Sadaonline

"معوقات التجارة بين المقاطعات في كندا في ظل حرب تجارية شرسة : التحديات والفرص لتعزيز التكامل الاقتصادي"

القيود المفروضة على قطاع النقل بالشاحنات تؤدي إلى تعقيد حركة الشحن عبر الحدود

*سامر مجذوب

تتمتع كندا باقتصاد قوي ومرن، ولكن التجارة بين مقاطعاتها لا تزال تواجه تحديات كبيرة بسبب شبكة معقدة من العوائق التنظيمية والبنية التحتية والسياساتية. على الرغم من وجود اتفاقيات تجارة حرة مع شركاء دوليين، إلا أن الشركات والعمال الكنديين لا يزالون يواجهون عقبات غير ضرورية عند التعامل مع الأنشطة الاقتصادية بين المقاطعات. تؤدي هذه التحديات، مثل التباين في اللوائح وقيود تنقل العمالة، إلى فجوات في البنية التحتية وفوارق ضريبية، مما يؤدي إلى انعدام الكفاءة وارتفاع التكاليف وحرمان الاقتصاد من الفرص. لذا، فإن معالجة هذه القضايا تُعد أمرًا بالغ الأهمية لتعزيز الاقتصاد الوطني وجعله أكثر تكاملًا وتنافسية.

معوقات التجارة بين المقاطعات
يُعتبر عدم التناسق في اللوائح بين المقاطعات من أبرز المعوقات التي تؤثر على التجارة بين المقاطعات. فكل مقاطعة تضع معايير خاصة بها فيما يتعلق بالعمليات التجارية، وضع العلامات على المنتجات، قواعد السلامة، والشهادات المهنية، مما يُصعّب على الشركات التوسع خارج نطاق مقاطعتها الأصلية. كما يؤدي هذا التفاوت في اللوائح إلى زيادة التكاليف وتقليص مستوى المنافسة. علاوة على ذلك، يعيق الاختلاف في أنظمة الترخيص بين المقاطعات حركة العمالة، مما يُصعب انتقال المهنيين المهرة في مجالات مثل الرعاية الصحية والهندسة والبناء إلى الأماكن التي تحتاج إليهم أكثر. 
بالإضافة إلى ذلك، تساهم تحديات البنية التحتية في تعقيد التجارة بين المقاطعات، إذ أن المساحة الجغرافية الكبيرة لكندا، إلى جانب الاستثمار غير المتساوي في شبكات النقل، يؤديان إلى صعوبة نقل السلع والخدمات بشكل فعال. تفتقر بعض المناطق إلى الطرق، السكك الحديدية، وخطوط الأنابيب الضرورية، مما يزيد من تعقيد العمليات الاقتصادية.
من القضايا الأخرى التي تؤثر سلبًا على التجارة بين المقاطعات هي سياسات الحماية الجمركية، حيث تقوم بعض الحكومات بتطبيق سياسات تفضل الصناعات المحلية على حساب التكامل الاقتصادي الأوسع. على سبيل المثال، القيود المفروضة على قطاع النقل بالشاحنات، مثل تباين لوائح وزن وحجم الشاحنات بين المقاطعات، تؤدي إلى تعقيد حركة الشحن عبر الحدود وزيادة تكلفتها. كما أن السياسات الحكومية التي تعطي الأولوية للمشتريات المحلية على حساب الشركات بين المقاطعات تحد من كفاءة السوق. وأيضًا، تخلق مجالس التسويق في بعض الصناعات، مثل الألبان والدواجن، حواجز مصطنعة تحد من التنافسية. علاوة على ذلك، تتسبب التباينات الضريبية بين المقاطعات، مثل اختلاف معدلات ضريبة الشركات والمبيعات، في زيادة الأعباء الإدارية على الشركات التي تعمل في أكثر من مقاطعة. 
قطاع الطاقة، الذي لا يزال يتسم بالتجزؤ الكبير بسبب سيطرة المقاطعات على الموارد الطبيعية وشبكات الكهرباء، يعاني أيضًا من عدم كفاءة في التعاون بين المقاطعات ويعوق الاستثمارات في البنية التحتية المشتركة.

الطريق نحو اقتصاد أكثر وحدة وازدهارًا
لمواجهة هذه التحديات، يجب على كندا تعزيز اتفاقية التجارة الحرة الكندية (CFTA) من خلال العمل على تقليل الاختلافات التنظيمية بشكل أكبر، وإزالة القيود التجارية غير الضرورية، وتسهيل بيئة العمل بين المقاطعات. من شأن تبسيط إجراءات الترخيص والتصديق بين المقاطعات أن يسهم في تحسين تنقل العمالة، مما يسمح لهم بالانتقال بحرية ويُساعد في مواجهة نقص المهارات وتعزيز الإنتاجية. كما أن الاستثمار في البنية التحتية للنقل، بما في ذلك الطرق والسكك الحديدية وخطوط الأنابيب، سيسهم في تسريع حركة السلع والخدمات عبر المقاطعات وتقليل التكاليف.

* عن سامر المجذوب

*الصورة من موقع freepik لاغراض توضيحية فقط