Sadaonline

"الحرملك الامريكي" او ضرب الحبيب الأمريكاني اطيب من أكل الزبيب الكاليفورني

"الحرملك الامريكي" او ضرب الحبيب الأمريكاني اطيب من أكل الزبيب الكاليفورني

 

د. علي ضاهر - مونتريال

 

هل تحب امريكا؟ ردي البديهي على هذا السؤال هو: هل علي ان أحبها؟ هل هي تحبني حتى أبادلها نفس الشعور؟ أم علي ان أحبها حُبّاً افلاطونيا كوسيلة ارتقاء للتأمل في الإله الأمريكي القوي؟ ام من واجبي الوقوع في غرامها من طرف واحد وذلك بالرغم من كل ما قامت وما زالت تقوم به من إعتداء على العرب، من مسلمين ومسيحيين! فأنا لست من الماسوشيتيين الذين يستمتعون بتلقي الألم من الآخرين ولا من المصابين بمتلازمة ستوكهولم التي تخلق بالصدمة رابطا عاطفيا قويا بين شخصين أحدهما يضايق ويهدّد ويخيف ويضرب الآخر! كما ولا أؤمن بأن "غضب العشاق كمطر الربيع والجمرة من الحبيب تفاحة"! هذا الى عدم استساغة المثل القائل ان "ضرب الحبيب زبيب وحجارته حَبّات رُمّان"! وحتى لو افترضنا جدلا صحة هذا المثل، فهل يجوز للحبيب استعمال حب زبيب وحب رُمّان وزن كل حبة منها فوق 1000 كيلوجرام لإثبات حبه لي وللعرب وخصوصا لأهل غزة ولبنان!

 

بالمناسبة، يقال، وبعض ما يقال قد يجافي الحقيقة، ان أول مرة طبّق فيها المثل "ضرب الحبيب زبيب" كان على المرأة بهدف إخضاعها لسيطرة الرجل وتعويدها على تصرفاته وحثّها على تقبلها كلها دون استثناء، حتى تلك العينفة منها. وما على المرأة المعنفة، في تلك الايام، الا الرضا، طوعا او جبرا، خوفا من إهمالها ونكرانها مما قد يؤدي الى طردها من الحرملك التابع له مع ما يستتبع ذلك من حرمان وبؤس وضياع.

سلوك رأس الحرملك في تعامله مع جواريه يمكن اسقاطه على تصرفات أمريكا مع معظم الحكام العرب. فأمريكا، التي تأسست على القتل والتهجير وسلب اراضي الاخرين، تؤمن بثقافة العنف وتطبقه في تعاملها مع الاخرين ولا سيما مع العرب حيث تطلب منهم الإيمان بمتلازمة ستوكهولم وبالماسوشية كما وتحثّهم على مراعاة أمثال بلادهم الشعبية مثل: "غضب العشاق كمطر الربيع، والجمرة من الحبيب تفاحة"، او"ضرب الحبيب زبيب وحجارته حَبّات رُمّان". فهذه الأمثال تخدم مصلحة امريكا. وهي أمثال يستسيغها ايضا معظم رؤساء وملوك العالم العربي ويطبقونها في معاملاتهم مع شعوبهم، فهم لا يحترمون مواطنيهم بل يعاملونهم بأسوأ معاملة وأقبحها وبالرغم من ذلك فهم يريدون منهم الحب والوفاء وترداد شعار "بالروح بالدم نفديك يا زعيم"! بينما هؤلاء الرؤساء والملوك ذاتهم يتلهفون لإرضاء أمريكا معربين عن حبهم لها ومعلنين عن سعادتهم الانضمام الى "حرملكها" وعيشهم فيه كمحظيات وجاريات بعد ان تمّ تطويعهم بالتخويف والعنف غالبا سيما وان امريكا تقييمهم في النظام العالمي حسب نظرية تقول: قاطع رئيسا او ملكا عربيا وحاصره وعذبه، تراه يغني لك "ضرب الحبيب الأمريكاني مثل أكل الزبيب الكاليفورني"!

 

هذا التصرف تجاه أمريكا لا يجوز حصره بالرؤساء والملوك العرب فقط، إذ يبدو ان هناك العديد من العرب العاديين متأمرك أكثر من ملوكهم ورؤساءهم لا بل واكثر من بعض الأمريكيين أنفسهم. فمنهم من تأمرك تهديدا ومنهم من تأمرك ترغيبا ومنهم من تأمرك إنبهارا بقشور حضارية امريكية، وما بدلوا تبديلا. هؤلاء العرب العاديون المتأمركون يحلمون ايضا بالإنضمام للحرملك الامريكي. هم ايضا يمؤمنون بشعار: "ضرب الحبيب الأمريكاني اطيب من أكل الزبيب الكاليفورني"!

 

*صورة المادة الخبرية من موقعfreepik لأغراض توضيحية.

الكلمات الدالة