Sadaonline

بواليفر: المسيحيون "قد يكونون الضحايا رقم واحد لجرائم الكراهية ... ليس من الصواب سياسيًا أن يقال ذلك"

أي اعتداء يستهدف الكنائس أو غيرها من المؤسسات الدينية امر مُدان ومرفوض ومستنكر

متابعة عمّار هادي

يحاول زعيم حزب المحافظين الكندي بيير بواليفر اللعب على الوتر الطائفي في كندا . برز ذلك في تصريح له يوم الاثنين قال فيه " المسيحيون قد يكونون المجموعة رقم واحد التي تقع ضحية للعنف القائم على الكراهية". لكنه استدرك " لكن طبعًا ليس من الصواب سياسيًا أن يقال ذلك."

وقال بواليفر " إن المسيحيين ودور عبادتهم يتعرضون للاستهداف، متعهدًا في حال فوزه بانتخابات مقبلة بفرض عقوبات أشد على جرائم الكراهية، بما فيها جرائم الحرق المتعمد التي استهدفت الكنائس".

وفي تصريحات للصحفيين خلال مؤتمر صحفي حول التضخم الغذائي، أعرب بواليفر عن قلقه مما وصفه بـ"الهجمات الإرهابية" على الكنائس. وأضاف: "لقد أُحرقت مئة كنيسة.

تزايد حوادث حرائق الكنائس في كندا يثير القلق

وشهدت كندا موجة مقلقة من حرائق الكنائس في السنوات الأخيرة، كان آخرها ثلاث حوادث بارزة في مقاطعات مختلفة.

ففي ساسكاتشوان، اندلع حريق دمّر كنيسة القديسين بطرس وبولس التاريخية، ويُشتبه بأنه متعمد. الكنيسة التي شُيّدت عام 1918 وأُغلقت رسميًا عام 2018 اعتُبرت رمزًا لتراث الجالية البولندية في المنطقة.

وفي مدينة كارمان بمانيتوبا، شبّ حريق في كنيسة Grace/St. John’s Anglican-Lutheran، ما أثار مخاوف حول احتمال استهدافها في ظل تنامي الاعتداءات على دور العبادة المسيحية.

كما اندلع حريق آخر في كنيسة أرثوذكسية مهجورة بمانيتوبا تزامن مع احتفالات عيد الميلاد الشرقي، الأمر الذي عزز الشكوك حول دوافع متعمدة.

السلطات الأمنية تحقق في جميع الحوادث، ولم تؤكد بعد إن كانت مرتبطة بسلسلة الهجمات السابقة التي طالت مئات الكنائس عبر البلاد. لكن مراقبين يشيرون إلى أن هذه الحوادث تعكس اتجاهًا مقلقًا يهدد أمن المؤسسات الدينية ويطرح تساؤلات حول تصاعد جرائم الكراهية الدينية.

البيانات الرسمية: اليهود والمسلمون الأكثر استهدافًا

لكن الأرقام الرسمية من هيئة إحصاءات كندا (Statistics Canada) لعام 2023 تظهر أن الغالبية العظمى من جرائم الكراهية المرتبطة بالدين استهدفت اليهود بنسبة 70% (900 جريمة كراهية) والمسلمين بنسبة 16% (211 جريمة). في المجموع، تم الإبلاغ عن 1,284 جريمة كراهية دينية في 2023، بزيادة حادة بلغت 67% مقارنة بـ2022.

"ما يتعرض له المسلمون هو الاقسى؟"

وأشار مصدر متابع في الجالية الإسلامية في وقت سابق ان الأرقام الرسمية هذه لا تعكس حقيقة ما يتعرض له المسلمون في كندا، لان الكثير من المسلمين لا يبلغون عن الاعتداءات التي يتعرضون لها لعدة أسباب منها الخوف غير المبرر من تبعات قد تحدث عليهم وهي غير موجودة في الواقع . وهذا يدل على ان الاعتداءات التي تطال المسلمين هي اكبر بكثير . واشار الى "ان الاعتداءات التي تطال هذه الفئة من الكنديين هي الأقسى"، مشيرا الى مجزرة كيبك والاعتداء بالدهس في مدينة لندن في اونتاريو . لكن "المسالة ليست أكثرية واقلية فالكراهية مرفوضة مهما كان حجمها وأيا كان المستهدف ومن اي دين او فئة".

تشير البيانات أيضًا إلى ارتفاع مؤقت في جرائم الكراهية ضد الكاثوليك عام 2021، عقب إعلان أمة Tk'emlúps te Secwépemc عن العثور على دلائل بوجود رفات 215 طفل في موقع مدرسة داخلية سابقة تديرها الكنيسة الكاثوليكية في كاملوبس. فقد ارتفع عدد الجرائم ضد الكاثوليك من 43 عام 2020 إلى 155 عام 2021، قبل أن ينخفض لاحقًا.

حوادث حرق متكررة للكنائس

رغم ذلك، هناك مؤشرات على أن الكنائس المسيحية تتعرض بالفعل للاستهداف. ففي الأسبوع الماضي، أُحرقت كنيسة أرثوذكسية أوكرانية عمرها قرن شمال شرق إدمونتون، ضمن ما وصفته الشرطة بأنه "حملة إجرامية". كما تم تسجيل حرائق أخرى هذا العام في كنائس بمانيتوبا، ساسكاتشوان، وونيبغ ونيوفاوندلاند.

تقرير لمعهد ماكدونالد-لورير أشار إلى وقوع 238 هجومًا بالحرق على كنائس ومؤسسات دينية بين 2021 و2023، مقارنة بـ152 فقط في الأعوام الثلاثة السابقة. وأكد التقرير أن مقاطعات البراري وكولومبيا البريطانية كانت الأكثر تضررًا.

من جانبها، وثّقت رابطة الحقوق المدنية الكاثوليكية عشرات الحوادث المشبوهة ضد الكنائس خلال السنوات الأخيرة.

تعهدات بواليفر

بواليفر شدد على أن "الكراهية ضد المسيحيين يجب أن تتوقف"، متعهدًا بتشديد القوانين إذا وصل إلى السلطة، من بينها:

  • أحكام سجن إلزامية لجرائم الابتزاز.

  • قوانين أقوى ضد جرائم الكراهية.

  • ترحيل المجرمين الأجانب.

  • موارد إضافية للشرطة وخدمات الحدود.

وأضاف: "بصراحة، جميع الكنديين من كل الأديان، بما فيهم المسيحيون، يستحقون العبادة بسلام."

كندا بحاجة الى استراتيجية شاملة لمكافحة الكراهية

إن ما ورد في تصريحات بواليفر حول استهداف المسيحيين بالجرائم القائمة على الكراهية يسلّط الضوء على قضية حساسة تهم جميع المكونات الدينية في كندا. قلق المسيحيين على أماكن عبادتهم لا ينبغي ان يقابل بالاستهانة او التقليل من شانه. فأي اعتداء يستهدف الكنائس أو غيرها من المؤسسات الدينية امر مُدان ومرفوض ومستنكر .

لكن المقاربة يجب ألا تتحول إلى منافسة بين الطوائف حول "من الضحية الأولى"، بل إلى التزام جماعي يضمن أن يتمكن جميع الكنديين ـ مسلمين، مسيحيين، يهودًا ومن السيه والبوذيين وغيرهم من كل الفئات ـ من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية وأمان.

وعلينا في الوقت نفسه ان لا نسمح لبعض السياسيين من اللعب على الوتر الطائفي لكسب الأصوات .

من هذا المنطلق المطلوب هو استراتيجية شاملة لمكافحة الكراهية، تشمل تعزيز القوانين، دعم الشرطة، والتثقيف المجتمعي، بحيث تُحمى كل دور العبادة من دون استثناء، ويترسخ مبدأ التعايش والمواطنة المتساوية للجميع.