متابعة عمار هادي ـ مونتريال
تورونتو – أعلنت جامعة تورنتو أنها اتخذت "إجراءات فورية" بعد اطّلاعها على منشورات مثيرة للقلق نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي من قِبل إحدى أستاذاتها، مؤكدة أن الأستاذة وضعت في إجازة إدارية ولم تعد متواجدة في الحرم الجامعي.
القضية تعود إلى منشور نُسب إلى الأستاذة روث مارشال، أستاذة الدراسات الدينية والعلوم السياسية، عقب اغتيال الناشط اليميني الأميركي المعروف تشارلي كيرك، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لمنظمة "Turning Point USA". ووفقاً لصور شاشة متداولة، كتبت مارشال على حسابها في منصة "إكس" (تويتر سابقاً) أن "إطلاق النار عقوبة جيدة جداً للفاشيين".
المنشور أُزيل لاحقاً، كما تم تعطيل الحساب، إلا أن التعليق أثار عاصفة من الانتقادات، أبرزها من وزير وزير كليات وجامعات أونتاريو نولان كوين، الذي أكد أنه أبلغ الجامعة بضرورة اتخاذ موقف واضح. وكتب كوين على "إكس":
"من المفترض أن تُعزز الجامعات وأساتذتها التفكير النقدي والنقاش المحترم وتوفّر بيئة كليات وجامعات أونتاريو نولان كوين، الذي أكد أنه أبلغ الجامعة بضرورة اتخاذ موقف واضح. وكتب كوين عل تعليمية آمنة، لكن الخطاب العنيف الذي صدر عن هذه الأستاذة يناقض تماماً تلك القيم".
الجامعة من جانبها أصدرت بياناً مقتضباً جاء فيه: "اتخذت جامعة تورنتو إجراءات فورية بعد الاطلاع على المنشورات المثيرة للقلق، والأستاذة الآن في إجازة إدارية وليست في الحرم الجامعي. التحقيق جارٍ ولن يكون هناك تعليق إضافي في الوقت الحالي."
القضية أثارت أيضاً نقاشاً قانونياً حول حرية التعبير وحدودها في الوسط الأكاديمي. فقد أوضح محامٍ مختص بقانون العمل أن الجامعة قد تُنهي خدمة مارشال إذا اعتبرت أن تصريحاتها سببت ضرراً لسمعتها، خاصة أن معظم المؤسسات لديها سياسات واضحة تتعلق باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
مقتل تشارلي كيرك، الذي كان من أبرز المؤثرين المحافظين وحليفاً للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وقع الأربعاء أثناء إلقائه كلمة في حرم جامعي بولاية يوتا. وتم توقيف شاب يبلغ 22 عاماً يُشتبه بضلوعه في عملية إطلاق النار.
لكن مارشال لم تكن الشخصية الكندية الوحيدة التي واجهت انتقادات بسبب تصريحات أعقبت مقتل كيرك. وزيرة الأسر في مانيتوبا نهاني فونتين أعادت نشر تعليق يصف كيرك بأنه "عنصري، متحيز ضد النساء وناطق باسم القومية البيضاء"، مؤكدة أنه "لا تعاطف معه بل مع أطفاله فقط". فونتين عادت لاحقاً لتزيل المنشور وقدمت اعتذاراً مقتضباً قالت فيه إن "العنف لا مكان له في الديمقراطية". ورغم مطالب المعارضة باستقالتها، أعلن رئيس وزراء مانيتوبا واب كينو تمسكه بها، مؤكداً أنه يريد مساعدتها على فهم أهمية توحيد الناس لا تقسيمهم.
القضية سلطت الضوء مجدداً على التوتر القائم بين حرية التعبير والمسؤولية الأكاديمية والسياسية في كندا، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بخطاب يُنظر إليه على أنه يحرض على العنف أو يبرره.
حرية التعبير وحدودها:
في كندا هناك اعتزاز كبير بحرية الرأي، خصوصاً في الوسط الأكاديمي. لكن التعليق المنسوب للأستاذة مارشال يضع الجامعة تحت ضغط شديد لأنه يتعارض مع قيم "النقاش المحترم" ويُفسَّر كتشجيع للعنف.
المسؤولية المؤسسية: الجامعات الكندية تُحاسَب بشدة عندما يبدو أن أحد أساتذتها تجاوز الخطوط الحمراء. لذلك تصرف جامعة تورنتو بسرعة بإيقافها عن العمل كان بمثابة رسالة بأن المؤسسة لا تتسامح مع الخطاب العنيف.
التوازن السياسي: الحكومة (وعلى رأسها وزير الجامعات) تريد أن تُظهر حزمها في مواجهة أي خطاب يُعتبر تهديداً للسلم الاجتماعي، خصوصاً بعد تزايد القلق من خطاب الكراهية على الإنترنت.
في المقابل هناك من ينظر الى الموضوع من زاوية اخرى
فكثيرون قد يرون أن رد الفعل كان مبالغاً فيه مقارنة بمواقف أخرى؛ إذ يُسمح أحياناً لخطابات معادية للمسلمين أو المؤيدة للعنف ضد الفلسطينيين أن تمرّ من دون نفس المستوى من المحاسبة.
القلق من الاستهداف: هذه القضية قد تثير مخاوف داخل الجالية من أن حرية التعبير تصبح انتقائية، وأن التعبير عن مواقف سياسية حساسة (خصوصاً حول فلسطين أو نقد شخصيات يمينية) قد يؤدي إلى عقوبات قاسية، بينما أصوات أخرى تبقى بمنأى عن المساءلة.
الحساسية تجاه "الفاشية": الجاليات العربية والإسلامية، التي تعاني من الإسلاموفوبيا والعنصرية، قد تتفهم الغضب الذي عبّرت عنه الأستاذة، حتى لو لم تتبنَّ أسلوبها. لكن في الوقت نفسه تدرك أن استخدام لغة العنف قد يأتي بنتائج عكسية ويزيد من تشويه صورتها.
*الصورة من صفحة جامعة تورنتو UOT
63 مشاهدة
14 سبتمبر, 2025
239 مشاهدة
14 سبتمبر, 2025
118 مشاهدة
13 سبتمبر, 2025