متابعة عمار هادي ـ مونتريال
يبدو ان هناك في كندا من يصر على التضييق على الحريات ، فقط عندما يتعلق الامر بموضوع حساس وانساني مثل القضية الفلسطينية . فمنع فرقة موسيقية بسبب مواقفها أو شعاراتها المؤيدة للقضية الفلسطينية تعكس إشكالية عميقة في كيفية تعامل كندا مع حرية التعبير من جهة، ومكافحة خطاب الكراهية والتحريض من جهة أخرى.
ففي الخبر الذي نشرت تفاصيله قناة سي بي سي انه قررت الحكومة الفيدرالية الكندية يوم امس الجمعة منع فرقة "الهيب-هوب" الإيرلندية Kneecap من دخول البلاد، وهو ما أجبر المجموعة الشهيرة على إلغاء حفلاتها المقررة في أكتوبر. وكانت العروض الأربعة — اثنان في تورونتو واثنان في فانكوفر — قد بيعت تذاكرها بالكامل منذ أشهر.
تأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من الجدل المثار حول الفرقة في الأشهر الأخيرة، خاصةً إثر تصريحات علنية في مهرجانات موسيقية بارزة، حيث قام أعضاء Kneecap عبر منصتهم بالاعلان عن دعمهم للفلسطينيين وانتقادهم العدوان الهمجي الإسرائيلي في غزة.
النشأة والجذور
تأسست Kneecap عام 2017 في بلفاست. اسم الفرقة يحمل معنيين: فهو يشير إلى عقوبة إطلاق النار على الركبتين التي استخدمتها جماعات شبه عسكرية جمهورية، كما يرتبط بعبارة إيرلندية “ní cheapaim” وتعني “لا أظن”.
الفرقة تغني بالإيرلندية والإنجليزية، وتولي أهمية لإحياء اللغة الإيرلندية التي صنّفتها اليونسكو على أنها "مهددة بالاندثار". ورغم الجدل السياسي، إلا أن معظم أغانيها ذات طابع ساخر واحتفالي، بعروض مسرحية مليئة بالطاقة والأجواء الصاخبة.
تضامن مع فلسطين… وتهم بالإرهاب
تؤكد الفرقة أن تجربة الاحتلال البريطاني أثّرت في مواقفها المتضامنة مع الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي. وفي حفلها في مهرجان كوتشيلا بأبريل 2025، رفعت رسائل تقول: "إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني" و*"فلسطين حرة"*.
أثارت تلك التصريحات غضب جماعات يهودية بريطانية قدّمت بلاغات للشرطة لمكافحة الإرهاب، مع تسليم مقاطع فيديو لعرض سابق يُظهر Mo Chara وهو يرفع علم حزب الله. ونتيجة لذلك، وُجهت له تهمة إرهابية في بريطانيا ما زالت قيد المحاكمة.
الفرقة نفت دعمها لحزب الله أو حماس، مؤكدة أن رفع العلم كان عفويًا بعد أن أُلقي على المسرح، ووصفت التهم بأنها محاولة لإسكات الأصوات الناقدة.
سينما وجوائز
رغم الجدل، حظيت الفرقة بنجاح فني، حيث أنتجت فيلمًا شبه سيري ذاتي بعنوان Kneecap، أصبح أول فيلم باللغة الإيرلندية يُعرض في مهرجان "صندانس"، بعد فوزها بدعوى تمييزية ضد الحكومة البريطانية التي حاولت منع منحة مالية عنها.
الإلغاء والرقابة
في يونيو 2025، أثارت Kneecap ضجة في مهرجان غلاستونبري بعد قيادتها هتافات: "أطلقوا سراح مو تشارا" و*"يسقط كير ستارمر"* (رئيس الوزراء البريطاني)، بينما ترفرف الأعلام الفلسطينية في الحشد. هيئة الـBBC حذفت فقرتهم من البث المباشر.
كما منعتها المجر من دخول أراضيها لثلاث سنوات، وألغت الفرقة جولة أميركية من 15 حفلة بسبب محاكمة أحد أعضائها.
قرار كندا
يوم الجمعة، أعلن فينس غاسبّارو، السكرتير البرلماني الكندي المكلف بمكافحة الجريمة، أن Kneecap ممنوعة من دخول كندا، متهمًا إياها بأنها "تضخّم العنف السياسي وتعرض رموزًا مرتبطة بمنظمات إرهابية مثل حزب الله وحماس".
وردّت الفرقة ببيان وصفت فيه الاتهامات بأنها "باطلة وخبيثة تمامًا"، معلنة نيتها اتخاذ إجراءات قانونية ضد غاسبّارو، ومؤكدة أنها ستواصل التعبير عن مواقفها الفنية والسياسية.
ازدواجية في التعامل
ويرى مصدر متابع في الجالية اننا " كمسلمين في كندا، نتابع هذه التطورات بقلق مزدوج.
اذ أن حرية التعبير تُستخدم أحيانًا بمرونة عندما يتعلق الأمر بخطابات تمس المسلمين، بينما يتم تقييدها بسرعة عندما تُوجَّه الانتقادات لإسرائيل أو تُطرح مواقف تضامنية مع الفلسطينيين. هذا الكيل بمكيالين يثير المخاوف من ازدواجية المعايير ويُضعف الثقة في حياد مؤسسات الدولة". وفي الوقت نفسه، اضاف المصدر " نحن نرفض أن تُستخدم القضية الفلسطينية أو غيرها كذريعة لتبرير خطاب يحرض على الكراهية أو العنف ضد أي جماعة، بما في ذلك اليهود". وشدد على ان " التضامن مع المظلومين يجب أن يبقى إنسانيًا وسلميًا، بعيدًا عن الرموز التي قد تُفهم كدعم لتنظيمات مسلحة أو كيانات مصنّفة إرهابية".
اخيرا قال المصدر نريد من كندا " ان تحمي حرية التعبير وحق التضامن، لكن دون أن يسمح بخطابات الكراهية ضد أي طرف. ونطالب الحكومة باعتماد مقاربة عادلة، لا تستهدف فئة معينة ولا تُقصي أصواتًا نقدية فقط لأنها تتناول قضايا حساسة مثل فلسطين، التي تنفذ فيها قوات الاحتلال ابادة جماعية على مرأى من العالم ".
48 مشاهدة
22 سبتمبر, 2025
138 مشاهدة
21 سبتمبر, 2025
109 مشاهدة
21 سبتمبر, 2025