مونتريال – تقرير خاص
في لقاء امتدّ على مدى ساعتين في قاعة نهاد حديد، عرض المرشّح لرئاسة بلدية مونتريال لوك رابوين (Luc Rabouin) من حزب Projet Montreal رؤيته السياسية والاجتماعية حيال قضايا الهوية، الإسلاموفوبيا، الأمن المجتمعي، وأزمة السكن، مؤكدًا أن مونتريال «مدينة لجميع أبنائها»، وأنّ دوره — في حال فوزه — سيكون "تحويل هذه المبادئ إلى سياسات عملية معلنة وواضحة".
كان اللقاء مناسبة للحوار المباشر بين رابوين وممثّلين عن منظمات المجتمع الإسلامي، في ظلّ تصاعد التوتّرات حول قانون 21 وازدياد الشعور بالاستهداف لدى العديد من الكيبيكيين المسلمين.
طرحت فعاليات الجالية الإسلامية في مونتريال، خلال اللقاء الحواري الأخير مع المرشّح لرئاسة البلدية، مجموعةً من المطالب التي تعكس أولوياتها في المرحلة المقبلة.
طرحت فعاليات الجالية الإسلامية في مونتريال، خلال اللقاء الحواري الأخير مع المرشّح لرئاسة البلدية، مجموعةً من المطالب التي تعكس أولوياتها في المرحلة المقبلة، مركّزةً على الأمن، والمساواة، والتمثيل المؤسسي.
في مقدمة هذه المطالب جاء تعزيز حماية المساجد والمراكز الإسلامية، في ظلّ تزايد حوادث الكراهية، مع الدعوة إلى تخصيص برامج تمويل واستجابة سريعة لأي تهديدات محتملة. كما طالب المشاركون بـ تيسير حصول الجمعيات على المنح البلدية، وإشراكها في وضع وتنفيذ المشاريع المجتمعية.
وشدّد الحضور على أهمية أن تتبنّى المدينة سياسة رسمية للعَلمانية المنفتحة، تحمي حرية المعتقد والممارسة الدينية من دون تهميش أو إقصاء، وأن تعكس هذه السياسة خصوصية مونتريال كمدينة متعددة الثقافات.
وفي السياق الاجتماعي، دعت مداخلات إلى دعم وحدة مكافحة جرائم الكراهية في جهاز الشرطة، وتمكينها من الموارد اللازمة، إلى جانب توسيع برامج الإدماج والتوعية في المدارس والأحياء، لمواجهة الصور النمطية وتعزيز ثقافة الاحترام.
كما طُرحت الحاجة إلى تمثيل أكبر للمسلمين في هيئات البلدية واللجان الاستشارية، لضمان حضور أصواتهم في صنع القرار.
ورأى المتحدثون أنّ نجاح أي إدارة بلدية مقبلة يقاس بقدرتها على «تحويل الخطاب الداعم للتنوّع إلى إجراءات ملموسة تحمي كرامة السكان جميعًا".
معادلة اختبارها التنفيذ
يخرج اللقاء بخريطة طريق أولية: تعهدٌ بإعلان سياسة/ميثاق للعَلمانية المنفتحة، تعزيز جسور الثقة مع المجتمعات، أدوات لحماية السكن الميسور ومقاربة واقعية للأمن المجتمعي؛ يقابله سُلّم مطالب من المجتمع المدني: سياسة مُعلنة، تمويل وأمن، تشارُك مؤسسي، وخطاب بلدي واضح في وجه الاستهداف.
بين الخطاب والتنفيذ، سيبقى المواطنون—ولا سيما المسلمون—يراقبون: هل تتحوّل الهوية المنفتحة لمونتريال إلى سياسات تُشعِر الجميع بالأمان والكرامة؟ أم تبقى رهينة الرموز في موسم انتخابي قصير؟
بدت الرسالة موحّدة: الجالية الإسلامية في مونتريال لم تعد تطلب حمايةً رمزية، بل تريد اعترافًا حقيقيًا بها كجزءٍ أصيل من نسيج المدينة، قادرة على أن تسهم في صياغة مستقبلها السياسي والاجتماعي.
هوية المدينة أولاً: فخر التنوع ورفض الانغلاق
استهلّ المرشّح لرئاسة بلدية المدينة رابوين مداخلته بالتأكيد على أنّ مونتريال ليست كبقية مدن كيبيك، فهي "تعيش التنوّع لا كشعار بل كواقع يومي"، وأن هذا الواقع "يفرض مسؤولية إضافية على من يديرها". وأضاف:
"نحن في المدينة التي تحتضن أكبر التنوّعات الدينية والثقافية في المقاطعة. الاعتراف بالتنوّع ليس مجاملة، بل أساس في هويتنا. أنا أريد أن أكون رئيس بلدية للـ514، أي لكلّ من يسكن هذه المدينة ويؤمن بها".
وأشار إلى أنّ هذا الفخر بالهوية المنفتحة «لا يتناقض مع قيم الجمهورية والعَلمانية»، بل يستمد منها قوته: "نحن فخورون بأننا مدينة كوزموبوليتية، مفتوحة على العالم، مرحّبة، إنسانية. لسنا مثاليين، ولكننا نحمي قيمنا في وجه الانغلاق والخوف".
العَلمانية المنفتحة: نحو ميثاق بلدي رسمي
في أكثر محاور اللقاء حساسية، تناول رابوين النقاش الدائر حول العَلمانية في كيبيك وما يُسمّى بـ"النموذج المغلق" الذي يراه كثيرون مبررًا لتهميش رموز دينية معينة. وقال إنّ مونتريال تحتاج إلى تعريفها الخاص للعَلمانية:
«ما نحتاجه هو سياسة بلدية واضحة تترجم رؤيتنا، ربما في شكل ميثاق للعَلمانية المنفتحة، أو عبر تعزيز ميثاق الحقوق والمسؤوليات الحالي. لكن الأهم أن تكون هذه السياسة ثمرة نقاش مع المجتمع المدني حتى تُبنى على التوافق».
وأكد أنّ هدفه "ليس مواجهة كيبيك بل ترسيخ هوية المدينة" التي "ترى في التنوّع مصدر قوة لا تهديد".
الاعتراف بالعنصرية المنهجية… وخطوات المواجهة
ذكّر رابوين بأنّ مجلس المدينة اعترف رسميًا بوجود عنصرية ممنهجة داخل مؤسسات مونتريال، وتم تأسيس مكتب لمكافحة العنصرية المنهجية وتعيين مفوّض مختصّ بمتابعة العلاقة مع المجموعات المتضرّرة.
لكنّه اعترف بأنّ الاعتراف "ليس كافيًا بحدّ ذاته":"الاعتراف بالعنصرية خطوة أولى، لكن المعركة الحقيقية هي في السياسات اليومية وفي الثقافة الإدارية. علينا تطوير شراكات حقيقية مع المنظمات والمراكز التي تمثّل المجتمعات المتنوعة".
الأمن المجتمعي: تفهّم المطلب وحذر قبل الوعود
تلقّى ارابوين سؤالا حول أمن المساجد والمراكز الإسلامية في ظلّ ازدياد التهديدات. وردّ بالقول إنّ المدينة "تتعامل بجدية تامّة مع هذه المخاوف"، مشيرًا إلى إصلاحات داخل جهاز.
لكنه تجنّب إعطاء وعود مالية مباشرة: "أدرك تمامًا القلق الموجود، لكن لا أريد أن أقدّم وعودًا لا يمكن تنفيذها. سنتدارس كيف يمكن للمدينة أن تقدّم دعمًا مباشراً، أو أن تنسّق مع برامج فدرالية قائمة لتقوية الحماية الأمنية للمؤسسات الدينية".
بين نقد الدول ومعاداة الجماعات: "خطٌ لا يجوز خلطه"
خلال نقاشٍ حول لقاءاته مع منظمات صهيونية ، أوضح رابوين أنه يلتقي جميع المكوّنات بحكم مسؤولياته السياسية، وأنّ اللقاء "لا يعني تمويلاً أو تبعية".
وشدّد على ضرورة التمييز بين نقد سياسات الدول ومعاداة الجماعات: "اليهود في مونتريال غير مسؤولين عن قرارات إسرائيل، والمسلمون والعرب غير مسؤولين عن قرارات الشرق الأوسط. كلّنا مونترياليون، ويجب أن يشعر كلّ فرد بالأمان بغضّ النظر عن ديانته".
وأكد أن هذا المبدأ "يجب أن يكون جوهر أي سياسة بلدية تحمي السلم الاجتماعي".
الشرطة والاندماج: التغيير يبدأ من الداخل
أشاد رابوين بعمل قائد الشرطة فادي داغر، معتبراً أن لديه "العقلية الصحيحة لإحداث التحوّل المطلوب في ثقافة الجهاز"، وأشار إلى أنّ التغيير في مؤسسة بهذا الحجم "يتطلّب وقتًا"، لكنه يرى مؤشرات مشجّعة على انفتاح أكبر تجاه المكوّنات الدينية والإثنية.
وقال:"العمل الحقيقي هو في الميدان، لا في البيانات. نحن نريد شرطة تعرف الناس وتتعامل معهم كمواطنين، لا كملفّات".
أزمة السكن: حقّ العيش الكريم للجميع
لم يغب البُعد الاقتصادي والاجتماعي عن خطاب رابوين، إذ خصّص جزءًا مهمًا من مداخلته لشرح خطة حزبه “بروجيه مونتريال” لمواجهة أزمة السكن.
أوضح أنّ المشكلة "وطنية"، لكنها "تأخذ في مونتريال طابعًا أكثر قسوة بسبب غلاء الإيجارات وهشاشة الفئات الجديدة". وتعهّد بتقليص آجال الرخص العمرانية 50% وتحويل السياسات نحو إسكان غير ربحي (خارج السوق) يحافظ على الاختلاط الاجتماعي.
كما كشف عن صندوق ضمان بنكي بقيمة 100 مليون دولار لمساعدة المنظمات غير الربحية على اقتناء مبانٍ وتثبيت الإيجارات، وأشار إلى أن المدينة اشترت مؤخرًا 700 وحدة سكنية لمنع المضاربة العقارية:
"هدفنا ألا تتحوّل مونتريال إلى تورونتو أو فانكوفر، حيث يسكن فقط من يملك الثروة. نريد مدينة يمكن للجميع أن يعيش فيها بكرامة".
القيادة أن نقف عندما يتعرّض الناس للتمييز
رابوين قال ايضا : "مهمّتنا أن نحافظ على فكرة المدينة المنفتحة، مدينة الحقوق والمواطنة المتساوية".
وختم بالتأكيد على أنّ قيادته لن تكون "إدارية فقط، بل قيمية أيضاً": "القيادة ليست أن نُصدر بيانات، بل أن نقف عندما يتعرّض الناس للتمييز. مونتريال يجب أن تكون المدينة التي يشعر فيها الجميع بأنهم في بيتهم".
بعض المداخلات
محمد الجندي : هدفنا هذا المساء هو نقل هموم وآمال وأولويات مجتمعنا
محمد الجندي من المنتدى الإسلامي الكندي افتتح اللقاء مرحبا بالسيد لوك رابوين، زعيم حزب بروجيه مونتريال، وفريقه والحاضرين من الجالية وقال: إنّ التزامكم ومساهمتكم يعكسان قوّة وتماسك مجتمعنا.
وقال الجندي " يندرج هذا اللقاء في إطار روح من التعاون والتنسيق بين عدد من المؤسّسات والمنظّمات الإسلامية، بهدف تعزيز الحوار المدني والمشاركة المواطنيّة. وهو جزء من سلسلة لقاءات تواصلية مع الفاعلين والمرشّحين في الانتخابات البلدية المقبلة.
هدفنا هذا المساء هو نقل هموم وآمال وأولويات مجتمعنا، الذي يشكّل جزءًا فاعلًا وأساسيًا من النسيج الاجتماعي في مدينة مونتريال.
ومن خلال حوارٍ منفتحٍ ومحترم، نطمح إلى الإسهام في بناء مدينةٍ عادلةٍ، جامعةٍ، ومتضامنة — مدينة يشعر فيها كلّ مواطنٍ أنّه معترفٌ به ومُحترَم".
ياسر لحلو : على مونتريال أن تمتلك صوتًا قويًا ومستقلًا على مستوى المقاطعة في الدفاع عن العَلمانية المنفتحة
ياسر لحلو من المجلس الوطني للمسلمين الكنديين قال في مداخلته : " إذا كان هذا الحضور الكبير من مختلف مناطق مونتريال اليوم، فذلك لأن الوضع الذي نعيشه أصبح يمسّنا جميعًا بعمق.
مداخلتي تتناول ثلاثة محاور أساسية:
أولًا، السياق العام الذي تعيشه الجالية المسلمة في كيبيك؛
ثانيًا، نظرتنا إلى موقع مونتريال ودورها؛
وثالثًا، بعض التوصيات التي نأمل أن تحظى بدعمكم وملاحظاتكم لبناء مدينة يشعر فيها الجميع بالانتماء والأمان.
وكما أشرتم، فإنّ التشريعات الصادرة مؤخرًا عن حكومة كيبيك تُشعر المسلمين بأنهم مستهدَفون بشكل مباشر. أمس فقط، كنت مع الإمام نبيل في منتدى مسيحي، وكان هناك إجماع على أنّ هذه القوانين ليست دفاعًا عن العَلمانية، بل هي في جوهرها قوانين تمييزية تستهدف فئة دون أخرى — هي الجالية المسلمة.
وعلى المستوى اليومي، تتفاقم المؤشرات المقلقة. فقبل أسابيع، تم الدعوة للتظاهر أمام أحد المساجد في مونتريال، والمنظّم استخدم اسم المستخدم “ألكسندر بيسونّيت” — وهو اسم قاتل معروف. أنتم شجبتم الحدث، ونحن نقدّر ذلك، لكن مجرّد وقوعه دليلٌ على عمق المشكلة.
من الصعب علينا فهم كيف يمكن أن يوجد في مونتريال مرشّحون يروّجون لخطاب إسلاموفوبي، لكن ما يبعث على الأمل هو أنّ الوعي المجتمعي في تصاعد. خلال الانتخابات الإقليمية الأخيرة عملنا على تحفيز المشاركة، واليوم، مع اقتراب الانتخابات ، أتلقى مكالماتٍ أكثر من أي وقت مضى من شبّان يريدون الانخراط. وهذا يعكس شعورًا بالأمل رغم القلق.
بالنسبة لنا، مونتريال ليست مدينة يمكن فيها التعايش فقط، بل مدينة يُحتفى فيها بالتنوّع. ومن هنا، وبعد التشاور مع عدد من الفاعلين في المجتمع، نطرح مجموعة من التوصيات العملية:
أولًا، على مونتريال أن تمتلك صوتًا قويًا ومستقلًا على مستوى المقاطعة في الدفاع عن العَلمانية المنفتحة. فبينما تفرض كيبيك نموذجًا مغلقًا وربما مناهضًا للدين، نؤمن نحن بأنّ العَلمانية الحقيقية تُقرّب الناس ولا تُفرّقهم. الدولة يجب أن تبقى محايدة، لكن الحياد لا يعني تجريد الأفراد من هويتهم أو منعهم من فرص العمل والمشاركة في الحياة العامة.
ثانيًا، نحتاج إلى آلية دائمة للتواصل بين البلدية والمجتمعات المتنوعة، بحيث لا يقتصر شعار الشمولية على الخطابات بل يُترجم في القرارات والسياسات.
ثالثًا، من الضروري تعزيز الأمن وحماية المراكز والمساجد، لأنّ الحوادث والخطابات العدائية تتزايد، ويتطلّب ذلك استجابة بلدية أكثر تنسيقًا وفاعلية.
وختامًا، إنّ بناء مونتريال آمنة ومتنوّعة ليس مسؤولية فئة واحدة، بل هو واجب جماعي، وهو ما نسعى إليه جميعًا.
مداخلة سلام الموسوي : المسلمون سيستحدمون ككيس ملاكمة
قال سلام الموسوي من مسجد اهل البيت واسبوع التوعية بالمسلمين إنّ ما يعيشه المسلمون في مونتريال اليوم لا ينفصل عن القلق العام المتصاعد داخل الجاليات المهاجرة، موضحًا أن معظم المهاجرين "جاؤوا إلى كندا بحثًا عن الأمان"، لكنهم يواجهون الآن "نوعًا من الإسلاموفوبيا المؤسسية" من خلال قانون 21 وغيره من التشريعات التي تقيّد حرية المعتقد.
وأضاف: "نحن نشعر بالقلق لأننا تركنا بلادًا مضطربة لنعيش بسلام، فإذا بنا نُستَخدم مرة أخرى كأداة سياسية". وأوضح أنّ الحكومة تخطط لتوسيع قانون 21 في الانتخابات المقبلة، "وسيُستعمل المسلمون ككيس ملاكمة اوكبش فداء من جديد".
وتابع الموسوي: "نحن لا نتحدث هنا باسم منطقة أو حزب، بل كمونترياليين يشكّلون 20% من سكان المدينة. ما نطلبه واضح: أن يتصرّف رئيس بلدية مونتريال — الحالي أو المقبل — كمدافع صريح عن حقوق مواطنيه المسلمين".
وختم بالقول: "للأسف، رئيسة البلدية الحالية لم تدافع عنا كما يجب. نحن ننتظر منكم موقفًا أقوى وأكثر وضوحًا في مواجهة كل محاولات استهدافنا".
مداخلة د. سميرة العوني: نريد أن تبقى مونتريال مثالًا يُحتذى به في المساواة الحقيقية، لا في الشعارات
شددت د. سميرة العوني رئيسة اسبوع التوعية بالمسلمين على أهمية اللقاءات المباشرة بين السياسيين والمجتمع المدني المسلم، "لأن الجالية المسلمة ليست كتلة واحدة بل مجموعة مجتمعات متنوعة تشكّل الغالبية الساحقة من مسلمي كيبيك، 90% منهم يعيشون في مونتريال".
وأكدت أنّ المدينة تتحمل مسؤولية خاصة في حماية هذا التنوّع، لأنّها تمثّل نموذجًا لما يمكن أن تكون عليه كيبيك إذا احتضنت الجميع.
وانتقدت ما وصفته بـ "الرمزيات السلبية" مثل إزالة لوحة المرأة المحجّبة من مبنى البلدية، قائلة: "السياسي يجب أن يتحلّى بالشجاعة ليتخذ الموقف الصحيح حتى لو واجه ضغوطًا".
واعتبرت أنّ العَلمانية الحقيقية تقوم على ثلاثة مبادئ: فصل الدولة عن الدين، المساواة بين الجميع، وحرية الضمير. أمّا ما تروّجه بعض الأحزاب في كيبيك فليس إلا "استغلالًا انتخابيًا".
وأضافت أنّ مونتريال تمتلك أدوات فريدة مثل مجلس النساء والمجلس الثقافي المتعدد، ويجب الحفاظ عليها وتعزيزها. وختمت بالدعوة إلى "توسيع صلاحيات المراكز المجتمعية» ودعم وحدة الشرطة المختصة بجرائم الكراهية، قائلة: "نريد أن تبقى مونتريال مثالًا يُحتذى به في المساواة الحقيقية، لا في الشعارات."
عباس حمود: ركّزوا على إعادة بناء الثقة مع الشباب
تحدّث د. عباس حمود باسم المجمع الاسلامي في مونتريال فقال "اتفقنا جميعًا هنا على مجموعة من السياسات التي أعتقد أنكم ستطّلعون عليها قريبًا. هدفنا الأساسي هو مناقشة هذه السياسات والتأكد من أن حزبكم سيلتزم بها فعليًا.
أودّ أن أفهم موقفكم من القوانين الحالية، وأن تطمئنونا حول الطريقة التي ستتّبعونها لتبنّي هذه السياسات وتنفيذها.
أريد أيضًا أن أشارككم انطباعي عمّا يجري في مونتريال اليوم: الحياة في المدينة أصبحت أصعب فأصعب. أسعار الإيجارات ترتفع بشكل غير مسبوق، والبنية التحتية في الشوارع تواجه مشاكل كثيرة.
وبصفتنا مسلمين، نشعر أننا نتعرّض للاستهداف أكثر من غيرنا من سكان مونتريال. فمراكزنا الدينية تتعرّض أحيانًا لمضايقات، ويصعب علينا في بعض الأحيان حجز المدارس لأنشطة إسلامية، وحتى بعض وسائل الإعلام تُوجّه انتقادات غير منصفة للمراكز الإسلامية.
هذه الأجواء تجعلنا نفقد شيئًا فشيئًا إحساسنا بالانتماء الكامل إلى المدينة، وهو أمر مؤلم جدًا، خاصة عندما نرى الشباب يفكرون في مغادرة مونتريال بحثًا عن مكان يشعرون فيه بقبولٍ أكبر.
لذلك، من المهم جدًا — إذا كنتم تريدون طمأنة الجالية — أن تركّزوا على إعادة بناء الثقة مع الشباب، وتشجيعهم على أن يكونوا جزءًا فاعلًا من المجتمع.
والطريق إلى ذلك، في رأيي، هو تعزيز العلاقة بين البلدية والمراكز الإسلامية؛ فكلّما ازداد التواصل والتعاون معها، أصبحت القيادات السياسية أقرب من الجيل الشاب، وأكثر فهمًا لهمومه اليومية.
لن أتطرّق كثيرًا إلى موضوع العريضة التي وقّعتموها ضدّ نظام الفصل العنصري، لكن أودّ القول إنها خطوة أخلاقية عالية نُقدّرها جدًا. لا أريد أن أُحمّلكم مزيدًا من الأسئلة حول صعوبة هذا القرار، رغم أنه من المؤسف أننا في عام 2025 ما زلنا نجد صعوبة في الوقوف العلني ضدّ الإبادة.
نأمل أن تنتهي هذه المرحلة قريبًا، وأن نعيش في واقعٍ أفضل. نحن فقط نريد أن نكون جزءًا من مونتريال الجميلة التي حلمنا بها، المدينة التي تمتاز بما لا تمتاز به أي مدينة أخرى: تنوعها الإنساني الذي يغنيها ويمنحها فرادتها".
وليم خربوطلي يدعو لصياغة "ميثاق بلدي للعَلمانية المنفتحة"
اعتبر المحامي وليم خربوطلي في مداخلة له أنّ مدينة مونتريال تملك فرصة فريدة لتوضيح مفهومها الخاص للعَلمانية، عبر صياغة "ميثاق بلدي للعَلمانية المنفتحة" يعبّر عن هوية المدينة ويبعث رسالة واضحة داخل كيبيك. وقال : "المدينة لا تملك صلاحيات تشريعية كالمقاطعة، لكنها قادرة على إصدار وثيقة رمزية تعلن موقفها من قيم الانفتاح والاحترام".
وأوضح أنّ الهدف من الميثاق ليس الدخول في مواجهة مع أحد، بل "تحديد معالم العيش المشترك على أسس إنسانية".
وانتقل خربوطلي إلى أزمة السكن، مشيرًا إلى أنّها تمسّ الجميع "مسلمين وغير مسلمين"، وسأل المرشّح عن الفارق بين خطة حزبه "بروجيه مونتريال" وخطط الأحزاب الأخرى في هذا المجال.
وشدّد على أنّ المدينة مطالبة بأن توفّر مساكن ميسّرة "تحفظ كرامة الناس وتمنع التمييز الاجتماعي»، معتبرًا أنّ المسكن "أحد وجوه العدالة التي لا تنفصل عن المساواة في الفرص".
مداخلة ممثل مسجد الأحمدية: نحتاج إلى ضمانات عملية تُظهر أن هذه المبادئ ليست شعارات انتخابية
استهلّ الشيخ نبيل ممثل مسجد الأحمدية كلمته بالإشارة إلى أنّ الخطابات التضامنية لم تعد كافية، قائلًا: "نسمع بيانات الشجب والإدانة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكننا لا نرى ترجمة فعلية على أرض الواقع."
وأوضح أنّ الجالية المسلمة، شأنها شأن سائر مكوّنات المجتمع، تريد «السلام والعدالة والمساواة بين الجميع» — سواء كانوا مسلمين أو يهودًا أو مسيحيين — لكنها في المقابل تحتاج إلى ضمانات عملية تُظهر أن هذه المبادئ ليست شعارات انتخابية.
وأضاف: "السلام لا يتحقق بالكلمات، بل بالأفعال المشتركة. فالحوار الحقيقي لا يعني التطابق في الرأي، بل الاحترام المتبادل رغم الاختلاف. علينا أن نبني السلام كما نبني المؤسسات: خطوة بخطوة، وبجهدٍ جماعي."
وأشار إلى أنّ مدينة مونتريال تُستَخدم كثيرًا في السجالات السياسية بمقاطعة كيبيك، خصوصًا في القضايا المرتبطة بالحجاب أو الصلاة في المدارس:
"كلما أثيرت قضية تتعلق بالإسلام، يُذكر اسم مونتريال. لذلك نحن بحاجة إلى قيادةٍ بلديةٍ واضحة وصوتٍ صادق يدافع عنّا بوصفنا مواطنين من أبناء هذه المدينة".
مداخلة ممثل ممثل جمعية الاحسان: امن المسجد واشراك المسلمين
طرح ممثل جمعية الاحسان مجموعةً من الأسئلة العملية والمباشرة على المرشّح لوك رابوين، تمحورت حول الأمن، والدعم المالي، والإدماج المجتمعي.
وسأل: "هل أنتم مستعدون لدعم تمويل إضافي لتعزيز أمن المساجد والمراكز الإسلامية في مواجهة جرائم الكراهية؟ وهل ستسعون إلى تسهيل حصول المنظمات المسلمة على المنح البلدية؟"
كما دعا إلى تعاون مؤسسي منظم بين البلدية والمنظمات المسلمة لتطوير برامج محلية تُعزز التفاهم والعيش المشترك، مشيرًا إلى أنّ هذه الخطوة "سترسّخ روح المواطنة وستحدّ من التمييز في الأحياء".
وختم بمطالبة المرشّح بأن يتعهّد بـ إشراك ممثلين عن الجالية المسلمة في اللجان الاستشارية البلدية، لضمان أن "يُسمع صوت المسلمين في صياغة السياسات العامة لا في التعليقات بعد صدورها."
مداخلة زهراء السيّد: كان ضروريًا أن تُعلن مونتريال نفسها مدينة ضدّ الفصل العنصري
قدّمت الناشطة زهراء السيّد مداخلةً ، تناولت فيها أثر الإسلاموفوبيا على المجتمع الكيبيكي بأكمله، وليس فقط على المسلمين.
وقالت: «الإسلاموفوبيا لا تضرّ المسلمين وحدهم، بل تضرّ المجتمع برمّته. وأوضحت أنّ بعض السياسيين في كيبيك "يستغلّون الخوف من الإسلام كأداة لإلهاء المواطنين عن أزمات حقيقية" مثل انهيار النظام الصحي وأزمة الوظائف، مضيفة:"كلما اشتدّت الأزمات الداخلية، يفتعلون نقاشًا حول الحجاب أو الصلاة في الشوارع ليكسبوا الأصوات."
وربطت زهراء بين هذا الخطاب وبين صورة المسلم في الإعلام الغربي، معتبرة أنّه "مهّد لتقبّل المآسي الإنسانية" مثل ما يحدث في فلسطين: "حين يُنزَع عن الإنسان المسلم بُعده الإنساني في الإعلام، يصبح موته مقبولًا في نظر البعض. لذلك كان ضروريًا أن تُعلن مونتريال نفسها مدينة ضدّ الفصل العنصري والتمييز، لتقدّم نموذجًا أخلاقيًا لشعوب العالم."
وانتقدت ما وصفته بـ ازدواجية المعايير في السياسة الكندية، مشيرة إلى أنّ بعض المرشّحين في أحزاب منافسة "يتلقّون دعمًا من جماعات ضغط صهيونية تعمل لصالح الاحتلال الإسرائيلي"، وقالت:"ما نحتاجه هو قيادة قوية تقول لا لهذه الهيمنة، وتُعيد تعريف العدالة بصوت مونتريالي شجاع."
وختمت بدعوةٍ إلى تمكين الأصوات المسلمة في الفضاء العام: "لا يكفي أن يُدافع عنا الآخرون حين نتعرّض للكراهية، بل يجب أن نمتلك نحن المنصات لنروي قصتنا، ونكسر الصور النمطية التي شوهت حقيقتنا."
وكانت مداخلات أخرى لممثلي عدة مراكز اسلامية وناشطين.
سامر المجذوب : نحن ندين الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية بالقدر نفسه
اختتم اللقاء بكلمة من رئيس المنتدى الإسلامي الكندي الأستاذ سامر المجذوب جاء فيها :
موقفنا واضح تمامًا: نحن ندين الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية بالقدر نفسه، دون أي تمييز بينهما.
يجب أن نرفض بشكلٍ قاطع أن يُستهدَف أيّ إنسان بسبب لونه أو دينه أو معتقده. ولكن — كما أشار كثيرون — إذا انتقدتُ حكومة إيران أو السعودية، فهذا لا يجعلني معاديًا للإسلام. ذلك يدخل في نطاق السياسة، وليس الكراهية الدينية.
وعندما نشارك في المظاهرات المناهضة للحروب، نجد أن 30 أو 40 في المئة من المشاركين ليسوا عربًا ولا مسلمين، ومع ذلك يقفون معنا من منطلق إنساني. أقول هذا لأوضّح أنّ القضية أكبر من أي انتماء ديني ضيّق.
أما اليوم، فهناك تحديات متنامية تتعلق بظاهرة العصابات في الشوارع، خصوصًا بين أبناء الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين. هذه مشكلة اجتماعية بالأساس، سببها التهميش والعزلة. فعندما يُستهدف الشاب باستمرار، ويُحرم من الفرص، ويُعامل كغريب رغم أنه وُلد هنا، فمن الطبيعي أن يشعر بالاغتراب ويتصرّف بطريقة مختلفة.
جميع هؤلاء الشباب وُلدوا ونشأوا في كيبيك، وحين يُقال لأحدهم «ارجع إلى بلدك»، وهو أصلاً من مواليد كيبيك، فذلك جرح عميق لا يُحتمل.
وبالحديث عن الإسلاموفوبيا، يجب أن نذكّر بأنّ العَلمانية لا تُختزل في وجه واحد. نعم، هناك تفسيرات متعددة، لكن ينبغي قول الحقيقة: في لحظةٍ حسّاسة احتاجت فيها الجالية المسلمة إلى من يقول "لا" بوضوح ضد الإقصاء، كان الصوت الداعم من داخل المجتمع، من أشخاص تحلّوا بالشجاعة الأخلاقية. وهذا يثبت أن المواقف الأخلاقية لا تحتاج إلى سلطة رسمية لتكون مؤثرة.
إذا أُتيح لكم أن تفوزوا في الانتخابات، فنحن نتطلع إلى أن يكون موقفكم هو ما نسمّيه العَلمانية الجامعة — تلك التي تحتضن الجميع بدل أن تُقصي أحدًا.
أختم بالقول: بارك الله فيكم جميعًا. هذا اللقاء ثمرة تعاون وتنسيق بين كلّ الحاضرين، وأنا أقدّر الجهد الجماعي الذي بُذل في تنظيمه. ما يميّز مجتمعنا هو أنه يتوحّد دائمًا عندما تواجهه قضايا كبيرة. وهذه الوحدة هي أعظم نعمة لدينا."
51 مشاهدة
30 أكتوبر, 2025
91 مشاهدة
30 أكتوبر, 2025
135 مشاهدة
30 أكتوبر, 2025