سامر المجذوب - مونتريال
بعد استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، يجد الحزب الليبرالي الفيدرالي نفسه في وضع صعب يتطلب اتخاذ قرارات حاسمة في وقت ضيق. ترودو، الذي قاد الحزب على مدار عدة سنوات. واستقالته تفتح الباب لانتخابات داخلية لاختيار زعيم جديد يتولى إدارة الحزب ويشغل ايضا منصب رئيس الوزراء إلى حين إجراء الانتخابات العامة في النصف الأول من العام الحالي. لكن الأمر لا يتوقف عند هذه النقطة؛ فالحزب يعاني من تراجع كبير في شعبيته، حيث أظهرت الاستطلاعات الأخيرة أن الحزب يواجه صعوبة في الحفاظ على قاعدة تأييد واسعة في عموم كندا.
حتى لحظة كتابة هذه السطور، قدمت بعض الشخصيات الليبرالية البارزة ترشيحها لزعامة الحزب للفترة المقبلة. وقد حدد الحزب الليبرالي تاريخًا للانتخابات الداخلية لاختيار الزعيم الجديد في 9 مارس 2025. وفي هذا الإطار، يتعين على المرشحين إعلان رغبتهم في الترشح بشكل رسمي في موعد أقصاه 23 يناير 2025.
بينما انسحبت بعض الأسماء التي كانت قد أبدت رغبتها في الترشح، مثل ميلاني جولي، وزيرة الخارجية الكندية، ودومينيك لوبلان، وزير المالية السابق، فإن هناك عددًا من الأسماء الأخرى التي لا تزال تُدرس كمرشحين محتملين، و من هؤلاء الأشخاص لهم سجل في التفاعل المباشر مع قضايا الجالية الإسلامية الكندية، مما قد يجعل دورهم في هذه الفترة له أهميته .
ويتم التصويت لاختيار الزعيم الجديد عبر عملية انتخابية مباشرة من قبل أعضاء الحزب الليبرالي. على الرغم من أن عملية الانتخابات ستكون مفتوحة لمشاركة جميع الأعضاء، إلا أنه يوجد شروط خاصة للمشاركة في التصويت، حيث يجب على الأعضاء أن يكونوا مسجلين في الحزب قبل تاريخ 27 يناير 2025، وأن لا يقل أعمارهم عن 14 عامًا، بالإضافة إلى أن يكونوا مواطنين كنديين أو مقيمين دائمين في البلاد أو يحملون وضعًا قانونيًا بموجب قانون السكان الأصليين.
من الجدير بالذكر أن العلاقة بين الجالية الإسلامية الكندية وحزب الليبرالي بقيادة ترودو قد شهدت توترًا كبيرًا في الفترات الأخيرة، خاصة بسبب مواقف الحزب من بعض القضايا الساخنة، مثل الحرب على غزة. حيث كانت هناك انتقادات واسعة من عدد من شرائح الجاليات حول طريقة تعامل الحكومة الليبرالية مع هذه القضية، ما أدى إلى فقدان ثقة العديد من أفراد الجالية في سياسات الحزب حول هذه القضية بشكل خاص .
ورغم هذه التحديات، يظل الواقع السياسي في كندا يتطلب أن تكون هموم الجالية جزءًا أساسيًا من الأجندات السياسية للأحزاب. إذ أن عدم تمثيل قضايا الجالية افي الخطط والبرامج الحزبية قد يؤدي إلى نتائج سلبية تؤثر بشكل مباشر على أوضاع الجالية، وعلى مستوى اندماجها في المجتمع الكندي بشكل عام. من المؤكد أن تراجع الجالية عن المشاركة السياسية أو الابتعاد عن صناعة القرار سيؤثر سلبًا على وضعها الاجتماعي والسياسي، وقد يؤدي إلى تهميش أكبر في قضايا تتعلق بها مثل الحقوق المدنية والعدالة الاجتماعية والفرص الاقتصادية.
الأسئلة التي تطرح نفسها في هذا السياق هي: هل سيكون من الأفضل للجالية عدم المشاركة من العملية الاقتراع بسبب الإحباط من المواقف السابقة لحزب الليبرالي؟ أم أن الجواب الصحيح هو أن الجالية يجب أن تواصل الانخراط بشكل أكبر وأعمق في العملية السياسية و صنع القرار ، بحيث تضمن التأثير في صناعة القرار السياسي وتوجيه السياسات لا تضر بكيانها و همومها .
في الحقيقة، يظل الانخراط الفاعل هو الخيار الأمثل في هذه المرحلة. فالبقاء على الهامش أو التراجع عن المشاركة قد يكون له عواقب وخيمة على وضع الجالية. على الجالية أن تبقى جزءًا من النقاش السياسي الوطني، وأن تسعى لإحداث تغيير إيجابي من داخل المؤسسات السياسية، لا من خارجها. ويمكن أن تتم هذه المشاركة عبر دعم المرشحين الذين يتفهمون قضايا الجالية ويعكسون اهتماماتها وبالتالي ضمان حصول الجالية على من يراعي مخاوفها و تواجدها في المستقبل.
السؤال الكبير يبقى: هل ستتفاعل الجالية بشكل إيجابي مع عملية اختيار الزعيم الجديد لحزب الليبرالي، أم ستظل على هامش صناعة القرار، مما يعمق شعور التهميش ويضعف قدرتها على التأثير في السياسة الكندية؟
222 مشاهدة
10 يناير, 2025
150 مشاهدة
10 يناير, 2025
262 مشاهدة
06 يناير, 2025