Sadaonline

حالة الاستقطابات الشديدة: إلى أين تتجه الحضارة الإنسانية؟

قبول أو تبرير القتل الجماعي وحملات التجويع يعكس انهيارًا خطيرًا للقيم الإنسانية الأخلاقية

سامر المجذوب ـ مونتريال 

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، تم تأسيس عصبة الأمم عام 1919 بموجب معاهدة فرساي، بهدف تعزيز التعاون الدولي وتحقيق السلام. ومع انتهاء دورها فيالعشرين من شهر نيسان - أبريل من العام 1946، انتقلت جميع أصولها إلى الأمم المتحدة، مما أرسى أساس النظام العالمي الجديد. شهد هذا النظام تطورًا كبيرًا بعد الحرب العالمية الثانية مع إنشاء هيئات دولية تركز على حقوق الإنسان والحريات العامة و إستقلالية الشعوب في اختياراتها و مصيرها .
كان يُفترض أن تتعزز القيم الحضارية المرتبطة بحقوق الإنسان وتجنب الظلم والطغيان، مع بروز مفاهيم الديمقراطية وحرية التعبير. لكن الواقع أظهر نكسات متكررة تتعارض مع هذه التطلعات. تدهورت الأوضاع في العديد من المناطق، وأصبح النظام الدولي المأمول في مهب الريح.
في العقود و السنوات الأخيرة، شهدنا زيادة في الحروب والدمار الشامل، حيث عانى المدنيون، بما في ذلك النساء والأطفال، من ويلات النزاعات المسلحة و اعتداء جيوش منظمة على شعوب عزّل بهمجية يندى لها الجبين .

يُثير هذا الانهيار المدوي للقانون الدولي تساؤلات عميقة حول مستقبل الحضارة الإنسانية.

إن قبول أو تبرير القتل الجماعي وحملات التجويع يعكس انهيارًا خطيرًا للقيم الإنسانية الأخلاقية.

الأمر الأكثر خطورة هو التأييد الذي تُظهره بعض القوى التي تدّعي الدفاع عن الحضارة الإنسانية لحالة السقوط الأخلاقي المروعة. إن غياب المنطق والضوابط يثير القلق حول مستقبل البشرية. 

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل امتد إلى استهداف الأصوات التي تدعو إلى احترام الإنسان ورفض التجويع والتطهير العرقي وسياسات التدمير المنهجي. فقد تعرض العديد ممن احتجوا على حروب القتل الجماعي لحملات تخويف وطرد من أعمالهم واستهداف شخصياتهم بالتشويه والتهديد.

تتجه الأمور نحو استقطابات شديدة تهدد القيم التي بُني عليها القانون و النظام العالمي. هذا يدفع الى سؤال كبير و خطير جدا ، هل سنعود إلى مفاهيم السلام وحقوق الإنسان، أم سيكون الانهيار هو الخيار السائد؟

لا شك ان الحضارة الإنسانية تتجه نحو مفترق طرق، امّا يستفيق العالم و القوى النافذة فيه لرأب الصدع  قبل الوصول الى نقطة اللاعودة او البشرية في حالة انحدار مخيف لا  يحمد عقباها   لأجيال قادمة .

الكلمات الدالة