فرنسيس مؤخراً مع معاناته الصحية بشكل متكرر والتدخّلات الجراحية والالتهاب الرئوي الحاد، ما اضطره إلى البقاء في مستشفى جيميلي لمدّة 38 يوماً، والتي خرج منها في 23 آذار/ مارس الماضي.

كما كان البابا، الذي يمثّل 1,4 مليار كاثوليكي، قد غاب عن معظم فعاليات "أسبوع الآلام" بما في ذلك "درب الصليب" في الكولوسيوم الجمعة وصلاة عيد الفصح مساء السبت، والتي فوّض بها الكرادلة، فيما ظهر أمس في أحد الفصح، حيث ألقى مباركة عيد الفصح التقليدية، من شرفة كاتدرائية القديس بطرس أمام الحشود، في أبرز ظهور له كان منذ أن كان قد خرج من المستشفى.

وفي خطابه الأخير، الذي قرأه أحد مساعديه عندما ظهر لفترة وجيزة في الشرفة الرئيسية لكاتدرائية القديس بطرس، جدد البابا فرنسيس دعوته إلى وقف إطلاق النار الفوري في غزة، واصفاً الوضع بأنه "مأسوي ومؤسف".

من هو البابا فرنسيس الأول؟

البابا فرنسيس الأول، بابا الفاتيكان، أرفع منصب مسيحي في العالم، وتميز بشخصيته المتواضعة ومناصرته للمحرومين والضعفاء.

اسمه الأصلي قبل اعتلاء سدة البابوية خورخي ماريو بيرجوليو، وهو أرجنتيني ولد في العام 1936 في الأرجنتين، وشغل فيها العديد من المناصب الكنسية.

شغل منصب الرئيس الإقليمي للرهبنة اليسوعية في الأرجنتين بين عامي (1973 – 1979)، وأصبح أسقفاً مساعداً في بيونس آيرس بين عامي (1992 - 1998).

انتخب في العام 1998 رئيس أساقفة بيونس آيرس وبقي حتى عام 2013، إضافة إلى أنه كان في الفترة ذاتها مسؤولاً للكنائس الكاثوليكية الشرقية في الأرجنتين، وشغل أيضاً منصب رئيس مجلس الأساقفة الكاثوليك في الأرجنتين (2005 – 2011).

درس الكيمياء قبل الانضمام إلى السلك الكهنوتي. تاريخ سيامته الأسقفية  27 حزيران/ يونيو 1992، ومُنح رتبة "الكاردينال" في العام 2001 من بابا الفاتيكان الراحل يوحنا بولس الثاني.

انتخب الكاردينال خورخي ماريو بيرجوليو، بابا للفاتيكان، وتمّ تنصيبه في 19 آذار/ مارس 2013، في ساحة القديس بطرس، في عيد القديس يوسف.

انتُخب البابا بعد انعقاد المجمع البابوي لاختيار الحبر الأعظم بعد استقالة البابا بيندكتوس السادس عشر، ويعتبر المجمع الذي انتخبه الأقصر في تاريخ المجامع المغلقة.

بعد انتخابه أعلن الفاتيكان أن البابا الجديد اختار اسم (فرنسيس الأول)، وهو بذلك أول بابا منذ عهد البابا لاندو (913 - 914) لا يختار اسماً استعمله أحد أسلافه، وهو أول بابا يطلق على نفسه هذا الاسم، نسبة إلى القديس فرنسيس الأسيزي، الذي لعب دوراً مهماً في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، وترك حياة الترف واختار حياة الزهد، وبدأ بالدعوة إلى مساعدة الفقراء، ونادى بإعادة بناء الكنيسة. وأيضاً، دعا إلى الحوار بين الأديان.

وبوصفه راهباً يسوعياً، يأتي اختياره اسم فرنسيس تكريماً للقديس فرنسيس كسفاريوس، الإسباني، وأحد مؤسسي الرهبنة اليسوعية التي ينتسب إليها البابا.

البابا فرنسيس هو أول بابا من أميركا اللاتينية، من الأرجنتين، وهو أول بابا من خارج أوروبا منذ عهد البابا غوريغوريوس الثالث.

كما أنه أول بابا من الرهبنة اليسوعية منذ البابا غوريغوريوس السادس عشر، وهو أول بابا يسوعي على الإطلاق.

عرُف عن البابا فرنسيس الأول على الصعيد الشخصي، وكذلك كقائد ديني، التواضع، والبساطة، والبُعد عن التكلف في التقاليد، ودعم الحركات الإنسانية، والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، وتشجيع الحوار، والتواصل بين مختلف الخلفيات والثقافات.

ألغى الكثير من التقاليد البابوية التي كانت سائدة قبله، ومنها رفضه الإقامة في القصر الرسولي، حيث يستخدمه فقط للإطلالة على الحشود يومي الأحد والأربعاء.

قام بعدد من الزيارات الى عدد من بلدان العالم مثل زيارته الشهيرة للعراق في آذار/ مارس من العام 2021، والتي تعد أول زيارة بابوية للعراق. واعتبرت بمثابة رسالة تضامن مع المسيحيين العراقيين بعد حرب "داعش" وتهجيرهم. حينها التقى المرجع الديني الأعلى في العراق السيد علي السيستاني في النجف، في أول حوار بابوي - شيعي رفيع المستوى.

كما قام بزيارة الإمارات في شباط/ فبراير من العام الـ2019، في أول زيارة بابوية لشبه الجزيرة العربية، حيث وقّع وثيقة الأخوة الإنسانية مع شيخ الأزهر أحمد الطيب، وحضر قداساً جماهيرياً في أبوظبي بحضور 135,000 شخص.

 كذلك، زار مصر في نيسان/ أبريل 2017، لدعم المسيحيين بعد تفجيرات الكنائس القبطية. والتقى حينها شيخ الأزهر ورئيس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وكان أول بابا يلقي كلمة في جامعة الأزهر. ( الميادين)

اختيار خليفة

مع توجه الكرادلة من جميع أنحاء العالم إلى روما للمشاركة في المجمع الانتخابي لانتخاب البابا القادم، سيظهر إرث فرانسيس جليًا: فقد عيّن الأرجنتيني 73% من الكرادلة المصوتين.
مع ذلك، يقول المراقبون إن هذا لا يعني بالضرورة أن آراء البابا القادم ستتوافق مع آراء فرانسيس.
صرح فاجيولي بأنه يتوقع إعادة التوازن مع البابا القادم.
وقال فاجيولي: "أعتقد أن أعظم إرث للبابا فرانسيس هو أنه كان أول بابا عالمي، البابا الذي أوضح بجلاء أن الكنيسة لن تبقى مرتبطة إلى الأبد بالثقافة الأوروبية المتوسطية".
"هذا المجمع أكبر بكثير من الكرادلة، وأكثر تنوعًا، وينتمون إلى دول أكثر بكثير. سيكون مجمعًا انتخابيًا غير متوقع النتائج".

البابا فرنسيس من كندا: أطلب المغفرة بشدة عن معاناة الشعوب الأصلية في المدارس الداخلية

قام البابا فرنسيس بزيارة رعوية إلى كندا في الفترة من 24 إلى 29 يوليو/تموز 2022. وقد أتاحت له هذه الزيارة فرصة فريدة، مرة أخرى، للاستماع والحوار مع الشعوب الأصلية، وللتعبير عن قربه الصادق، ولمعالجة آثار الاستعمار ومشاركة الكنيسة الكاثوليكية في تشغيل المدارس الداخلية في جميع أنحاء كندا. كما أتاحت الزيارة البابوية فرصةً لراعي 1.2 مليار كاثوليكي حول العالم للتواصل مع المجتمع الكاثوليكي في كندا. وفي كلمة مؤثرة ألقاها من أرض الشعوب الأصلية في كندا، أعرب البابا فرنسيس عن حزنه العميق وطلبه الصريح للمغفرة بسبب الأذى الذي لحق بالشعوب الأصلية، خاصة من خلال نظام المدارس الداخلية الذي رعته سياسات الاستيعاب والتجنيس، وشاركت فيه الكنيسة الكاثوليكية ومجتمعاتها الدينية.

وقال البابا: "جئت إلى هنا في حج تكفيري، لأعبّر عن أسفي، وألتمس المغفرة من الله، ولأصلي معكم ومن أجلكم". وأكد أن اللقاء مع ممثلي السكان الأصليين في روما قبل أشهر جعله أكثر إدراكًا لحجم المعاناة التي تحملها الأطفال الذين فُصلوا عن عائلاتهم، وتعرضوا للإساءة وفقدوا هويتهم الثقافية واللغوية.

وفي لفتة رمزية، أعاد البابا زوجًا من الأحذية التقليدية التي أُهديت له كتذكار لأرواح الأطفال الذين لم يعودوا من تلك المدارس، معتبرًا إياها رمزًا لرحلة مشتركة نحو الشفاء والمصالحة.

وأضاف البابا: "ما حدث في المدارس الداخلية كان خطأً كارثيًا لا يتماشى مع إنجيل يسوع المسيح"، مشيرًا إلى أن الكنيسة تركع أمام الله طلبًا لغفرانه، ويؤكد: "أنا نادم بشدة، وأطلب المغفرة بتواضع وبدون مواربة".

وشدد على أن طلب المغفرة ليس نهاية المطاف، بل خطوة أولى في مسار طويل يتطلب جهودًا عملية وتحقيقًا شفافًا في الحقائق التاريخية، ودعمًا مستمرًا للناجين من تلك التجارب المؤلمة.

وفي ختام كلمته، دعا البابا إلى صمت وصلاة أمام القبور الجماعية لضحايا المدارس الداخلية، مؤكداً أن الشفاء الحقيقي يحتاج إلى نعمة الله ومحبة الروح القدس، ومتعهدًا بمواصلة دعم الكنيسة الكاثوليكية لمسيرة العدالة والمصالحة في كندا.