قبْل يومين عبر المنتدى الإسلامي الكندي في بيان له عن " قلقه العميق وإدانته الشديدة للتصريحات ذات الطابع الإسلاموفوبي المنسوبة إلى المرشح لرئاسة احدى البلديات في مونتريال على لائحة حزب «Ensemble Montreal» تييري دارايز والتي تضمنت وصف المسلمين بـ"المتطرفين الملتحين"، إضافة إلى مهاجمة أميرة الغوابي، الممثلة الخاصة للحكومة الكندية لمكافحة الإسلاموفوبيا، واتهامها بأنها "امرأة خطيرة". كما سبق لدارايز أن نشر منشورًا ساخرًا حول قطاع غزة، اعتُبر استخفافًا بمعاناة المدنيين هناك. ووصف المنتدى هذه التصريحات بأنها "مهينة وغير مقبولة، وتغذي مناخًا من الكراهية والعداء، لا سيما ضد النساء المسلمات، وتهدد قيم مونتريال القائمة على الاحترام والمساواة والتعددية".
جرى تواصل بين بعض المسؤولين في الجالية ورئيسة الحزب وطالبوها بموقف واضح من هذه التصريحات .
وطالب المنتدى الاسلامي الكندي في بيان له السيدة مارتينيز فيرادا بموقف يتضمن عدة نقاط لتخفيف التوتر الذي عم الجالية الاسلامية وحتى يتم تعزيز التفاهم المتبادل، وصون كرامة الجميع، والتصدي بكل حزم لكل أشكال التمييز والكراهية".
النقاط التي تحدث عنها المنتدى كانت كالتالي :
- أن يقوم تييري دارايز بتوضيح مواقفه، وسحب تصريحاته، وتقديم اعتذار علني وصادق؛
- أن يوضح حزب«Ensemble Montreal» موقفه من الإسلاموفوبيا داخل صفوفه، ويتخذ الإجراءات اللازمة؛
- أن تعزز السلطات البلدية التزامها بمكافحة خطاب الكراهية، وحماية حقوق جميع المواطنين دون استثناء.
بيانان دون المتوقع وغير منصفين
وفيما كان الجميع ينتظر موقفا منصفا وعلى قدر التصريحات المسيئة جاء بيانا مارتينيز فيرادا اللذان صدرا ردا على المنتدى الاسلامي الكندي والمجلس الوطني للمسلمين الكنديين دون المتوقع ما اثار الكثير من التساؤلات عن المعايير التي تعتمدها السيدة مارتينيز فيرادا في تعاطيها مع مثل هذه الإساءات .
علينا هنا ان نذكر بموقف للسيدة مارتينيز فيرادا قبل ايام اعلنت فيه أن حزبها استبعد مرشحًا أهان مسؤولين منتخبين في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بالألفاظ النابية، بعد أن أمضت أيامًا في الدفاع عن قرار إبقائه في فريقها.
وطلبت مارتينيز فيرادا من ألكسندر جياسون، مرشح حزبها في دائرة هوشيلجا في ميرسييه-هوتشيلا-ميزونوف، إنهاء حملته الانتخابية بعد ورود "معلومات جديدة تتعلق بسلوكيات أخرى".
وكتبت في منشور على موقع X: "نظرًا لطبيعة هذه الادعاءات، فقد استبعدتُ ألكسندر جياسون من الفريق، وطلبتُ منه إنهاء حملته الانتخابية فورًا".
لكن كيف تعاملت السيدة مارتينيز فيرادا حتى الآن مع الاساءة الكبيرة للجالية الاسلامية ؟
رد السيدة للسيدة مارتينيز فيرادا
رئيسة حزب «Ensemble Montreal» قالت في بيان مقتضب لها ردا على المنتدى الاسلامي الكندي " أخذ حزبنا علماً ببيان «المنتدى الإسلامي الكندي» بشأن التصريحات التي أدلى بها أحد المرشحين لمنصب عمدة البلدية، تييري دارايز. نحن نتقاسم بالكامل المخاوف المعبَّر عنها، ونؤكّد من جديد أن الإسلاموفوبيا لا مكان لها في الحياة العامة في مونتريال".
وختمت بالقول " حركتنا تنادي بالشمول والحوار والاحترام المتبادل. سنواصل التعاون مع جميع المكوّنات، بما في ذلك مسلمو مونتريال، من أجل تعزيز الفهم والأمن والوحدة في مدينتنا".
وفي رسالة اكثر تفصيلا موجهة الى المجلس الوطني للمسلمين الكنديين قالت مارتينيز فيرادا :
" إلى المجلس الوطني للمسلمين الكنديين،
تذكّرنا الأحداثُ الأخيرةُ وتصاعدُ خطاباتِ الإقصاء إلى أيّ حدّ يبقى عيشُنا المشترك هشّاً. إنّ الإسلاموفوبيا، على اختلاف أشكالها، تُؤذي ليس فقط أولئك الذين يقعون ضحايا مباشرين لها، بل أيضاً النسيجَ الاجتماعيَّ برمّته.
أودّ أن أعرب عن تضامني العميق مع نساء ورجال مونتريال من أتباع الديانة الإسلامية. لقد كنتم في كثيرٍ من الأحيان هدفاً للإهانات والأحكام المسبقة ولتسييسٍ لا يفعل سوى تأجيج الريبة والانقسام. هذا لا مكان له في عاصمتنا.
لكن، إلى جانب التضامن، أؤمن بقوّة بوجوب إشراك المواطنين والمنظمات المسلمة إشراكاً كاملاً في البحث عن الحلول. فالمونترياليون والمونترياليات من أتباع الديانة الإسلامية يساهمون يومياً في حيوية مدينتنا، في المدارس والشركات والمنظمات المجتمعية والمؤسسات العامة. يجب الإفادة من خبرتهم وخبراتهم وإحساسهم بالتضامن لبناء مجتمعٍ أكثر عدلاً وشمولاً.
إنّ المجتمع الذي نريد بناءه يستند إلى الفهم المتبادل وتقاسم المسؤولية. وبوصفي مرشحةً لمنصب العمدة، أرى أنّه يقع على عاتق المنتخبين العملُ مع المجتمعات المعنية، لا مجرّد العمل لأجلها، بغية إيجاد أجوبةٍ مستدامة للكراهية والخوف من الآخر. لا يمكن أن يكون دورُنا رمزياً: بل يجب أن يكون ملموساً وشجاعاً وجامعاً.
مونتريال مدينةُ استقبالٍ وسلامٍ وحرية. هي المدينة التي استقبلتْ أسرتي عندما فررنا من الدكتاتورية التشيلية، حين كان عمري ثماني سنوات. اخترنا مونتريال لأنّ كلَّ فردٍ هنا يمكنه أن يعيش وفق قناعاته، بأمانٍ ومع احترامٍ للآخرين. يجب الإيفاء بهذا الوعد وتجديده.
عشية الثاني من نوفمبر، تطرحون بحقّ أسئلةً حول التزام مرشحيكم البلديين ونواياهم الفعلية بشأن المناخ الذي نعيشه. وعليه، وبوصفي مرشحةً لمنصب العمدة، أتعهّد، في حال انتخابي، بما يلي:
● تعزيز مكافحة الجرائم بدافع الكراهية، عبر تخصيص مزيدٍ من الموارد لأجهزة الشرطة والخدمات المجتمعية، وضمان مواكبةٍ أفضل للضحايا بالشراكة مع المنظمات المسلمة؛
● إنشاء فضاءات تشاور دائمة بين المدينة والمجتمعات الدينية والثقافية، من أجل تصميم مبادراتٍ ملموسة معاً لتعزيز التماسك الاجتماعي؛
● العمل يداً بيد مع القادة المسلمين، لوضع برامجَ للتثقيف والتوعية تعزّز الفهم المتبادل وتَحول دون الأحكام المسبقة؛
● إيصال صوت مونتريال إلى سائر مستويات الحكومة كي تبقى عاصمتنا نموذجاً للاحتواء والاحترام؛
● ترسيخ ثقافة الحوار والتربية المدنية والاحترام المتبادل في جميع مناحي الحياة البلدية.
إنني على يقينٍ بأنّه معاً—المنتخبون والمواطنون ومجتمعات الإيمان—سنحافظ على ما يصنع جمال مونتريال: تنوّعُها وانفتاحُها وقدرتُها على الجمع بين الناس".
وختمت بيانها بالقول " تقبّلوا، باسم فريق «Ensemble Montreal» بأكمله، تأكيدَ التزامي بحماية كلّ مجتمع، وبالاستماع إلى الأصوات المسلمة في مونتريال، وبالدفاع عن حقّ الجميع في العيش من دون خوفٍ أو تمييز".
موقف لافت
وإذ رحّبت شخصية بارزة في الجالية ـ فضّلت عدم ذكر اسمها ـ "بتأكيد الحزب البلدي «Ensemble Montreal» ، الذي نحترم الكثير من مرشحيه والذين نملك علاقات قوية معهم ومن بينهم مرشحين من جاليتنا، على قيم الشمول والاحترام"، رأت أنّ " استمرار ترشّح السيد تييري دارايزـ رغم منشورات وتصريحات طالت المسلمين ـ يتناقض مع الإجراءات التي اتُّخذت بحق مرشّح آخر لأسباب مختلفة تعد اقل سوء مما تعرضت له الجالية الإسلامية من مرشح الحزب البلدي". وأضاف " حرصاً على المصداقية، ندعو إلى : اعتذار علني موجّه للجالية المسلمة والتصرف اسوة بما جرى مع مرشح آخر أهان مسؤولين منتخبين" . واستغربت الشخصية "هذه الازدواجية في المواقف بين من اهان عدة شخصيات منتخبة وبين الإساءة الى جالية بأكملها اعترفت هي بدورها ورفضت الإساءة اليها " . وشكك " بان تقوم مارتينيز فيرادا بالتعاطي بنفس التصرف لو تعرضت جاليات دينية أخرى او جماعات المتحولين جنسيا ـ مثلا ـ لما تعرضت له الجالية الإسلامية " .
وشددت الشخصية على " إنّ احترام كرامة المسلمين في مونتريال جزء لا يتجزأ من احترام قيم المدينة ومبدأ المساواة أمام المعايير الحزبية". واضافت " نحن جاهزون للتعاون لضمان بيئة انتخابية تُعلي شأن الكرامة والعيش المشترك" . وعن الموقف من التصويت للحزب في الانتخابات القادمة قالت " نحن ننتظر موقفا تم الابلاغ عنه ولم يتم الالتزام به وسنبني على الشيء مقتضاه !"
وختم " نترقب بأمل ان تسارع السيدة فيرادا الى تدارك الامور في التواصل المرتقب مع الجالية والذي نأمل ان يفضي الى نتائج ايجابية ".
مواقف دارايز
و كان دارايز قد سخر من الإبادة الجماعية في غزة في منشور سابق له على الفيسبك حيث أشار إلى اقتراح دونالد ترامب تحويل قطاع غزة إلى منتجع، قائلاً: "لقد حجّزت عطلتي في غزة لعام 2032، شامل كل شيء".
أيضا المنشور الصادر عن المرشح في فبراير لم يكن الوحيد المثير للجدل. فقد تكررت هجماته على المسلمين، حيث عُثر على منشورات يُطلِق فيها دارايز تعبيرات مثل "متطرفون ملتحون"، وانتقادات لتوظيف أساتذة مسلمون في الجامعات الكندية، إلى جانب إعجاب بمنشور يسخر من حزب فرنسي يساري بوصفه "فرنسا الإسلامية".
في منشور له عام 2024 على تطبيق Threads وصف دارايز أميرة الغوابي، الممثلة الخاصة الكندية لمكافحة الإسلاموفوبيا، بأنها "امرأة خطيرة".
123 مشاهدة
19 أكتوبر, 2025
104 مشاهدة
30 سبتمبر, 2025
180 مشاهدة
30 سبتمبر, 2025