Sadaonline

بمشاركة كنديين مقيمين وزائرين... غداء تكريمي للشيخ حسن غية في مطعم الساحة قرب مطار بيروت

"نتمنى ان تتجدد هذه اللقاءات حتى تتعزز أواصر المحبة والتعاون"

 

صدى أونلاين ـ ضاحية بيروت الجنوبية 

في أجواء أخوية أقام الحاج حسين حب الله وحرمه مأدبة غداء تكريمية على شرف أحد أبرز وجوه العمل الدعوي والاجتماعي والسياسي في كندا، فضيلة الشيخ حسن غية وحرمه، بمشاركة مختار بلدة تكريت السيد أكرم نعمان وحرمه، وذلك بعد ظهر يوم الخميس في الرابع والعشرين من شهر تموز في مطعم الساحة، أحد مطاعم بيروت العريقة القريب من مطار بيروت الدولي، بحضور أشقاء الحاج حب الله وشخصيات كندية ـ لبنانية يتقدمهم سماحة الشيخ علي السبيتي وحرمه والدكتور مالك أبي صعب ونجله الناشط زياد أبي صعب وعدد من أبناء الجالية اللبنانية- الكندية المقيمين حاليًا في لبنان، أو الذين كانوا في زيارة إلى لبنان خلال فصل الصيف. خلال اللقاء، شكر الشيخ السبيتي رئيس بلدية تكريت الأستاذ أكرم نعمان، وهو ابن عم الشيخ حسن غية، والذي كان له الدور البارز في استقبال القادمين من الجنوب إلى تكريت خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان.

الشيخ علي سبيتي

استهلَّ سماحة الشيخ علي السبيتي كلمته بالإشارة إلى أن "هذه اللفتة الكريمة ليست الأولى من أخينا الحاج أبو مصطفى ولن تكون الأخيرة، وهي نابعة من إحساس عالٍ بأهمية اللقاء والاجتماع والمبادرة لتوطيد أواصر العلاقة والصداقة، سيّما مع شخصية متميزة من شخصيات الجالية التي مثّلت، لفترة طويلة، عنوانًا للأخوّة والتلاقي والتعاون في سبيل القضايا المشتركة التي تهمّ الجالية في تلك البلاد".

وأشار إلى أن "سماحة الشيخ حسن هو ناشط معروف منذ بداية السبعينات في جامعة كونكورديا، حيث تخصص في المحاماة والهندسة، ثم تصدّى للإمامة الدينية في أعقد حدث أصاب الجالية، وهو المجزرة الكبيرة التي ارتُكبت في المسجد الكبير في مدينة كيبك، وعلى إثرها كان الحرج كبيرًا جدًا في كيفية ردّ المسلمين على هذه المجزرة وما خلّفته من شهداء وجرحى، حيث كانت كلمته الشهيرة بأننا لا نلوم القاتل لأنه هو أيضًا ضحية". وهي الكلمة التي أضاءت على أن التعصّب ليس فكرًا، وليس نهجًا، وليس خيارًا، بل التعصّب هو مرض، وأصحابه هم ضحايا أولئك الذين يستغلون بعض الناس الذين عندهم مشاكل نفسية وعقلية، من أجل تحريضهم على الآخرين".

وأضاف: "هذه الكلمة، بتصوّري، وقتها تركت ارتياحًا كبيرًا، وخفّفت من الاحتقان الكبير الذي كان سائدًا وقتها، والذي كان من الممكن أن يؤسس لمشكلة بين أهل البلد ككنديين فرنسيين وبين المهاجرين المسلمين"، معتبرًا أن "هذه الخطوة سُجّلت في التاريخ في مرحلةٍ جدًّا كانت حساسة ودقيقة، والتي استطاع الشيخ غيّة، بلغة المنطق، أن يُقنع الطرف الآخر بأننا لسنا ضيوفًا، ولسنا غرباء، بل نحن جزء من هذا النسيج الاجتماعي".

كما أشار الشيخ السبيتي إلى "مسيرة الشيخ غيّة وما تعرّض له خلال ترشّحه للانتخابات النيابية وتخلّي الحزب الليبرالي عنه بسبب مواقفه تجاه القضية الفلسطينية التي ظلّ متمسكًا بها، وهو ما برز واضحًا في مواقفه في كثير من المقابلات التي يُجريها بالفرنسية والإنكليزية والعربية والإسبانية عبر وسائل الإعلام كلها".

وأضاف سماحته: "لا ننسى أن صدى المشرق كان لها الحظوة الكبرى في تبريز هذه الشخصيات، في إيصال صوتها، وفي التركيز عليها. لذلك، هذا النوع من العلاقة هو علاقة من أجل الخدمة العامة والمصلحة العامة، ومن أجل أن نقدم نموذجًا من النجاح لأبنائنا وبناتنا، الذين دائمًا يسألوننا: ماذا فعلتم أنتم الكبار، بعد أن أتيتم بنا إلى هذا البلد؟ ما هو النموذج الذي قدّمتموه؟ فهذه النماذج هي من النماذج التي نفتخر بها ونُفاخر بها". ولفت إلى أن "في الحضور أيضًا العديد من النجاحات التي يمكن أن يأتي وقت، إن شاء الله، نُنوّه بها".

وتمنّى السبيتي أن "تتجدّد هذه اللقاءات، سواء في الوطن الأم هنا في لبنان، أو في الوطن الذي اخترناه لأبنائنا وبناتنا في كندا، حتى تتعزّز أواصر المحبة والتعاون".

في كلمته، تحدّث السبيتي عن رئيس بلدية تكريت أكرم نعمان، وهو ابن عم الشيخ حسن غيّة، الذي كان له الدور البارز في استقبال القادمين من الجنوب خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، حيث قال: "لا يفوتنا أيضًا أن نتشكر رئيس بلدية ومختار بلدة تكريت الأستاذ أكرم نعمان، باسم كل الذين يسميهم ضيوفًا، والذين قام خلال الحرب باستقبالهم في تلك المنطقة، ودخلوا إلى أهلهم وبيوتهم. نتشكركم، ونقول لكم: إن هذه هي الأخلاق الأصيلة في هذا الشعب، الذي دائمًا نتأمّل فيه الخير، رغم كل الإعلام السيئ الذي يحاول أن يرمي الفتنة والطائفية والمذهبية والحزبية. نعود ونقول: الأصالة هي للإنسان الذي ينتصر لقيمه ولأخلاقه ولمبادئه. ونحن نرى دائمًا الخير في الأزمات وفي الصعاب، حيث تتجلّى روح الإنسان الأصيل في محبة أخيه".

وتوجّه إلى المختار نعمان بالقول: "باسم أهل الجنوب والبقاع والضاحية، وكل الأماكن التي نزحوا منها إلى أهله وأحبته، أهلًا وسهلًا بكم. شكرًا لكم". ولفت الشيخ السبيتي إلى أنه سمع "الكثير من القصص من الشمال بالتحديد، مغايرة لكل الصور السلبية التي يحاولون إشاعتها بين أبناء الدين الواحد والبلد الواحد، في منطقة تُعدّ من المناطق المحرومة في لبنان".

في الختام، أمل الشيخ السبيتي أن "نلتقي كل عام، إن شاء الله، وقد تحرّرت البلاد من نير الظلم والاضطهاد والاستعمار، وأن يرفع هذا الظلم، ويعود السلام إلى أرض السلام، إلى أرض النبوءات والرسالات، إلى هذه المنطقة التي، للأسف، ما عم يتركوها ترتاح. ولكن، لا بدّ للقيد أن ينكسر، ولا بدّ لليل أن ينجلي".

كلمة الشيخ حسن غيّة

بعد أن شكر المختار أكرم نعمان الشيخ علي السبيتي على كلمته، كانت الكلمة للشيخ غيّة الذي استهلّها بالقول: "أولًا، أحرجت كثيرًا بهذه الدعوة الكريمة، وإن لم تكن غريبة عن تاريخ الحاج حسين. وأحرجت كثيرًا بكلام سماحة الشيخ. وفي موقف كهذا، لا يسعني إلا أن أُطأطئ الرأس إجلالًا واحترامًا لهذه الصداقة، ولهذا الوفاء، ولهذه الأصالة التي تحدّث عنها الشيخ علي".

وأضاف في كلمته: "الذي يُسعدني أكثر من كل شيء، إضافة إلى رؤية هذه الدولة الكريمة، هو هذا التعبير عن ترسّخنا في جذورنا في هذه الأرض. حيث إننا تحت القصف نأتي بالطائرات، ونأتي إلى الجنوب، لأنها أرضنا ومستقبلنا، ولن نتخلّى عنها، ونحن هنا باقون، في هذه الأرض باقون، باقون، باقون إلى يوم القيامة". ولفت غيّة إلى أن "عكّار محرومة كما الجنوب، ولهذا نشعر بجرح أهل الجنوب وبمعاناة أهل الجنوب، لأننا نعيش معاناة أهل الجنوب يوميًا، بحرب وبدون حرب. وحتى أنا، في تلك الفترة، كنت في كندا وكنت أتابع الأخبار. كانوا يرفضون رفضًا قاطعًا استعمال كلمة النازحين أو المهجّرين. لا، هم ضيوفُنا، هم أهلُنا، هم في بيتهم. فـ 'يا ضيفَنا لو زرتنا لو وجدتَنا نحن الضيوف وأنت ربُّ المنزل'". ولفت إلى أنه "بُنيت هناك علاقات وأواصر محبة وصداقة، فحتى اليوم نجد أن الإخوة الذين ذهبوا إلى تكريت خلال الحرب، عندما يسمعون بوفاةٍ معيّنة في تكريت، يذهبون للتعزية، وعندما يكون هناك زواج أو أي فرح، أهل تكريت يتّصلون ويدعونهم. يعني، من حسنات الحرب، وربّ ضارّة نافعة، قوة هذه الأواصر ما بين جنوب لبنان وشمال لبنان. فقد عرف أهل الشمال كيف يعيش أهل الجنوب، وعرف أهل الجنوب كيف يعيش أهل الشمال".

وعن كندا، قال الشيخ غيّة: "هذا البلد أيضًا هو بلدُنا، لنا ما لغيرنا من حقوق، وعلينا ما على غيرنا من واجبات. ندافع عن حقوقنا، نحترم قوانين البلد، نحترم ثقافة البلد، نحترم أهل البلد، ونبني هذا البلد ـ يعني كندا ـ مع غيرنا من أبنائه، شاء من شاء وأبى من أبى. نقول لهم: نحن لم نأتِ إلى هنا لنحلَّ مكان شعب آخر، أتينا لنعيش مع هذا الشعب، لنكون جزءًا من هذا الشعب. والحمد لله، استطعنا أن نخفّف من واقع التعصّب والكراهية والحزازيات. نعم، هناك مشاكل، ولكن نحاول جاهدين، بإذن الله تعالى، أن نعمل من أجل السلم الأهلي والعيش المشترك". وأشار في كلمته إلى "أن ثلث المسلمين في العالم يعيشون في بلدان هم أقلية فيها، وبالتالي علينا أن نعرف كيف نعيش مع بعض، وكيف نعترف الواحد بالآخر".

ثم تطرّق الشيخ غيّة إلى مأساة غزّة، فقال: "للأسف، عندما تُورِّد بعض الأنظمة العربية الطماطم والخيار والخضروات للكيان الصهيوني، نجد أن هناك متظاهرين في شوارع أوروبا وشوارع أمريكا وكندا، وفي الشرق والغرب، يدافعون عن أهل غزة، ويقفون في وجه الشرطة، وفي مواجهة الاضطهاد، وبوجه كل الدعايات الصهيونية. بينما نجد الكثيرين من أبناء جلدتنا ينبطحون أمام عجلة الدعاية الإسرائيلية والعدوان الإسرائيلي". وأكّد أن "نحن نُوطّد العلاقات مع أبناء البلدان الأخرى، من الثقافات الأخرى، والديانات الأخرى، واللغات الأخرى، لخدمة قضايا́نا التي هي بحد ذاتها قضايا إنسانية. لا نستطيع أن نفرّق بين حقّ طفل فلسطيني بالحليب والدواء، وحقّ طفل إسباني بالدواء. حتى الطفل اليهودي، الطفل اليهودي يحق له أن يشرب الحليب، ويحق له أن ينام هنيئًا في سريره. ولكن هي الصهيونية التي، بقدر ما تعتدي على أطفال فلسطين، تعتدي على مستقبل أبناء اليهود، لأنها تخلق العداء لهؤلاء اليهود. مع أن هناك منهم من لا يوافقون هذه السياسة الصهيونية العدائية".

وتحدّث عن موقع صدى المشرق، فقال: "الذين لا يعرفونها، أقول: هي الناطق، لا الرسمي، بل الناطق الفعلي العملي لأبناء الجالية هناك، والمعبّر عن تطلّعات الجالية، والمعبّر عن مشاكل وأحاسيس أبناء الجالية، وحقوق أبناء الجالية. وهي تلقّت الكثير من الانتقادات والتضييق من قبل المسؤولين الكنديين، ومن قبل جماعات صهيونية".

وختم بالقول: "أنا أشعر بينكم أنني بين أهلي، وبين إخواني، وبين أحبّتي. شكرًا جزيلًا حاج حسين، شكرًا جزيلًا شيخ علي، وشكرًا لكم جميعًا".

في كلمة مقتضبة خلال المناسبة، رحّب الحاج حسين حبّ الله بالشيخ حسن غيّة، والدكتور مالك أبي صعب، والمختار نعمان، وشكر الحاضرين على تشريفهم.

اختُتم اللقاء بأجواء ودّية، وتبادل الحضور أحاديث وجدانية حول قضايا الاغتراب والوطن، في ظل ما يمر به لبنان من ظروف دقيقة.

معرض الصور