د. علي ضاهر
يقال إن الأمانة والحشمة والصلاح والرزانة والتواضع وحسن الأخلاق صفات لها قواعد وحدود، لا يمكن التحلّي بها بالإعتماد على الذات فقط بل يجب أيضا اللجوء الى مساعدة مستمرة مستقاة من الدين او القيم او الأخلاق او الأعراف او المبادىء او القانون. ويقال ان الفجور والفساد والإنحراف والفسق والتكبّر صفات لا حدود ولا قواعد لها. فلا يمكن العثور على شيء مثير للإعجاب في هذا العالم مثل تنوّع وغزارة مجالات الكذب والبَذاءَة والتَّهَتُّك والمُجُون والفساد، فهذه موبقات متَحَلَّلَة مِنْ الروادع، عابرة للقارات، متنوعة الأشكال، متجددة الابداع، لا قاع ولا سقف لها، باختصار هي كالمقابر تصرخ: هل من مزيد! فليس هناك نهاية للفساد والسرقة والبلطجة! فهذه الصفات مثيرة للإعجاب بقدراتها. فكلما قرأتُ عن الفساد، تعجّبتُ من سعة انتشاره وتغلغله، وكلما سمعتُ عن فاسدين، أدهشتني قدراتهم الخلاقة، وكلما وصلتني قصص السارقين والمرتشين، أذهلني تنوعها وسعة انتشارها! ومهما قيل عن صولات البلطجية وجولاتهم، فطرقهم نبع لا ينضب!
في حين أن الأمانة والحشمة والصلاح لها قواعد يتطلّب بذل الجهود للتحلّي بها ولمواجهة الاغراءات، فسهولة الرشوة والسرقة والبلطجة تصدم بعدم وجود قواعد لممارستها وحدود لتنوعها. فهل تحدثت مع بلطجي او سارق او مرتشي او منحرف وسألته عن طرقه لتلقى الرشوات والسرقة وسبل الإفلات منها؟ فسوف تتعجب من انسيابية كلامه: إن انطلق بالكلام لا يسكت وإن شرع في رواية قصصه لا يمل في تعداد انجازاته، وكأنك أمام سيل جارف يذهلك من تعدد طرق السرقة والفساد والبلطجة التي يستعملها ويدهشك من التَّهَتُّك الذي ينتشر من فمه، فيملأ الجو ويحتل الفَلاَة حتى ولو كانت بكبر صحراء الربع الخالي.
وعلى ذكر صحراء الربع الخالي والمتحكم فيها ولي العهد محمد ومعلمه ترامب، فهل يمكنك العثور على نهاية وحدّ للبلطجة التي يمارسانها؟ فهما في هذا المجال قمة لا تطال وعبقرية لا تنال: تصوّر بلطجي يقوم باحتجاز حرامية سعوديين ورئيس وزراء لبناني ويقوم بتعليقهم بأرجلهم وتجريدهم من مالهم، وبعد ذلك يأتي بلطجي آخر أقوى منه فيقول له هات كل ما جمعت منهم! فهل كان بالمقدور تصور هذا النوع من البلطجة! والله لو نقبّت الهند والسند لما وجدت!
الكاتب الامريكي مارك توين ظن إنّ الغباء أكثر العناصر انتشاراً. وظنه في محله. لكن مع الزمن يمكن للغباء ان يتحور وذلك عن طريق إدخال عناصر جديدة الى تكوينه مثل: الفجور والصفاقة والبلطجة. فهذه صفات مجسّدة في رئيس اقوى دولة تدّعي الاخلاق وهو بعيد عن التزين بها، وتتمظهر في ولي عهد متحكم بأرض رسالة وهو غريب عن تعاليمها!
* الصورة من موقع freepik لاغراض توضيحية فقط
72 مشاهدة
08 يونيو, 2025
207 مشاهدة
07 يونيو, 2025
135 مشاهدة
03 يونيو, 2025