سماحة الشيخ علي السبيتي

يوم عاشوراء أكثر من مجرد حدث تاريخي؛ فهو رمز قوي في الثقافة الشيعية. ومن دلالاته التمسك بمبادئ الحق والعدالة والحرية التي ضحى من أجلها الإمام الحسين (ع) بحياته وحياة أصحابه، إضافة إلى  أسر أطفاله ونسائه وإبنه الوحيد الإمام زين العابدين والذي بقي على قيد الحياة بسبب مرضه …

وتنعكس هذه القيم المتأصلة في جوهر الإسلام من خلال الشعائر والتقاليد، وخاصة من خلال مراسم العزاء في شهر محرم الحرام، لتذكير المجتمع المسلم بالإجراءات الحاسمة التي اتخذها الإمام الحسين (ع) والتي ساعدت في إبقاء الإسلام حياً خلال قرون.

دروس من انتفاضة عاشوراء

 تقدّم انتفاضة عاشوراء واستشهاد الإمام الحسين (ع) وأصحابه في كربلاء دروساً دينية وأخلاقية وإجتماعية مهمة للمسلمين، وخاصة الشيعة، يمكن تطبيقها في الحياة اليومية. وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:

الوقوف في وجه الظلم: وقف الإمام الحسين (ع) مع عدد قليل من أصحابه ضد أعداء يفوقونهم بكثير في القوة العسكرية ليثبت أنه لن يستسلم للظلم مهما كان الثمن.

التضحية من أجل القيم العليا: بيّن الإمام الحسين (ع) أن الدفاع عن المبادئ والقيم قد يتطلب أحياناً تضحيات كبيرة. وهذا الدرس مهم لأولئك الذين يسعون إلى التمسك بمبادئهم.

الصبر والمثابرة: طوال حصار ومعركة كربلاء، أظهر الإمام الحسين (ع) وأصحابه صبراً ومثابرة غير عادية، وكانوا مثالاً لجميع المسلمين على الصبر أثناء التجارب.

الولاء لأهل بيت النبي (ص) والعترة الهاشمية: من الجوانب الجديرة بالثناء في انتفاضة عاشوراء الولاء الذي أظهره اصحاب الإمام الحسين (ع) لامامهم (ع) ولبعضهم البعض . لقد وقفوا معًا ودعموا بعضهم البعض حتى النهاية، وسلّطوا الضوء على أهمية الروابط القوية والصادقة بينهم.

أهمية الصلاة والتوكل على الله: خلال نضالهم، ركز الإمام الحسين (ع) وأصحابه على الصلاة والتوكل على الله. حتى أنهم حافظوا على صلواتهم في ظل ظروف الحرب الصعبة للغاية، مما يوضح أهمية التواصل مع الله والثقة به في جميع الأوقات.

الحفاظ على كرامة الإنسان في ظل الظروف الصعبة: هذا الدرس ذو قيمة ليس فقط للشيعة ولكن لجميع الذين يبحثون عن الروحانية والكرامة الإنسانية.

واجبات المسلمين تجاه انتفاضة عاشوراء للمسلمين، وخاصة الشيعة، كثيرة منها:

التذكير بمراسم الحداد خلال شهري المحرم وصفر، مما يساعد المشاركين على التعاطف مع المصاعب التي واجهها إمامهم المبجل والتأمل في تضحياته.

العيش وفق رسائل عاشوراء: إن التأكيد على القيم التي ناضل من أجلها الإمام الحسين (ع)، مثل العدل والصدق والشجاعة، يشجع المسلمين على إدراك دورهم في المجتمع وتأثيرهم على العالم من حولهم.

إن ما يشاهده العالم اليوم من الظلم المريع بحق الأطفال والنساء والأبرياء في غزة على يد الاحتلال الاسرائيلي إنما يزيد عزيمة المؤمنين على التمسك بقيم واقعة الطف ودروسها. إذ أن الجبابرة والطغاة لم يرعووا عن غيهم فلا بد من إستلهام طريق التضحية الحسينية للخلاص من نير الظالمين وتحقيق العدالة والسلام في العالم. وهذا يتطلب تضحيات جسام بالأرواح والأنفس والممتلكات حتى يتيقن الظالم أنه لا يمكنه أن يخادع العالم بشعاراته الكاذبة وادعاءاته المغلوطة وأن الحق سيدمغ الباطل ويعلو عليه مهما طال الزمن وقست الظروف وبلغت التضحيات. فها هو ذكر الحسين (ع) يلهم الثوار والأحرار بينما خمد ذكر قاتليه المجرمين من جيش يزيد ابن معاوية إلى نهاية التاريخ. لا بل ان اللعنات تلاحقهم عبر الأجيال على شنيع ما فعلوه بسبط النبي الكريم ص وأهل بيته واصحابه ما يندى له جبين الإنسانية.

*صورة المادة الخبرية من موقع FREEPIK لأغراض توضيحية.