Sadaonline

تحمل العنصرية وعانى بصمت

تحمل العنصرية وعانى بصمت

 

د.علي ضاهر

 

لا بد انكم سمعتم عما جرى للنائب هارون بوعزّي، ممثل حزب التضامن الكيبيكي (QS)  اليساري في الجمعية الوطنية الكيبيكية. لكن لا ضير من التذكير كون الذكرى قد تنفع المؤمنين. فهارون بوعزّي، نائب من اصول تونسية، وجد نفسه في مهب عاصفة انتقادية بسبب كلام أدلى به عن وجود عنصرية في الجمعية الوطنية في كيبك. فهو، خلال خطاب، قال: "يعلم الله أنّي أرى في الجمعية الوطنية كلّ يوم (كيف يتمّ) تكوين هذا (الشخص) الآخر، هذا الآخر الذي هو من شمال إفريقيا، الذي هو مسلم، الذي هو أسود، الذي هو من السكان الأصليين، وثقافته التي، بحكم التعريف، ستكون خطيرة أو أقلّ شأناً".

 نتيجة لهذا القول تعرض النائب هارون بوعزّي الى هجوم عنيف جاء من مختلف الجهات والاحزاب المتمثلة في الجمعية العمومية الكيبيكية، ما عدا طبعا حزب التضامن الكيبيكي (QS) اليساري. هجوم تفوح منه رائحتان: الاولى رائحة محلية انتخابية تسعى من خلالها الاحزاب المتمثلة في الندوة البرلمانية الكيبيكية لزيادة رصيدها لدى الناخب الابيض الفرنسي والكاثوليكي على ضهر الجاليات المهاجرة لا سيما الجاليات العربية والمسلمة، والثانية رائحة خارجية يمثلها اليمين العنصري الغربي الذي يتمدد في الغرب ويتمظهر فكريّاً، واجتماعيّاً، وتنظيميّاً، وسياسيّاً من خلال منظومة مفاهيم عنصريّة واستعلائيّة بشكل عام. هذا الهجوم يسعى عن طريق الإعلام والمنابر الى ترويج فكرة تتلخص بأن هناك فئة "متحضّرة" و"متفوّقة" يمثلها الغرب وفئات اخرى "متخلفة" و"رجعية" تمثلها باقي الدول. في كيبيك، الفئة"المتحضّرة" و"المتفوّقة"هي فئة البيض الفرنسيين الكاثوليك، وهي الفئة التى تعرف أكثر من غيرها معنى الحرّيّة والديمقراطية والحضارة والعلمانية. اما باقي الاقليات الموجودة في كيبيك والتي جاءت اليه من بلاد غير غربية فهي تمثل الفئة الاخرى"المتخلفة" و"الرجعية"، وهذه الفئة لا قدرة لها على اللحاق بقطار الحضارة، فأفرادها ما زالوا واقفين في ظلمات ثقافات ما قبل عصر الأنوار الغربيّ، السائد في كيبيك والذي تتبناها الفئة البيضاء الكاثوليكية المسيطرة.  

 لكل هذا فعندما قام النائب الكيبيكي هارون بوعزّي وصرح عن وجود عنصرية في الجمعية الوطنية مبينا كيف يتمّ تكوين الآخر الشمال إفريقي او المسلم او الأسود، اومن السكان الأصليين، وكيف يتم التشهير بثقافتهم والقول انها ثقافة خطيرة أو أقلّ شأناً"، قامت الدنيا عليه ولم تقعد بعد. وطلبوا منه ليس فقط السكوت بل الاعتذار ايضا وكانهم يريدون من هارون بوعزي ومن امثاله الذين يفضحون العنصرية واو يتعرضون لها ان يسكتوا وان لا يعبروا عن ذلك بل عليهم ان يتحملوا الاهانة والمعاناة بصمت.    

 

 

* الصورة من النائب هارون بوعزي

 

 

 

 

الكلمات الدالة