Sadaonline

تجنبوا الفتنة، انها نتنة!

أين نحن من سلم الأولويات؟


سامر مجذوب ـ مونتريال
كم هو مؤسف أن يُجرَّ البعض إلى مستنقع الفتن والتفرقة في وقت نحن فيه أحوج ما نكون إلى الوحدة. ما يحدث اليوم ليس مجرد أزمات عابرة، بل هو تراجع مقلق نحو التفكك، يهدد استقرار مجتمعاتنا في لحظة كان يجب أن نتوحد فيها لمواجهة تحديات أكبر. في وقت لا تزال دماء أهل فلسطين تسيل بغزارة، ولم تجف بعد دماء لبنان، ولا زالت سوريا تتجدد فيها المآسي، نجد البعض ينزلقون بسرعة نحو الفتن، سواء كانت مذهبية أو عرقية أو سياسية، كما لو أن قيمة الوحدة والموقف المشترك لم تعد تعني شيئاً في مواجهة الظلم.
قد تكون هناك خلافات سياسية عميقة  ورؤى متباينة، لكن هل يعقل أن نغرق في أبشع الفتن ونحول منابر التواصل الاجتماعي إلى مرتعٍ للكراهية والحقد؟ الفتن اليوم لا تقتصر على السياسة فقط، بل تُغذي نقاشات عقيمة وتفتح أبواب التفرقة المذهبية التي تزيد الأمور تعقيداً. وفي وقت تتصاعد فيه ظاهرة الإسلاموفوبيا والشعبوية بشكل غير مسبوق، ينزلق البعض في حروب كلامية لا طائل منها سوى تعميق الفجوات بيننا، في وقت يستهدف فيه الجميع بحملات كراهية دائمة وإسلاموفوبيا متطرفة.
وفي هذا المناخ المشحون، تتزايد الهجمات على النشطاء بلا حدود، وتتواصل محاولات تقويض أي صوت يدافع عن الحق. والأسوأ من ذلك هو الاستقطاب الشعوبي الذي يغرق البعض فيه، حيث يتحول النقاش إلى تطرف عاطفي، دون أي محاولة للتفكير العميق أو التحليل العقلاني لما يجري.
ما يزيد الأسى هو تفكك أولئك الذين كانوا بالأمس يقفون جنباً إلى جنب في احتجاجات ضد الحروب في غزة ولبنان. اليوم، أصبحوا ضحايا لمناكفات تفرّق أكثر مما توحد. الخاسر الأكبر هم أولئك الذين يغرقون في التناحرات العقيمة، في وقت كان ينبغي فيه أن نتوحد لمواجهة التحديات المشتركة.
أين نحن من سلم الأولويات؟ ما الذي يجعلنا نغفل عن الهدف المشترك في مواجهة الظلم والعدوان؟ أين الفهم الذي يقودنا نحو وحدة الموقف في مواجهة الإسلاموفوبيا واستهداف الجالية بعقيدتها وقيمها؟ النتيجة الوحيدة لهذه الفتن هي المزيد من التشرذم والفوضى، وفي النهاية الجميع سيخسر. الفتنة لا تؤدي إلا إلى الأذى  والشرذمة، وأي فئة تغرق فيها ستجد نفسها تائهة، بلا بوصلة توجهها.
الفتنة هي أخطر ما يهدد المجتمعات، فهي تزرع الشقاق والفرقة بين الأفراد والجماعات. وما يثير الأسى أن البعض ينزلقون إليها بسهولة، رغم ما نشهده من مآسٍ مستمرة، خصوصاً في فلسطين. في وقت كان يجب أن نتوحد ضد الظلم، نجد البعض ينشغلون بالتفرقة المذهبية والعنصرية، مما يضعف الجهود الجماعية ويؤدي إلى انهيار الثقة والوعي الجمعي.
الحل الوحيد يكمن في الفهم السليم والتعاطي الحكيم مع الأزمات، وإعادة ترتيب أولوياتنا. الفتنة لن تجلب لنا إلا المزيد من التشظي والانقسامات. الطريق الوحيد نحو النجاة هو توحيد الصفوف والتمسك بالقضايا المشتركة، بعيداً عن التناحرات التي لا طائل منها. 
ثمن الفتنة يدفعه الجميع بلا استثناء، ولم يعرف التاريخ رابحاً منها. الخوف أن نفيق يوماً وقد فعلت الفتنة فعلتها، وقد شمت الخصوم  وكان الوقت قد فات. عندها، لا ينفع الندم. 
اللهم اني بلغت اللهم فاشهد!

 

*صورة المادة الخبرية من موقع freepik  لأغراض توضيحية.

الكلمات الدالة