Sadaonline

على ضوء ضبابية توقعات نتائج الانتخابات الفيدرالية الكندية: الجالية المسلمة بين السلبية والمشاركة في صنع القرار!

يمكن للجالية أن تؤثر بشكل ملموس في السياسات التي تخص قضاياها الأساسية .. والمشاركة في الانتخابات ليست مجرد واجب مدني، بل هي أداة رئيسية لتحسين التمثيل السياسي للجالية.

سامر مجذوب* 

تُعد الانتخابات الفيدرالية الكندية حدثًا محوريًا في تشكيل السياسات الوطنية، لكنها غالبًا ما تأتي توقعات نتائج الانتخابات غير حاسمة، مما يعزز حالة الترقب والشكوك لدى الكثير من الناخبين، بما فيهم الجالية المسلمة. ورغم أن المسلمين في كندا يشكلون جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي الكندي، يواجهون تحديات فريدة تجعل من مشاركتهم في العملية السياسية مسألة محورية. في ظل هذا المناخ السياسي، تبرز أسئلة مهمة: هل ستظل الجالية المسلمة على الهامش في الانتخابات، أم ستستثمر هذه الفرصة للمشاركة الفعالة في التأثير على السياسات التي تمس حياتهم اليومية؟
الجالية المسلمة في كندا، التي تعد واحدة من أكبر الجاليات في البلاد، تواجه تحديات معقدة تتراوح بين التهميش السياسي والإقصاء الاجتماعي. ورغم أن المسلمين يشتركون في البناء الحضاري للبلاد ومساهماتهم في تطور المجتمع الكندي لا يمكن إنكارها، فإنهم في الوقت نفسه يتعرضون لمخاطر الإسلاموفوبيا وحقوقهم المدنية تحت مسميات عدة. وفي ظل ضبابية نتائج الانتخابات الفيدرالية، حيث سبر الآراء يأتي بنتائج لا تحسم السباق الانتخابي مما قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة، يشعر بعض أفراد الجالية  بعدم الجدوى من المشاركة السياسية. قد يكون ذلك ناتجًا عن تصورهم أن قضاياهم مثل الإسلاموفوبيا، والمساواة في الحقوق لا تحظى بالاهتمام الكافي من الأحزاب السياسية الكبرى.
لكن، بالرغم من هذه التحديات، تبقى المشاركة في الانتخابات الفيدرالية أداة حاسمة لرفع صوت الجالية، والمطالبة بتشريعات تحمي حقوقهم وتضمن تكافؤ الفرص لجميع المواطنين. إن التصويت والمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية ليسا مجرد واجب مدني، بل هو جزء أساسي من عملية التأثير في السياسات التي تحدد مستقبل المجتمع الكندي.
تُعتبر الإسلاموفوبيا من أكبر التحديات التي تواجه الجالية المسلمة في كندا. فقد شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في خطاب الكراهية ضد المسلمين، سواء من خلال الهجمات المباشرة أو في وسائل الإعلام. هذا الواقع يزيد من شعور الجالية بعدم الأمان والتمييز، مما قد يثني الكثير منهم عن المشاركة السياسية أو التصويت في الانتخابات.
لكن في الوقت ذاته، تعد الانتخابات الفيدرالية فرصة ذهبية للجالية للمطالبة بحقوقها وحماية قيمها. من خلال المشاركة الفاعلة في العملية الانتخابية، يمكن للجالية أن تؤثر بشكل ملموس في السياسات التي تخص قضاياها الأساسية مثل مكافحة الإسلاموفوبيا، السياسات الخارجية و منها ما يتعلق بفلسطين ، تعزيز الحريات المعتقد ، والمساواة في المعاملة. كما أن التصويت يمكن أن يكون وسيلة للضغط على الأحزاب السياسية لكي تأخذ بعين الاعتبار قضايا الجالية  بشكل جاد. من خلال هذه المشاركة، يمكن للجالية أن تساهم في خلق بيئة سياسية تشجع على المساواة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين، بغض النظر عن دينهم أو خلفياتهم الثقافية.
الجالية المسلمة في كندا تشكل جزءًا كبيرًا من الناخبين في العديد من الدوائر الانتخابية. وفي بعض الأحيان، يمكن لمشاركة الجالية في عملية الاقتراع أن تكون حاسمة في تحديد نتائج الانتخابات، خاصة في المناطق ذات التعداد السكاني المتنوع. ورغم التحديات التي قد تواجهها الجالية، مثل التهميش السياسي أو الشعور بعدم التمثيل الكافي، إلا أن الانتخابات تظل منصة أساسية لتحسين التمثيل السياسي للجالية  وضمان أن قضاياهم لا تُهمل في الأجندات الحزبية.
إن الانخراط السياسي والمشاركة الفاعلة في التصويت يمكن أن يكون له تأثير كبير في تحسين الصورة النمطية العامة عن المسلمين في كندا، وفتح الباب أمام مزيد من التشريعات و التوجهات التي تحارب الإسلاموفوبيا وتعزز من الحريات المدنية للمواطنين الكنديين من أصول بغض النظر عن خلفياتهم الدينية و الثقافية و الاجتماعية و العرقية..
رغم التحديات التي تواجه الجالية  في كندا، يبقى الخيار الأفضل لمستقبلها هو المشاركة الفاعلة في العملية السياسية. فالمشاركة في الانتخابات ليست مجرد واجب مدني، بل هي أداة رئيسية لتحسين التمثيل السياسي للجالية ، وضمان تحقيق حقوقها وحمايتها من التمييز والإقصاء. من خلال التصويت والمشاركة في الانتخابات الفيدرالية، يمكن للجالية المسلمة أن تساهم في تشكيل مستقبل كندا، وأن ترفع صوتها في مواجهة التحديات التي تعترضها.
لتعزيز المشاركة السياسية الفعّالة للجالية المسلمة في كندا، يجب زيادة الوعي السياسي بين أفراد الجالية حول أهمية المشاركة في الانتخابات و في صناعة القرار وأثرها المباشر في تحسين تمثيل قضاياهم. يمكن تحقيق ذلك من خلال تشجيع الأفراد على التواصل مع المرشحين السياسيين وتوضيح قضاياهم الملحة مثل مكافحة الإسلاموفوبيا، السياسات الخارجية و خصوصا فيما يتعلق بفلسطين و مأساة غزّة حاليا و ما تتعرض له الضفة الغربية ، وعدم التمييز . بالإضافة إلى ذلك، يجب دعم الجالية في بناء تمثيل سياسي أقوى داخل الأحزاب السياسية، من خلال تشجيع المسلمين على الترشح للمناصب السياسية.

من خلال تعزيز الحوار الداخلي داخل الجالية، يمكن تنسيق الجهود بشكل أفضل وزيادة تأثير الجالية في الانتخابات. هذه الخطوات ستساهم في تحول الجالية المسلمة من مجرد متفرج إلى لاعب أساسي في العملية السياسية، مما يساعد على بناء مجتمع كندي أكثر عدالة وشمولية.

* سامر المجذوب بكلمات

** الصورة مقتطعة من اعلان سابق حول الانتخابات صادر عن المنتدى الإسلامي الكندي