د. علي ضاهر
ورد خبر في موقع " صدى اونلاين" عن إيقاف طالبتين من مدرسة ثانوية إحداهن لارتدائِها تنورة طويلة والأخرى فستانًا طويلًا وذلك خلال اليوم الذي تسمح فيه المدرسة للطلاب ارتداء ما يعجبهم من ملابس. ووفقاً لشهود عيان، فإن ملابسهما لم تنتهك أي قواعد. لكن مدير المدرسة، لعنصريةٍ كامنة في نفسه وتحيز ضد المسلمين يختمر في رأسه، اِرتأى استهداف الفتاتين الصغيرتين، مشيراً إلى أن ملابسهما جعلته "غير مرتاح".
عند قراءة الخبر تذكرت بيتا للشاعر العراقي سبط أبن التعاويذي يقول فيه: "إذا كان رَبُّ البيتِ بالدفِّ ضارباً / فشيمةُ أهلِ البيت كلِّهِمُ الرَّقصُ". فإذا كان للشاعر المذكور، عندما نظم قصيدته، موقفا ضد الموسيقى والرقص، فإننا في الوقت الراهن نستعمل بيت الشعر هذا للتركيز على وضع الأب، رأس العائلة، او القائد، رئيس القوم، الذي يعتبر قدوة يتبعه باقي أفراد العائلة او المجموعة. فإذا جاء سلوك الأب او الرئيس حميداً كان لباقي الأفراد سلوكا مشابها. وإذا كانت تصرفات رب العائلة او الحاكم فاسدة وسيئة واكبتها ووَاءمَتها تصرفات باقي الأفراد. بإختصار، اذا كان الوالد او الحاكم للدّف ضاربًا فسيقوم الأولاد او الجماعة بالرّقص على إيقاع موسيقاه! اما إن لم يجاروا الأب او الرئيس في رقصهم على إيقاع الدف فينطبق عليهم ما قاله الشاعر طرَفة بن العبد في معلقته "إِلى أَن تَحامَتني العَشيرَةُ كُلُّها وَأُفرِدتُ إِفرادَ البَعيرِ المُعَبَّدِ". فلا عتب إذاً على مدير مدرسة استهداف فتاتين صغيرتين لأن يعلن عن عدم ارتياحه لملابسهن، سيما وان حاكم مقاطعة، أَجَّل القراء، فرنسوا ليغو، قد تكلم عن "أزمة دينية" في المدارس عزاها الى وجود "إسلاميين" يصلّون في الشوارع، معتبراً ان ذلك سعياً للقضاء على العلمانية، فحمل سيفه الدنكوشوتي معلناً انه سيحارب الإسلاميين من أجل حماية هوية وقِيَم كيبيك.
فماذا ينتظر من مدير يشاهد رئيسه يضرب بدف العنصرية؟ هل كان من المنتظر ان نراه متفهماً ومتقبلاً للحشمة، ام انه سيكون مسرورا ومرتاحا قرير العين لو قامت فتيات مدرسته إرتداء "الميني جيب" او "الديكولتيه"! وماذا يمثّل تصرفه؟ الا يمكن القول انه تصرفٌ تمييزي ومثالٌ صارخ على كراهية الاسلام! فالتمييز والعنصرية وكره المسلمين أمور متأصلة وبنيوية في المجتمع الغربي بشكل عام.
اننا نعيش مرحلة حرجة ينقر فيها رئيس وزراء مقاطعة كيبيك على دف العنصرية والتمييز ضد المسلمين فيتراقص على صوته مدراء وكتاب ونخب وجمهور واسع من اهل كيبيك، بينما، وهذا ما يدعو للأسف، ان مسلمي كيبيك لم يصلوا بعد الى مرحلة وضع كره الاسلام على رأس أعمال المجتمع والحكومتين الكيبيكة والكندية. فصوتُهم ما زال خافتاً رغم تعرضهم، اكثر من غيرهم، للتمييز وللعنصرية. لكنهم، في اغلب الاحيان، لا يشتكون بل يتألمون بصمت.
من المفارقات المضحكة المبكية ان تشهد كندا زيادة مثيرة للقلق في الحوادث والتهديدات وجرائم الكراهية للمسلمين، بينما نسمع عن انعقاد منتدى وطني لمكافحة معاداة السامية في فبراير 2025 في أوتاوا، برئاسة وزراء وبحضور وازن لممثلين عن الحكومة الفيدرالية وحكومات المقاطعات والبلديات، بالإضافة إلى سلطات إنفاذ القانون والمدّعين العامين، لمناقشة التهديد المتزايد ... لمعاداة السامية!
فرحم الله من قال: الفاجر بياكل مال التاجر!
*الصورة من موقع freepik لاغراض توضيحية
198 مشاهدة
24 ديسمبر, 2024
465 مشاهدة
24 ديسمبر, 2024
406 مشاهدة
20 ديسمبر, 2024