د. بلال العاملي - مونتريال
أُعجب الأسد بإبنة الفلاح، فجاء يطلب يدها من أبيها. خاف الفلاح من ردة فعل الأسد في حال رفض طلبه، فشرح للأسد بأن ابنته رقيقة العواطف و البنية وهي تخاف من أن يؤذيها بمخالبه و أنيابه، و لذلك فهو لا يعارض زواج إبنته منه شرط أن يقوم الأسد بخلع مخالبه و أنيابه. فرح الأسد و قام باقتلاع مخالبه و أنيابه وعاد للفلاح مطالباً بالوفاء بوعده، عندها تناول الفلاح عصاً غليظة وانهال على الأسد ضرباً مبرحاً، ففر الأسد بجلده يجر ذيله مكسور الخاطر.
و هكذا واقعنا اللبناني، هناك من يعد المقاومة وبيئتها بالمن والسلوى، و بعمران ما تهدم من جراء العدوان الصهيوني، و بانسحاب إسرائيل و رضى أمريكا و بلدان الخليج العربي على الشيعة. و هناك من يطالب بعودة الشيعة إلى حضن لبنان، و أن يتخلوا عن "عقيدة الموت" و قطع العلاقة مع إيران، و أن يوقفوا البكاء على الإمام الحسين و اللطم، كل هذه الوعود مقابل أن تسلم المقاومة سلاحها للدولة لتقوم بتلفه. و في حال تجاوبت المقاومة مع طلب الدولة اللبنانية بتسليم السلاح، فسوف تعود الحياة إلى لبنان، و تعود أموال المودعين لأصحابها، و تنتعش التجارة و الصناعة، و الزراعة، و تعود المصارف لعملها، و تؤمن مؤسسات الدولة الخدمات للمواطنين، و سينتهي عهد المحاصصة و الفساد و يعود المستثمرين إلى لبنان، و يوقع لبنان اتفاقية دفاع مشترك مع أمريكا و اتفاقية تبادل تجاري بين البلدين و حينها ستوافق أمريكا على استخراج النفط ويصبح لبنان دولة نفطية، و يصبح لبنان البلد المدلل لدى أمريكا بدلاً من إسرائيل، و يعم السلام و المحبة بين ابناء الوطن، و تلغى الطائفية، و ننتقل إلى القرن الواحد و العشرين، و تنتظم الأمور، و تعود الليرة اللبنانية لقيمتها الأساسية مقابل الدولار الأمريكي، أي ثلاث ليرات و نصف مقابل الدولار، إلى ما كانت عليه قبل عهد الرئيس أمين الجميل. و عندها ستمتليء نوادي بيروت و حاناتها و باراتها بالمطربين و الراقصات، و سوف تجتاح لبنان أفواج من السواح الخليجين بحثاً عن الجنس الناعم. و سيعود لبنان إلى "سويسرا الشرق".
لم أكن أعلم أن سلاح المقاومة كان و لا يزال العقبة الأساسية لتحقيق كل تلك الأحلام و الإنجازات. حسناً، لو فعلاً قامت المقاومة بقص أظافرها و خلع أنيابها، حينئذٍ من يحميها من احتلال إسرائيل للجنوب كاملة، هذا إذا ما ضمت كل لبنان إلى خريطة إسرائيل الكبرى، و ما يمنع الصهاينة من إقامة مستعمرات في جنوب لبنان. هل تعتقدون أن الخطب الرنانة في قاعة الأمم المتحدة سوف توقظ ضمير هذا العالم الميت؟ هل تعتقدون أن الدول الصديقة سوف تقف مع لبنان و تهدد إسرائيل و توقف الزحف الصهيوني باتجاه قصر بعبدا؟ حينها سيجلس نتنياهو على كرسي الرئاسة و يضع رجليه فوق الطاولة تماماً كما فعل شارون قبله عند اجتياح لبنان عام 1982.
من يحمي لبنان، و الشيعة بالذات، من هجوم البرابرة القادمين من سوريا و الخارجين من كهوف الإنسان الأول، الذين لم تأخذهم أي رحمة بالعلويين و الدروز.
من يحمي لبنان، و الشيعة بالذات، من الدواعش النائمة في المخيمات الفلسطينية و السوريين الذين فرض على لبنان بقاءهم ليكونوا وقوداً في مواجهة الشيعة.
إن من يصدق أن للبنان أصدقاء فهو موهوم، و كما قال رئيس وزراء بريطانيا اللورد بالمرستون مرة أمام ضيوفه: "ليس لدينا أصدقاء دائمين، و ليس لدينا أعداء أبديين. مصالحنا هي الأبدية و الدائمة، و تلك المصالح هي اللتي تملي علينا سياستنا"
للأسف السياسيون في لبنان، و العرب عامةً، لم يتعلموا درساً واحداً من دروس الماضي، فدول العالم، و الغرب خاصة، لا يقيموا وزناً لبلدٍ في العالم إلا في حالتين: إمتلاكه للثروات الطبيعية أو القوة العسكرية.
فقد تقيأت عند مشاهدتي كيف كان الإعلاميون اللبنانيون يحومون حول المبعوث الأمريكي توم باراك كالذباب ليلتقطوا و لو كلمة مما تقيأ به في مؤتمره الصحافي في القصر الجمهوري، و حقاً نعتهم بالحيوانات. و يا للعار من منظر السياسيين أصحاب مبدأ السيادة في الحفل الذي أقيم على شرف عارضة الأزياء مورغن أورتيغس، كيف كانوا يدورون حولها لالتقاط الصور معها.
السياسيون في لبنان صنفان: عبدة المال اللذين يبيعون السيادة و الكرامة مقابل حفنة من الدولارات، و الأغبياء الذين أعمي قلوبهم و أبصارهم الحقد و الكراهية ضد الشيعة و إيران، فارتموا بأحضان الصهاينة.
45 مشاهدة
07 سبتمبر, 2025
119 مشاهدة
05 سبتمبر, 2025
343 مشاهدة
30 أغسطس, 2025