أشرف فؤاد عبد الجواد ـ مونتريال
"هل يمكن أن تتكرر موجة الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها كيبك في 2012؟" *
تساؤل طرحته الصحفية إيميلي نيكولا في مقالها بجريدة Le Devoir يوم 20 نوفمبر 2025، في ظل موجة من مشاريع القوانين والإصلاحات التي تبنتها حكومة التحالف من أجل مستقبل كيبيك(Coalition Avenir Québec) هذا الخريف، والتي وُصفت بأنها سلطوية، تعسفية، وخانقة.
المشهد السياسي والاجتماعي في كيبك يشهد تصعيداً غير مسبوق، حيث أثارت هذه التشريعات غضباً واسعاً في مختلف قطاعات المجتمع: الأطباء، الصيادلة، الباحثون، الأكاديميون، النقابات، المجتمع المدني، والعمال المهاجرون، الذين وجدوا أنفسهم أمام تغييرات تشريعية مفاجئة دون مشاورات حقيقية.
مشاريع القوانين المثيرة للجدل
مشروع القانون 1: يقيّد قدرة الهيئات العامة على الطعن في القوانين أمام المحاكم، ويضعف ميثاق الحقوق والحريات، ويمنح الحكومة صلاحيات واسعة لتقييد الرقابة القضائية.
مشروع القانون 2: أثار احتجاجات غير مسبوقة للأطباء، إذ اجتمع أكثر من 12 ألف طبيب في مركز بيل اعتراضاً على تقييد استقلاليتهم المهنية، وانضم إليهم الصيادلة الذين يعارضون التدخل التعسفي في التعويضات.
مشروع القانون 3: يستهدف النقابات، بجعل جزء من الاشتراكات اختيارياً، ويحد من قدرتها على دعم حركات الدفاع عن حقوق المرأة، والدفاع عن حقوق العمال المهاجرين، وحماية البيئة.
مشروع القانون 7: دمج المعهد الوطني للصحة العامة بوزارة الصحة، ما يقلل استقلالية البحث العلمي ويضع الباحثين تحت النفوذ المباشر للوزير.
مشاريع أخرى: القانون 14 الذي يقيد حق الإضراب، والقانون 94 الذي يوسع القيود على الرموز الدينية، وإلغاء برنامج الخبرة الكيبيكية الذي يترك آلاف المهاجرين في حالة عدم استقرار قانوني.
تجدر الإشارة إلى أن مقال نيكولا نشر قبل الإفصاح عن مشروع القانون رقم 9، الذي قدّم رسمياً يوم الخميس 27 نوفمبر 2025. هذا القانون يوسع قانون علمانية الدولة ويفرض قيوداً تعسفية جديدة على الطلاب والعاملين في القطاع العام ودور الحضانة، ما يزيد المخاوف من تقييد الحقوق والحريات.
لحظة اصطفاف القوى
تشير نيكولا إلى أن هذه التشريعات تمثل هجمة على الحقوق والحريات الأساسية، لكنها في الوقت نفسه تفتح الباب أمام وحدة غير مسبوقة بين القوى الاجتماعية.
النقابات، الباحثون، الأطباء، المجتمع المدني، والعمال المهاجرون - وكذلك طلاب المعاهد والجامعات - جميعهم يتحدثون بلغة واحدة: الخوف على الديمقراطية والغضب من التعسف. هذه اللغة المشتركة قد تشكّل أرضية لحركة احتجاجية واسعة قد تشبه «ثورة الطناجر» في 2012، لكنها هذه المرة أوسع وأكثر شمولاً.
التحدي: الوحدة أم التشتت؟
السؤال الحقيقي الآن ليس فقط عن وجود الاستياء، بل عن قدرة هذه القوى على التوحد والتنسيق لتشكيل جبهة مقاومة قوية، تجذب شريحة واسعة من المواطنين.
كيبك تمر بلحظة سياسية فاصلة، قد تحدد مستقبل العلاقة بين المجتمع المدني والحكومة، ومستوى حماية الحقوق والحريات، وحدود السلطة التنفيذية في المقاطعة.
> إنها لحظة اصطفاف القوى… قد تكون بداية تحالف اجتماعي نضالي جديد في مواجهة ما يصفه الكثيرون بـ «التعسف السلطوي» للحكومة.
ويبقى السؤال مطروحاً: هل ستتحول هذه اللحظة إلى حركة نضالية حقيقية، أم أنها ستكون مجرد فرصة جديدة تُهدر من عمر المجتمع الكيبيكي؟ وهل ستمثل المظاهرة الكبرى التي دعت إليها النقابات ومؤسسات المجتمع المدني تحت شعار «في الشارع من أجل كيبيك»—والمقرّر تنظيمها ظهر السبت 29 نوفمبر في ميدان كندا بمونتريال—شرارة انطلاق هذا الحراك وبداية اصطفاف فعلي للقوى؟
أسئلة ستجيب عنها الأيام المقبلة، التي وإن كان برد الشتاء فيها قارساً وثلوجها كثيفة، إلا أن وقائعها تبدو مُقبلة على قدر كبير من السخونة، وربما تحمل معها ملامح مرحلة جديدة في المشهد الاجتماعي والسياسي بكيبيك.
*يمكن قراءة المقال كاملا باللغة الفرنسية على موقع جريدة Le Devoir عبر هذا الرابط:
https://www.ledevoir.com/opinion/chroniques/935217/heure-convergence
136 مشاهدة
01 ديسمبر, 2025
34 مشاهدة
01 ديسمبر, 2025
226 مشاهدة
29 نوفمبر, 2025