دارين حوماني
كشف تقرير جديد صادر عن ثلاث منظمات كندية غير حكومية بعد تحليل بيانات التصدير وعقود وزارة الدفاع الأمريكية، أن مئات الشحنات من المتفجرات ومكونات الطائرات المقاتلة انتقلت من كندا إلى إسرائيل عبر الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين، في مسار التفاف على ضوابط التصدير الكندي، مستغلة ما وصفه التقرير بـ "ثغرات" Loopholes في نظام مراقبة الصادرات الكندي.
وقدّمت نتائج التقرير في مؤتمر صحفي عُقد يوم الثلاثاء في أوتاوا، بحضور النائبة عن الحزب الديمقراطي الجديد جيني كوان، وتحدث في المؤتمر كلٌّ من: راشيل سمول من منظمة "عالم ما بعد الحرب" World Beyond War، وحنين إسماعيل من حركة الشباب الفلسطيني PYM، وأليكس باترسون من منظمة "كنديون من أجل العدالة والسلام في الشرق الأوسط" Canadians for Justice and Peace in the Middle East.
وقدّمت جيني كوان مشروع قانون خاصًا يهدف إلى إنهاء الثغرات التي تسمح بالالتفاف على نظام مراقبة تصدير الأسلحة واعتبرت أن نظام مراقبة الأسلحة الكندي معطل، وثغرات الحكومة تسمح للأسلحة المصنوعة في كندا بتأجيج الفظائع في الخارج، بما في ذلك في غزة.
ويوثّق التقرير 34 شحنة من مكونات الطائرات العسكرية خلال الفترة بين أبريل/نيسان 2024 وأغسطس/آب من العام نفسه، تم إرسالها إلى منشآت أمريكية تابعة لشركة “لوكهيد مارتن”، المصنعة لطائرات F-35 المقاتلة، قبل أن تُنقل “بعد أيام قليلة فقط” إلى إسرائيل. كما يشير إلى 360 شحنة إضافية من قطع غيار الطائرات أُرسلت إلى منشأة تجميع طائرات F-35 في فورت وورث بولاية تكساس، إضافة إلى 150 شحنة من المتفجرات انطلقت من منشأتين في مقاطعة كيبيك تابعتين لشركة “جنرال ديناميكس” إلى الولايات المتحدة.
كما رصد التقرير 433 شحنة من مادة TNT نُقلت من مصنع في بولندا إلى الولايات المتحدة، ثم إلى إسرائيل، بعد عبورها ميناء ساجويني في كيبيك.
واعتمد النشطاء في تتبّع هذه الشحنات على بيانات تصدير متاحة تجاريًا وعقود وزارة الدفاع الأمريكية، حيث جرى رصد مسارات البضائع الكندية المرسلة إلى منشآت أمريكية، ثم تَتَبُّع الشحنات التي تحمل "ملصقات شحن متطابقة أو مشابهة" والتي انتقلت لاحقًا إلى شركات التصنيع العسكري الإسرائيلية.
ورغم أن التقرير أقر بعدم إمكانية التأكد بدقة من كيفية استخدام الجيش الإسرائيلي لهذه القطع عند وصولها، فإنه أشار إلى أن الطائرات المقاتلة الحديثة، مثل F-35، تحتاج إلى صيانة مكثفة ومستمرّة للحفاظ على جاهزيتها، وهو ما يعني تزويد إسرائيل بقطع الغيار والإصلاحات التي تحتاجها بشكل فوري لإبقاء طائراتها في الجو.
من جهتها، أعلنت وزارة الشؤون العالمية الكندية أنها لم توافق على أي تصاريح جديدة لتوريد مواد إلى إسرائيل يمكن استخدامها في الصراع الحالي في غزة منذ 8 يناير/كانون الثاني 2024، مؤكدة في الوقت نفسه أنها علّقت نحو 30 تصريح تصدير كان من الممكن أن تُدمج المواد المرتبطة بها لاحقًا في أسلحة مستخدمة في النزاع.
ويؤكد التقرير أن هذه الشحنات تتجاوز ضوابط التصدير الكندية نظرًا لمرورها عبر الولايات المتحدة أولًا، مما يسمح للحكومة الكندية بالتنصل من المسؤولية عن استخدامها النهائي. ويرى القائمون على التقرير أن هذه الصادرات تدعم بشكل مباشر العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
لكن التقرير يلفت إلى وجود ثغرة قانونية كبيرة في قانون ولوائح تصاريح التصدير والاستيراد الكندية، حيث لا تخضع معظم البضائع المرسلة إلى الولايات المتحدة لنظام مراقبة الصادرات، ما يجعلها غير قابلة للتتبع من منظور الحكومة الكندية بمجرد دخولها الأراضي الأمريكية.
ويضيف التقرير أن هذا النظام المعيب يسمح للحكومة الكندية بالتنصل من مسؤوليتها عن الاستخدام النهائي لهذه الصادرات، وبالتالي الإفلات من المساءلة عن الانتهاكات الحقوقية التي قد تُرتكب باستخدامها.
مكونات كندية في سلاح الجو الإسرائيلي
يسلّط التقرير الضوء على أمثلة محددة لقطع غيار كندية تُستخدم في سلاح الجو الإسرائيلي، من بينها وحدات إدارة الطاقة والحرارة المصنعة من قبل شركة “هانيول إيروسبيس” في مدينة ميسيساغا، أونتاريو. وقد وثّق إرسال 174 شحنة منها إلى منشآت لوكهيد مارتن Lockheed Martin في فورت وورث Fort Worthوغرينفيل Greenville بين نيسان/ أبريل وتشرين الثاني/ نوفمبر 2024، قبل نقل شحنة أخرى إلى منشأة الشركة في تل أبيب.
وقال التقرير إن شركة تصنيع كندية أخرى، وهي شركة Héroux-Devtek في لافال، شحنت مجموعات القفل - وهي أنظمة ميكانيكية "تستخدم في أبواب الطائرات مثل حجرات الهبوط" - إلى نفس المنشأة في فورت وورث بولاية تكساس، بين أبريل/نيسان 2024 وأغسطس/آب 2025، مع 11 شحنة أخرى متجهة إلى إسرائيل خلال تلك الفترة أيضًا.
كما أشار إلى تسليمات جرى رصدها لصالح وزارة الدفاع الإسرائيلية وقاعدة جوية إلى جانب منشأة لوكهيد في تل أبيب، داعيًا إلى فرض حظر شامل على توريد هذه المواد.
أما فيما يتعلق بالمتفجرات، فقد تم شحنها من مصانع "جنرال ديناميكس" General Dynamics في فالي فيلد Valleyfield وريبونتيني Repentigny بكيبيك إلى مصانع ذخيرة تابعة للجيش الأمريكي، حيث استُخدمت في إنتاج قنابل MK-84 بوزن 2000 رطل، وقذائف مدفعية عيار 155 ملم، وقذائف دبابات عيار 120 ملم مخصصة للتصدير إلى إسرائيل.
وأشار التقرير إلى أن مصنع فاليفيلد Valleyfield هو المورّد الوحيد في أمريكا الشمالية للوقود الدافع ثلاثي القاعدة M21A2، الضروري لمئات آلاف قذائف المدفعية التي استخدمتها إسرائيل في هجومها على غزة.
كما وصلت مادة TNT التي تنتجها شركة “نيترو-شم” Nitro-Chem البولندية إلى مصانع الجيش الأمريكي بعد نقلها عبر الطرق السريعة الكندية فور وصولها إلى ميناء ساجويني، حيث استُخدمت في تصنيع قنابل MK-84 وقنابل خارقة للدروع من طراز I-2000.
ومن المقرر أن يُناقش مشروع القانون في مجلس العموم لمدة ساعة، على أن تُعقد القراءة الثانية والتصويت عليه في شباط/ فبراير المقبل.

***
وقد قابلت صدى أونلاين الناشط زياد أبي صعب من منظمة PYMالتي كان لها دور كبير في هذا التقرير الذي يكشف أن كندا لا تزال تُمكّن من تدفق السلع العسكرية إلى إسرائيل من خلال ثغرة كبيرة في قوانين التصدير.
وتعتبر حركة الشباب الفلسطيني أنه على الرغم من الادعاءات العلنية، لم تتخذ الحكومة أي إجراء لسد هذه الثغرات أو تقييد الأسلحة المتجهة إلى الولايات المتحدة والتي تُغذي في نهاية المطاف هجوم إسرائيل على غزة. يُوضح التقرير أن كندا تنتهك التزاماتها الدولية، وتظل حلقة وصل أساسية في خط توريد الأسلحة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. كما تؤكد أنه لإنهاء هذا التواطؤ، يجب على كندا سنّ عقوبات، وإصلاح قوانين التصدير، وتطبيق حظر حقيقي وشامل على توريد الأسلحة إلى إسرائيل في كلا الاتجاهين.
ويأتي هذا الحوار مع أبي صعب في سياق الجهود المستمرة التي تبذلها حركة الشباب الفلسطيني PYMوشركاؤها لتسليط الضوء على التواطؤ السياسي والعسكري لكندا، ومساءلة الحكومة الكندية عن سياساتها المتعلقة بتجارة السلاح.
**
ما أبرز الأدلة أو النتائج التي يقدّمها التقرير حول دور كندا كممر للأسلحة إلى إسرائيل؟
يبيّن التقرير أن كندا استمرت في إرسال الأسلحة إلى إسرائيل رغم التصريحات الرسمية التي أكدت وقف ذلك. فقد كانت وزيرة الخارجية السابقة ميلاني جولي قد أعلنت أن كندا أوقفت أو قيّدت تصدير السلاح إلى إسرائيل، إلا أن التحقيقات أثبتت أن هذا التصريح لا يعكس الواقع، ما يشير إلى وجود تضليل أو على الأقل تناقض واضح بين الخطاب السياسي والممارسة الفعلية.
أول تقرير تم إعداده ركّز على الصادرات المباشرة، حيث تم توثيق شحنات أسلحة تخرج مباشرة من مطار ترودو الدولي في كندا وتصل إلى إسرائيل دون أي وسيط.
أما التقرير الثاني فركّز على مسارين رئيسيين:
- الثغرة الأمريكية (U.S. Loophole) حيث تقوم شركات تصنيع الأسلحة مثل General Dynamics وغيرها من الشركات الموجودة في مونتريال ومدن كندية أخرى بشحن الأسلحة أو مكوناتها إلى الولايات المتحدة أولًا، ثم يعاد تصديرها لاحقًا إلى إسرائيل. هذه الآلية تُستخدم للتحايل على القوانين الكندية، خصوصًا أن الوصول إلى معلومات دقيقة حول حجم هذه الشحنات في الولايات المتحدة يبقى محدودًا وصعبًا.
- الشحن البحري من كيبيك: إذ يتم نقل الأسلحة من شركات موجودة في كيبيك ومونتريال، مثل General Dynamics في بونتيني وشركات مثل لوكهيد مارتن، إلى ميناء ساغيني (Port Saguenay)، ومن هناك تُشحن مباشرة إلى إسرائيل، ما يثبت وجود خط بحري مباشر بين كندا وإسرائيل.
وبذلك يخلص التقرير إلى أن كندا تؤدي فعليًا دور "ممر للأسلحة" لإسرائيل، سواء عبر الشحن المباشر أو عبر الالتفاف على القوانين باستخدام الولايات المتحدة كوسيط.
ما هي أنواع الأسلحة أو المكونات العسكرية أو التكنولوجيا مزدوجة الاستخدام التي يتم شحنها عبر كندا؟
يوثق التقرير شحن مجموعة واسعة من المعدات العسكرية، منها:
- قطع لطائرات F-35، وهي من أكثر الطائرات استخدامًا في قصف غزة، وتشمل المحركات والأجزاء الميكانيكية الأساسية للطائرة.
- قنابل من نوع MK-84، وهي قنابل زنة 2000 رطل تُستخدم في الضربات الجوية الثقيلة.
- مواد متفجرة مثل TNT والمواد الدافعة (Propellants) التي تُستخدم في صناعة القنابل وفي تشغيل أنظمة التفجير والطيران.
- قذائف دبابات (Tank Shells) وكميات كبيرة من الذخيرة الحية.
وهذا يدل على أن الشحنات لا تقتصر على معدات دفاعية، بل تشمل أسلحة هجومية ذات تأثير تدميري كبير.
كيف تم تتبع مسار هذه الشحنات؟ وهل توجد فجوة بين السياسات المعلنة والتطبيق الفعلي؟
تم تتبع الشحنات عبر عدة وسائل، منها:
- تصاريح رسمية (Permits) تمنحها الحكومة الكندية للشركات المصدّرة، حيث بلغ عددها 164 تصريحًا.
- سجلات الشحن التي توثق نحو 150 شحنة متفجرات، من بينها قنابل MK-84، و433 شحنة TNT، إضافة إلى 34 شحنة لمكونات مرتبطة بطائرات F-35 وF-16، ومئات الشحنات التي تمر أولًا عبر تكساس قبل وصولها إلى إسرائيل.
كما تم الاعتماد على سجلات التصدير الأمريكية التي تُظهر أن جزءًا كبيرًا من هذه الشحنات مصدره شركات كندية، ما يكشف بشكل واضح وجود فجوة بين السياسة الرسمية التي تدّعي وقف التصدير، وبين الواقع الذي يثبت استمرار هذه العمليات تحت غطاء قانوني وحكومي.
ما الدور الذي لعبته حركة الشباب الفلسطيني في إعداد التقرير؟ وكيف تم التعاون مع الجهات الأخرى؟
لعبت حركة الشباب الفلسطيني (Palestinian Youth Movement) دورًا أساسيًا في إعداد التقرير، من خلال جمع البيانات وتحليلها وتوثيقها، بالتعاون مع منظمات أخرى مثل:
- World Beyond War
- CJPME (Canadians for Justice and Peace in the Middle East)
كما جرى تعاون مباشر مع النائبة الكندية جيني كوان، عضوة حزب NDP، التي ساهمت في إيصال نتائج التقرير إلى البرلمان.
ويعتمد التقرير على وثائق وبيانات رسمية صادرة عن جهات أمريكية مثل وزارة الدفاع الأمريكية، وهي بيانات متاحة علنًا على الإنترنت لكنها تتطلب جهدًا وتتبعًا دقيقًا للوصول إليها وتحليلها، رغم أنها ليست مخفية بشكل رسمي.
هل كان هناك تجاوب سياسي أو رسمي مع ما ورد في التقرير؟
نُظم مؤتمر صحفي داخل البرلمان في أوتاوا بمشاركة حركة الشباب الفلسطيني ومنظمة World Beyond War ومنظمات أخرى، إضافة إلى النائبة جيني كوان.
وقدمت جيني كوان مشروع قانون بعنوان:
Bill C-233 – The No Loopholes Act وهو مشروع قانون خاص (Private Member Bill) يهدف إلى حظر جميع الأنشطة المتعلقة بتجارة الأسلحة مع إسرائيل، سواء بشكل مباشر أو عبر الولايات المتحدة، وإغلاق كافة الثغرات التي تسمح بالالتفاف على القوانين تحت ذريعة استخدام دول وسيطة.
يهدف المشروع إلى:
- وقف جميع منافذ تصدير الأسلحة التي قد تصل إلى إسرائيل.
- منع مشاركة كندا المباشرة أو غير المباشرة في جرائم حرب أو انتهاكات للقانون الدولي.
- فرض التزام قانوني واضح بعدم السماح بأي تعاون عسكري يمكن أن يؤدي إلى التورط في هذه الانتهاكات.
ويُعد هذا المشروع خطوة سياسية مهمة نحو مساءلة الحكومة الكندية ووضع حد للدور الذي تلعبه في دعم الإمدادات العسكرية لإسرائيل، مع التأكيد على ضرورة إغلاق جميع الثغرات القانونية بشكل كامل.
ما الخطوات الملموسة التي تطالبون بها من الحكومة الكندية بعد نشر التقرير؟ وهل هناك إطار زمني للإجراءات؟
مشروع القانون الذي يجري الحديث عنه هو اقتراح قدمته نائبة من حزب NDP بتاريخ 19 أيلول/ سبتمبر، وهو حاليًا في طور النقاش داخل البرلمان. لا يوجد حتى الآن جدول زمني واضح (Timeline) لمراحل إقراره، إذ سيمر عبر النقاشات البرلمانية ثم التصويت عليه من قبل أعضاء البرلمان كافة، ما يتطلب موافقة الأغلبية.
التقرير اليوم في مرحلة القراءة الثانية داخل البرلمان، ولكن لا تزال الإجراءات غير واضحة المعالم من حيث المدة والنتائج النهائية، وكل ما هو مؤكد أنه سيستمر النقاش حوله قبل اتخاذ قرار نهائي.
هل هدفكم الرئيسي هو الضغط على البرلمان لإقرار هذا القرار؟ وما طبيعة هذا الهدف؟
نعم، الهدف الأساسي هو ممارسة الضغط على البرلمان لإقرار هذا القرار السياسي الذي يوقف دعم كندا لإسرائيل ووقف تصدير الأسلحة إليها، سواء بشكل مباشر أو عبر الولايات المتحدة.
في هذه المرحلة، لا يتم التركيز على مقاضاة شركات السلاح أو ملاحقتها قانونيًا، بل الأولوية هي انتزاع قرار سياسي واضح بوقف الدعم والتصدير. وعند صدور هذا القرار، يمكن استخدامه لاحقًا كأساس قانوني لحملات ومساءلات أوسع ضد الشركات والجهات المتورطة، وفتح ملفات تحقيق قانونية تتعلق بانتهاك القوانين والمشاركة في جرائم حرب.
بكلمات أخرى، الخطوة الأولى هي وقف الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل، وما يلي ذلك من إجراءات قانونية يأتي لاحقًا بناءً على هذا القرار.
هل لديكم رسالة واضحة تريدون إيصالها إلى رئيس الوزراء مارك كارني؟
الرسالة الأساسية الموجهة إلى رئيس الوزراء مارك كارني هي ضرورة إنهاء تواطؤ كندا مع إسرائيل (Complicity)، عبر:
- تعديل قوانين تصدير الأسلحة بشكل جذري.
- الالتزام الكامل بمشروع قانون No Loopholes Act
- فرض عقوبات (Sanctions) على إسرائيل.
- تطبيق حظر متبادل على تصدير واستيراد السلاح (Two-Way Arms Embargo)
هذا هو المطلب الجوهري الذي نريد من الحكومة الكندية ورئيس وزرائها الالتزام به بشكل صريح وعملي.
هل سيكون لهذا التقرير تأثير على السياسات الكندية؟
على المستوى الدولي، تواجه إسرائيل اليوم عزلة متزايدة، حتى في المحافل العالمية مثل الأمم المتحدة، حيث بات الخطاب الإسرائيلي يلقى رفضًا وصمتًا دالًا من كثير من الدول بسبب حجم الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت في غزة ولبنان وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومع تصاعد الفضح الإعلامي لهذه الانتهاكات، أصبحت الحكومات الغربية أكثر حرجًا في إظهار دعمها العلني لإسرائيل، فلجأت إلى العمل بشكل أقل وضوحًا لتجنّب انكشاف هذا التواطؤ.
في المقابل، ساهم الضغط الشعبي المتواصل عبر المظاهرات والحملات الإعلامية والانتخابية في تحقيق نتائج ملموسة، إذ شهدنا تغيرًا في مواقف بعض المرشحين والأحزاب خلال الانتخابات البلدية، حيث اضطر مرشحون كانوا سابقًا متساهلين مع إسرائيل إلى إعلان رفضهم لأي تعاون معها نتيجة الضغط الشعبي المستمر.
وهذا يؤكد أن الاستمرار في فضح السياسات والدعم غير المعلن سيؤدي تدريجيًا إلى تغيير في مواقف الحكومات وإجبارها على اتخاذ إجراءات ملموسة.
كيف ترون، كأعضاء في حركة الشباب الفلسطيني، دور جيلكم في التأثير على سياسات الحكومة الكندية مقارنة بالأجيال السابقة؟
هذه الحرب والإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني تمثل مستوى غير مسبوق من الوحشية في تاريخ الصراع، وفي المقابل برز صمود أسطوري لشعوب غزة ولبنان والمناطق المحيطة، وهو ما شكّل لحظة تاريخية فارقة.
في ظل فشل إسرائيل في تحقيق أهداف عسكرية حقيقية على الأرض رغم حجم الدمار والقتل، انتقلت معركتها إلى المجال السياسي، وهنا يبرز دور الجاليات الفلسطينية والعربية في الغرب، وخاصة جيل الشباب، في التصدي لهذه السياسات على المستويين الأيديولوجي والسياسي.
جيل الشتات اليوم يشعر بارتباط عضوي مباشر بما يجري على الأرض، على عكس ما كان عليه الحال في السابق، حيث كان الشعور بالبعد عن الصراع أقوى. أما اليوم، فقد بات الشباب يشعرون أن تحركاتهم فعلًا تؤثر في مراكز القرار، سواء عبر الجامعات أو النقابات أو المؤسسات المجتمعية والإعلامية.
هذا الجيل يمثّل الجبهة الأساسية في مواجهة الدعم الغربي لإسرائيل، والضغط السياسي يجب أن يبدأ من الغرب، وخصوصًا من الولايات المتحدة، التي تُعد الداعم الأساسي لإسرائيل، بينما تأتي كندا في موقع التابع لهذه السياسات.
ما الذي يدفعك شخصيًا للاستمرار في هذا العمل رغم الصعوبات؟
الدافع الشخصي الأول هو مشاهدة التضحيات الهائلة للشهداء والجرحى والأسرى في فلسطين ولبنان، ما يولّد شعورًا أخلاقيًا وإنسانيًا عميقًا بضرورة تقديم أي جهد ممكن، مهما كان بسيطًا، في سبيل دعمهم.
كما أن مشاهدة تنامي الحراك الشعبي منذ بداية الحرب، واتساع رقعته أضعافًا مضاعفة، وتنظيم الناس أنفسهم داخل الجامعات والنقابات والمؤسسات المجتمعية، أثبتت بشكل عملي أن هذا النضال يؤتي ثماره ويؤثر فعليًا على السياسات الحكومية.
كندا، رغم تبعيتها للولايات المتحدة، تبقى ساحة يمكن التأثير فيها سياسيًا بشكل أكبر مقارنة بأمريكا، التي تُعد المحرك الأساسي للسياسات الغربية الداعمة لإسرائيل. ومن هنا تنبع القناعة بأن النضال في كندا وفي الغرب عمومًا هو جزء أساسي من مواجهة هذه المنظومة السياسية التي تقف خلف استمرار الاحتلال والعدوان.
إحالات:
التقرير كاملًا على الرابط التالي:
https://armsembargonow.ca/nomoreloopholes/
المؤتمر الصحافي على الرابط التالي:
201 مشاهدة
30 نوفمبر, 2025
188 مشاهدة
21 نوفمبر, 2025
248 مشاهدة
20 نوفمبر, 2025