دارين حوماني ـ مونتريال
مانويل تابيال Manuel Tapial اسم ناشط في مجال حقوق الإنسان ولأجل فلسطين منذ أكثر من عشرين عامًا. برز اسمه ضمن "أسطول الحرية إلى غزة" عام 2010 والذي تم استهدافه من قبل القوات الإسرائيلية وتدميره وقتل 10 أفراد من طاقمه.
منذ انطلاقة حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، أسّس مانويل تابيال منظمة Palestine Vivra في مونتريال التي حققت حتى الآن العديد من الفعاليات لرفع الوعي بالقضية الفلسطينية وجمع الأصوات حول فلسطين. ويعمل حاليًا على تنظيم مؤتمر لدعم فلسطين في شهر أيار/ مايو.
ولمانويل تابيال عشرات المقالات التي يتناول فيها الظلم الواقع على الفلسطينيين، وحاليًا هو كاتب في موقع rebelion.org. يرفع فيها الصوت عاليًا باستمرار لوقف المذبحة في غزة.
عن منظمة Palestine Vivra والمؤتمر المنوي عقده، كان لنا هذا الحوار معه.
نود بداية أن نقدّمك لقرائنا من الجالية العربية في كندا..
أنا في الأصل من إسبانيا، وأعيش في كندا منذ عام 2013. وأنا ناشط في مجال حقوق الإنسان منذ أن كنت في إسبانيا والآن في مونتريال أيضًا. كنت أعمل في إسبانيا لدى منظمة غير حكومية تدعى "الثقافة والسلام والتضامن، هايدي سانتاماريا" . لنقل إنه المكان الذي تعلمت فيه، سياسيًا. وكنت مسؤولًا فنيًّا في مشاريع التعاون الدولي. عملت معهم لمدة 13 عامًل قبل أن أتي إلى هنا.
أخبرنا كيف بدأت تتأثر بالقضية الفلسطينية ولماذا اخترت دعمها؟
حسنًا، المكان الذي كنت أعمل فيه كان ذا توجه سياسي. كان عملنا الأساسي هو التضامن مع كوبا، فلسطين، تشياباس في المكسيك، ومع الجبهة المناهضة للإمبريالية في ذلك الوقت. بدأت كمتطوع لأني رغبتُ أن أعمل في المجال الحقوقي الإنساني، ثم أصبحت أصبحت موظفًا رسميًا من المنظمة، وكنت أكتب مشاريع للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وفجأة أدركت أنني لم تتح لي الفرصة للقاء أي لاجئ فلسطيني. لذلك قررت حمل حقيبتي والذهاب إلى لبنان. زرت شركاءنا هناك، وزرت جميع المخيمات. وهناك أدركت أننا قد نرسل ملايين اليوروهات، ولكن ذلك لن يغيّر واقع اللاجئين. ربما على المستوى الصغير سنكون مفيدين، نعم، من خلال تزويدهم بالأشياء التي يحتاجونها. ولكن على المدى المتوسط والطويل، لن نغير شيئًا.
إننا نشارك في تقديم المساعدات التي تبقي اللاجئين في وضع اللجوء. لذلك، أصبحت ناشطًا. قررت تغيير طريقة تفكيري والدخول في السياسة، في محاولة لتغيير مواقف حكوماتنا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ذهبت في لبنان إلى مخيمات عين الحلوة، البداوي، نهر البارد، مار إلياس، البرج البراجنة، تقريبًا جميع المخيمات في لبنان.
عند لقائك مع الفلسطينيين في لبنان، لا بد أنك سمعت الكثير من القصص المؤثرة. أخبرنا عن هذه التجربة..
الحقيقة كانت تجربة صعبة جدًا. أول مرة ذهبت فيها إلى لبنان كانت في عام 2006. وكان لا يزال هناك أشخاص على قيد الحياة من نكبة 1948، الذين غادروا فلسطين عندما كانوا أطفالًا. من الواضح أنهم أصبحوا مسنين الآن، لكنهم ما زالوا يحتفظون بمفاتيح منازلهم، وحلم العودة لا يزال حيًا كما كان من قبل، كان ذلك مؤلمًا جدًا بالنسبة لي، كان مشهدًا مؤثرًا للغاية أن أراهم يحتفظون بمفاتيحهم. شعرت أنني أمتلك امتياز أن أكون شاهدًا على قصتهم.
وعندما نعيش مثل هذه التجارب، لا يمكننا أن ندير وجهنا عنها. لقد كان التأثير عليّ قويًا جدًا لدرجة أنني جعلت ذلك سببًا للحياة، سببًا للنضال والاستمرار. هذا هو الظلم بحدّ ذاته، ويجب أن نفعل شيئًا حيال ذلك.
لكن ما لفت انتباهي كثيرًا، وهو كمية الأسلحة في المخيّمات. كان هناك الكثير من الأسلحة، وكانت حديثة جدًا. وهذا جعلني حزينًا للغاية، لأنني كنت أفكر في من له مصلحة في تقسيم الفلسطينيين إلى مجموعات صغيرة لقتال بعضهم البعض.
لقد حدث ذلك مرات عديدة في لبنان. وكنت أتحدث عن هذا الأمر كثيرًا. كنت غاضبًا للغاية، لأن لا يوجد سبب لذلك. لا يمكن أن يكون الفلسطيني عدوًا لفلسطيني آخر. هناك جهات تدفعهم إلى التفرقة.
قمت برحلة بحرية إلى غزة لدعمها مع مجموعة من الناشطين. هل تمكنتم من الوصول وماذا حدث في غزة؟
حاولت الذهاب إلى غزة مرتين. تم منعي في المرتين من الوصول. المرة الأولى التي حاولت فيها الذهاب إلى غزة كانت في عام 2009، حاولت أيضًا الوصول إلى غزة عن طريق البر عبر مصر، ولكن تم منعنا في العريش. الجيش المصري هو الذي منعنا من الوصول إلى غزة.
في عام 2010 انطلقنا مع أسطول الحرية في غزة. وهو تحالف دولي يهدف إلى كسر الحصار عن غزة. كنا ست سفن وعلى متنها حوالي 700 شخص. وكنا محميين بالقانون الدولي، أي أننا كنا نتحرك بشكل قانوني تمامًا. ولكن إسرائيل قررت مهاجمة سفننا في المياه الدولية. كنا على بعد 80 ميلًا فقط من غزة. قتلوا 10 من زملائنا، واختطفوا، وقتلوا أكثر من 50 شخصًا، واحتجزونا جميعًا في المياه الدولية.
بعد ذلك، أخذونا إلى إسرائيل، ووضعونا في سجن بئر السبع. وبعد فضيحة دولية كبيرة، مارست العديد من الدول حول العالم ضغوطًا على إسرائيل لإطلاق سراحنا. كان الضغط الدولي كبيرًا جدًا على إسرائيل، وبعد يومين تم ترحيلنا إلى إسطنبول.
قام الجيش الإسرائيلي باستهدافكم وقتل 10 منكم بينما كنتم تتحركون تحت القانون الدولي ضمن عملية إغاثة إنسانية وغير مسلحة، كيف كان شعورك عند احتكاكك المباشر معهم في السجن؟
الجنود الإسرائيليون كانوا رجالًا ضخامًا، وكانوا عنصريين للغاية. إنهم عبارة عن جيش يتدرب على القتل. هذا جيش، وليس مثل الشرطة التي لدينا هنا لتفريق الناس. هؤلاء الأشخاص يحاولون القتل، وهم يقتلون بالفعل.
الأشخاص الذين قُتلوا منا هي مجموعة من الناشطين، كانوا أتراكًا، وبعضهم أمريكيون من أصل تركي. هم نشطاء إنسانيون، وكانوا جزءًا من دعم فلسطين. جميعهم كانوا عمال إغاثة. لقد جلبنا أطنانًا من المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكن الجيش الإسرائيلي دمر كل شيء، كل ما أحضرناه لأهل غزة.
هل كان لهذه التجربة تأثير على حياتك؟
نعم، بالتأكيد. لقد جعلوني فلسطينيًا. أعتبر نفسي فلسطينيًا الآن. الآن أعرف ما يشعر به الفلسطينيون. ليس بنفس الدرجة، ولكن إذا كانوا قد تعاملوا معنا، ونحن قادمون من أكثر من 25 دولة مختلفة، بهذه الطريقة، فماذا يفعلون بالفلسطينيين؟ وما الذي لا نعرفه؟
أسّستم منظمة "Palestine Vivra"، كيف ومتى كانت الانطلاقة؟
مع الإبادة الجماعية التي تحدث في غزة، قررنا نحن وبعض الأشخاص أننا لا يمكن أن نبقى صامتين. لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي. لدينا المعرفة، لدينا الموارد، لدينا المهارات. كان علينا أن نفعل شيئًا. لا يمكن أن نظل متفرجين بينما كل هذه الفظائع تحدث هناك.
لذلك بدأنا في شباط/ فبراير العام الماضي بالعمل على إنشاء مجموعة من أجل أسطول حرية جديد لهذا العام. حاولنا الذهاب بحرًا مرة أخرى، لكن تم إيقافنا في تركيا.
ومن هنا، قررنا أن نصبح منظمة قانونية لنكون جهة رسمية لدعم الأعمال الدولية، مثل أسطول الحرية هنا في كيبيك. وأصبحنا منظمة رسميًا في كيبيك في 20 آب/ أغسطس 2024.
ولدنا بهذه النية، ولدنا بهدف أن يأتي يوم نختفي فيه، نعم، نريد أن نختفي. لا نريد أن نكون ضروريين في وقت ما. نأمل أن نساعد في تحرير فلسطين، حتى لا تكون هناك حاجة لوجودنا عند التحرير.
ما هي أبرز أهداف وخطط "Palestine Vivra"؟
لدينا خطة للعمل في مجالات مختلفة، مثل المجال الثقافي، لأننا نؤمن بأن الفن لديه القدرة على توثيق اللحظات التاريخية. يمكن للفن أن يكون أكثر من مجرد فن استهلاكي سطحي، أو يمكن أن يكون فنًا يُعرض في المتاحف بعد 20، 30، 50 عامًا، ليحكي للعالم ما كان يحدث في هذه الحقبة. تمامًا كما نفعل اليوم عندما ننظر إلى فن القرن الثامن عشر أو السابع عشر لفهم ما حدث في الماضي.
على سبيل المثال، الفنانون والموسيقيون لديهم القدرة على تخليد الواقع في كلماتهم وأغانيهم. لذلك، نرغب في التواصل مع هؤلاء الفنانين وإشراكهم في التضامن مع فلسطين. نحن بحاجة إلى أصوات لفلسطين. نحتاج إلى جمع الناس وجعلهم جزءًا من هذه الحركة التي نبنيها.
وواحدة من المجالات الأخرى التي قررنا العمل عليها هو التعليم.
كيف يتعلم أطفالنا؟ هذا سيكون له تأثير كبير على مستقبل المجتمع. لذلك، لدينا مشروع نعمل عليه تدريجيًا ونريد تطويره، وهو إدخال القضية الفلسطينية في المدارس، وتعريف الأطفال بحقيقة الوضع في فلسطين.
نريد أن نقوم بذلك من خلال مسابقة حيث يُطلب من الأطفال الكتابة حول الموضوع. سنوفر لهم معلومات من الأمم المتحدة والهيئات الدولية المعترف بها، حتى لا يتمكن أحد من اتهامنا بأي شيء. وباستخدام هذه المعلومات، سيُطلب من الأطفال إعداد أبحاث وكتابة قصص حول كيف يتخيلون أن الأطفال الفلسطينيين يعيشون تحت الاحتلال.
لقد قمت بتنفيذ هذه التجربة بالفعل في إسبانيا، وشارك فيها أكثر من 3000 طفل. نشرنا كتابًا يحتوي على القصص الفائزة في المسابقة، وكان أمرًا رائعًا، لأننا قمنا بترجمته إلى العربية وأرسلناه إلى غزة. وهكذا، تمكن الأطفال في غزة من رؤية أن الأطفال في إسبانيا كانوا يفكرون فيهم.
نريد إنشاء هذا النوع من الروابط، وسنعمل على إعادة إنتاج هذه التجربة هنا في كيبيك أيضًا. ربما سنواجه الكثير من المقاومة من الحكومة، لأنهم سيحاولون تصنيفنا بأي شكل، لكن الحقيقة أننا لسنا متحيزين لأي طرف، نحن فقط بشر. ولدينا الحق في تعليم أطفالنا السلام، وتربيتهم على أفكار تمنعهم من الرغبة في قتل أي شخص في المستقبل.
الوصول إلى المدارس الحكومية قد يكون صعبًا بعض الشيء، ما هي الطريقة لتحقيق ذلك؟
نعم، لذلك نحن نبحث عن دعم من المعلمين والنقابات التعليمية .على سبيل المثال، CSN وهي واحدة من أكبر النقابات هنا في كيبيك، وتضم 400.000 عامل، من بينهم أكثر من 35.000 معلم في جميع أنحاء كيبيك. لذلك، سنعمل معهم لإدخال هذه المسابقة إلى المدارس من خلال المعلمين أنفسهم. نحن نبحث عن حلفاء لجعل هذا الأمر ممكنًا.
قمتم بعدد من الفعاليات لجمع أصوات لفلسطين وإظهار الحقيقة، ما هي أبرز هذه الفعاليات والأنشطة؟ وبالتوازي معها، هل هناك خطة لجمع التبرعات لأجل غزة؟
نعم، قمنا بالكثير من الأنشطة قبل ذلك. في سبتمبر، أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر، قمنا في مناطق مختلفة في كيبيك بعرض فيلم وثائقي بعنوان "الحقيقة الضائعة في البحر" The Truth Lost at the Sea، إنه فيلم يتناول الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية.
كنا نجوب المقاطعة، وكان نجاح الفعالية كبيرًا جدًا، لأننا كنا نحاول توضيح كيف تقوم إسرائيل بالتلاعب بالحقائق لتحقيق مكاسب سياسية، حتى عندما تقول الحقائق عكس ذلك تمامًا.
عرضنا الفيلم في جامعة شيربروك، جامعة لافال في كيبيك، ومونتريال، في مكانين مختلفين. كان الحضور كبيرًا، وكان تفاعل الناس رائعًا.
كان الهدف الحديث عن فلسطين وكذلك جمع التبرعات لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. لدينا مشروع تعاون مع مستشفى للفلسطينيين هناك، لذلك نظمنا حملة تبرعات من خلال عرض الفيلم. كما قمنا بأربع فعاليات أخرى تعتمد على الفن.
على سبيل المثال، مؤخرًا أقمنا نشاط "النساء من أجل فلسطين"، و"أمريكا اللاتينية مع فلسطين"، بالإضافة إلى فعالية Marmara Fest، وأخرى مماثلة. استطعنا جمع 10,700 دولار من هذه الفعاليات المختلفة، وأرسلناها بالفعل إلى المستشفى أمس. نحن فخورون جدًا بعملنا.
أنشطتنا تعتمد إلى حد كبير على الفن والتوعية الثقافية. نحن نحاول الوصول إلى فئات مختلفة من الناس، خاصةً أولئك الذين ربما لن يشاركوا أبدًا في مظاهرة.
نحن نعمل على فتح مساحات جديدة للحوار حول فلسطين وحقيقتها. وحتى الآن، أعتقد أن الأمور تسير بشكل جيد للغاية.
تنظّمون في أواخر شهر أيار/ مايو المقبل مؤتمرًا حول فلسطين، حدّثنا عن هذا المؤتمر، ما هي أهدافكم ومن سيشارك فيه؟
تحليلنا الآن هو أن الواقع العالمي يتغير. النظام القانوني الدولي كما كنا نعرفه تم تدميره بالكامل على يد الولايات المتحدة وإسرائيل. تصاعد التيارات اليمينية المتطرفة في أمريكا الشمالية وأوروبا يغيّر الواقع من القمة، وخلال بضع سنوات، سنشعر بتأثير هذه التغييرات.
العالم يتجه نحو نوع من الشمولية دون أن ندرك ذلك. نرى إيلون ماسك يؤدي التحية النازية على التلفاز. نرى أشياء لم يكن من الممكن تخيلها قبل 10 سنوات.
نحن قلقون بشأن العالم الذي يتشكل من حولنا. بالنسبة لنا، فإن الإبادة الجماعية في فلسطين ليست سوى رأس جبل الجليد لشيء أكبر بكثير.
إسرائيل محت غزة من الخريطة. والآن تحاول إجبار مليوني شخص على مغادرة القطاع وإعادة احتلال غزة بكل حصانة، لا أحد يتحرك. الجميع يتحدث عن أوكرانيا، ويرسلون جيوشًا لحمايتها، ولكن ماذا عن الفلسطينيين؟ لا قوات خوذ زرقاء، لا خوذ بيضاء، لا دولة أخرى تستطيع إرسال جنود لحمايتهم من إسرائيل.
كل هذه الحقائق تجعلنا ندرك أن ما يحدث في فلسطين قد يحدث في أماكن أخرى من العالم في ظل هذا المد الشعبوي اليميني المتطرف القادم. الدبلوماسية لم تعد موجودة. كل شيء يدور الآن بين روسيا، الصين، والولايات المتحدة، وباقي الدول لم تعد تمتلك أي قوة عسكرية لمواجهتهم. لذلك، يمكنهم فعل ما يريدون دون أي عواقب.
تحت هذه الرؤية، نحن نُعدّ لمؤتمر بمناسبة الذكرى الـ15 للهجوم على سفينة "مافي مرمرة" ضمن أسطول الحرية في عام 2010.
المؤتمر سيكون بعنوان: "فهم واقع فلسطين، الترامبية، والتقلبات الاجتماعية-السياسية".
نريد أن نناقش هذا الموضوع من أربعة محاور رئيسية، حيث سيتم تقسيم المؤتمر إلى جلسات منفصلة لأننا نعتقد أنه من المهم أن يكون لدينا منظور مختلف، وخاصةً من الخبراء المخضرمين في الإعلام الذين يمكنهم تسليط الضوء على كيف وصلنا إلى هذه المرحلة، وما الذي حدث على مدار التاريخ ليقودنا إلى الوضع الحالي. نريد أن نعرف لماذا نحن هنا الآن.
إحدى الجلسات ستكون بعنوان "الهيمنة الغربية والرأسمالية: إبادة فلسطين كعرض من أعراض عصر التغيير".
ولدينا موافقة الصحفي ميشيل كولون Michel Collon للمشاركة في المؤتمر، وهو أمر رائع أن يكون حاضرًا في مونتريال. سيكون ميشيل كولون في جلسة بعنوان "النظام العالمي الجديد: ماذا سيأتي بعد ذلك؟".
لدينا أيضًا تأكيدات من هُويدا عرّاف، وهي مؤسِسة حركة التضامن الدولية (ISM)، ومحامية متخصصة في القانون الدولي. ودان كوفاليك، وهو محامٍ آخر قادم من الولايات المتحدة.
نحن ننتظر تأكيدات أخرى لا يمكنني الإعلان عنها الآن، ولكن أعتقد أن المؤتمر سيكون بالغ الأهمية، لأن القضايا التي سنناقشها تمس الجميع.
نحن قلقون بشأن العالم الذي نعيش فيه، وأين نحن ذاهبون. نريد إطارًا تحليليًا مشتركًا لنفهم الوضع، ولكن أيضًا لنكون قادرين على التحضير لأي نوع من المقاومة ضد الفاشية المتصاعدة.
لأنني أتحدث مع الكثير من الناس، ولكل شخص أفكار مختلفة، ولكن لا يوجد إطار موحد يمكننا الرجوع إليه جميعًا للعمل معًا. لذلك، نعتقد أن الوقت قد حان للتقارب، ومع هذا الإطار المشترك، يمكننا الاستعداد لمقاومة عالمية، ليس فقط هنا في مونتريال وكندا، بل أيضًا في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث يعمل الناس بالفعل على ذلك.
وهنا، نحن بحاجة إلى بدء شيء ما، لأننا على الأرجح سنكون جزءًا من حرب قادمة. بالنسبة لي، فأنا في الخمسينيات من عمري، وسأشهد هذا التحول. لكنني أيضًا أب لطفلتين صغيرتين، وأنا قلق جدًا بشأن العالم الذي ينتظرهما.
لذلك، نحن بحاجة إلى أن نكون نشطين، وأن نفعل شيئًا، ونحتاج إلى إطار ثقافي وسياسي لفهم ما يجب علينا القيام به بشكل فعال. هدف المؤتمر هو إنشاء هذا الإطار.
هل تعتقد أن المؤتمر يبني حجرًا في طريق رفع الوعي حول ما يحدث في فلسطين؟
نحن بحاجة إلى الاستمرار في الحديث عن فلسطين، ولكن لا يمكننا عزلها عن بقية الأحداث العالمية. لأن ما يحدث في فلسطين مرتبط بالنظام العالمي الجديد. لو كان العالم مختلفًا، لما كان ممكنًا أن يحدث ما يحدث في فلسطين.
لو كان هناك نظام قانوني دولي عادل، لكانت إسرائيل واجهت المساءلة. لذلك، عندما نتحدث عن فلسطين اليوم، يجب علينا أيضًا التحدث عن ترامب، عن إيلون ماسك، عن آلة الحرب التي تريد أوروبا وكندا تطويرها معًا، عن الناتو، عن الجغرافيا السياسية، عن الاقتصاد.
لقد كنا نتحدث عن فلسطين لمدة 76 عامًا. لم نتوقف يومًا عن الحديث عنها. ولكن منذ بداية القرن العشرين، هناك شيء تغير: لم يعد هناك قوة شعبية حقيقية تستطيع مواجهة الأوليغارشية والرأسمالية والأنظمة الفاسدة.
لقد مر100 عام تقريبًا دون وجود حركات شعبية قوية قادرة على إحداث تغيير جذري في النظام. حصلت الثورة الروسية عام 1917، ثم الثورة الصينية، لكن اليوم، ما هي المراجع أو النماذج التي لدينا لمواجهة ترامب، لمواجهة صعود اليمين المتطرف؟ من يقود المواجهة الآن؟
لذلك، عندما نتحدث عن فلسطين، علينا أن نتحدث عن كل هذه القضايا الأخرى.
لا يمكننا إبقاء فلسطين في عزلة. فلسطين هي رأس جبل الجليد، لكن تحت الماء، هناك العديد من العوامل التي تسمح بحدوث ما يحدث في فلسطين. لذا، نحن نحتاج إلى الذهاب إلى جذور المشكلة، إلى جوهر الوضع.
أنت تستهدف توعية الجمهور الناطق بالفرنسية والإنكليزية، وهو جمهور معظمه مؤدلج بالفكر الغربي. كيف ترى تأثير أنشطتك على الجمهور الناطق بالإسبانية على وجه الخصوص، الذي يبدو، أقصد في كندا، نوعًا ما بعيدًا عما يحدث، فهم يدعمون فلسطين، ولكنهم في الوقت نفسه غير منخرطين بعمق في القضية؟
حسنًا، لقد أصبحنا مرجعًا للناطقين بالإسبانية هنا، ومعظمهم من أمريكا اللاتينية. العديد منهم جاءوا بسبب الديكتاتوريات في تشيلي أو الأرجنتين، أو أنهم من الجيل الثاني للمهاجرين الذين فر آباؤهم من تلك الأنظمة. لذلك، لديهم وعي سياسي حول هذه القضايا. لكن المشكلة ليست أنهم بعيدون، بل أن لا أحد يخاطبهم!
نحن نخاطبهم، ربما لأنني من أصل إسباني ولأنها لغتي الأم، فيكون الأمر سهلاً بالنسبة لي. ولكن عندما تتوجه إليهم مباشرة، تجد أنهم يحملون غضبًا كبيرًا بداخلهم، ليس فقط بسبب فلسطين، ولكن بسبب الأوضاع في بلدانهم أيضًا.
في تشيلي والأرجنتين الآن، هناك استعمار جديد، ديكتاتوريات، وتدخلات أمريكية. هناك غضب حقيقي داخل هؤلاء الأشخاص، وهم يريدون التحرك، ولكن لا أحد يتحدث إليهم ويقول لهم: "مرحبًا، لديكم مساحة هنا، تعالوا لنفعل شيئًا معًا!".
هذا ما فعلناه. لكننا لا نحصر أنفسنا فقط على الناطقين بالإسبانية، بل نحن نصل إلى الناطقين بالإنكليزية والفرنسية أيضًا. هنا في مونتريال، المدينة متعددة الثقافات جدًا، والجميع يتحدث ثلاث أو أربع لغات، لأن معظمنا مهاجرون أو أبناء مهاجرين. لذلك، نحن نحافظ على هويتنا الثقافية.
الفرانكفونيون لم يفهموا هذه التعددية بشكل كافٍ، في رأيي. أما الأنكلوفون، فيشعرون بالتهميش من قبل الفرانكوفون، ولذلك هناك نوع من التوتر بينهم.
لكن في النهاية، أدركنا أنه يمكننا العمل معًا، لأن القضايا العالمية أكثر أهمية من الجنسية أو اللغة أو الوظيفة أو الدخل. وفي النهاية، سنُتأثر جميعًا بغض النظر عن لغتنا، أو أصلنا، أو عرقنا. وعندما نضع القيم الإنسانية في قلب النقاش، يصبح العمل المشترك ممكنًا دون الاهتمام باللغات أو الجنسيات أو الأعراق.
هل تعتقد أن الهدف الرئيسي لهذه الفعاليات يجب أن يكون حول التأثير على الانتخابات؟ هل لديكم برنامج لرفع الوعي حول من يجب انتخابه؟
هناك أشخاص ينظمون حملة مذهلة تسمى "صوّتوا لفلسطين" votepalestine.ca. إنها حملة رائعة جدًا، يتم إعدادها بشكل جيد للغاية، ويتم نشرها على جميع وسائل التواصل الاجتماعي.
هناك مئات النشطاء الذين يتواصلون مع المرشحين للبرلمان، ويطالبونهم بالتوقيع على خمس نقاط رئيسية، مثل حظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، والاعتراف بدولة فلسطين، وغيرها.
وبالتالي، قبل أن يُمنح هؤلاء السياسيون أصوات الناخبين، عليهم الالتزام بهذه القضايا. وهذا يمكن أن يخلق ضغطًا كبيرًا على السياسيين.
ولكن في كندا، نحن الآن على أبواب انتخابات وطنية، وهناك تأثير كبير من ترامب وإيلون ماسك، مما جعل الكنديين قلقين جدًا.
الكثير من الناس يخشون أن تصبح كندا مستعمرة أمريكية تحت حكم ترامب. لذلك، هذا الخوف قد يكون عاملًا مهمًا في الانتخابات. في ظل الظروف العادية، أعتقد أن حملة قوية يمكن أن تؤثر بشكل حقيقي على الانتخابات فيما يتعلق بفلسطين. لكن في هذه الحملة الحالية، ومع الوضع العالمي الجديد، سيكون من الصعب وضع فلسطين كقضية رئيسية في الاقتراع.
لكنني متفائل، لأنه إذا استطعنا إظهار للناس ما يفعله ترامب في غزة، وما يقترحه لغزة، والتكلفة البشرية الهائلة للدمار... فإنهم سيدركون أنه يمكنه فعل الشيء نفسه هنا، أو في أي جزء آخر من العالم.
نحن قد نكون مثل أهل غزة يومًا ما، تحت إدارة ترامب. لذلك، إذا استطعنا استخدام الأدوات التي يصنعها بنفسه، مثل الخوف، وعدم اليقين، والقلق الذي ينشره بين الكنديين، فربما نتمكن من جعلهم يرون فلسطين بشكل مختلف.
ضع نفسك مكان الفلسطينيين للحظة. ما يحدث للفلسطينيين يمكن أن يحدث لنا. من الذي يضمن لك أن ترامب لن يفعل الشيء نفسه؟ إذا كان لا يعترف حتى بكندا كدولة مستقلة، فلماذا لا يحتلها؟ لماذا سيذهب إلى العراق لسرقة النفط، بينما كندا أقرب إليه، وتقع على حدوده، وتملك كميات هائلة من النفط؟ العالم يتغير الآن. لذلك، علينا استخدام خيالنا لتصور السيناريوهات المختلفة. واختيار السيناريو الأكثر إقناعًا للناس، حتى يتمكنوا من رؤية الحقيقة بوضوح.
حاليًا، لا أحد يعرف إلى أين يتجه العالم، وكل السيناريوهات مفتوحة. وأحد هذه السيناريوهات هو أن تصبح كندا الولاية الأمريكية رقم 51. هل تريد ذلك؟ هل تريد أن يتم احتلالك؟ هل تريد أن يفقد الناس نظامهم الصحي والاجتماعي؟ هل تريد أن تذهب إلى المستشفى وتضطر إلى دفع آلاف الدولارات من أجل العلاج؟ هذه الحقوق التي نتمتع بها اليوم هي ثمرة نضال طويل للطبقة العاملة في كندا. ويمكننا أن نخسر كل ذلك. هل هذا ما نريده لكندا؟
هناك أوراق يمكننا اللعب بها. لذلك، أعتقد أن لدينا فرصة لإعادة التوازن، والتأثير على الناس بطريقة ذكية.
لديك تاريخ طويل في الدفاع عن القضايا الإنسانية، كأن الأمر يجري في دمك، ما الذي يحفّزك على القيام بذلك؟
أنا إنسان. تعلمت كيف أتعاطف مع الأشخاص الذين يعانون. أنا حفيد مقاتل جمهوري في إسبانيا، قاتل ضد الديكتاتورية. جدي سُجن لمدة 20 عامًا في عهد فرانكو. كان يعيش في خوف دائم من أن يُعتقل مرة أخرى. اسمه أنخل إسبينارت Angel Espinar.
في منزل جدي، لم يكن من المسموح التحدث عن السياسة أبدًا، لأن الخوف كان يسيطر عليه. حصل على إطلاق سراح مشروط بشرط عدم ممارسة السياسة. كان يملك حانة صغيرة، وكان يمنع أي شخص من الحديث عن السياسة، لأنه كان يخشى أن تعتقله الشرطة مرة أخرى.
هذا أثّر على حياة والدي أيضًا. لذلك، غادر والدي منزل جدي، وعاش أحداث ثورة أيار/ مايو 1968 في باريس، وانضم إلى الحزب الشيوعي. كان أيضًا ناشطًا مناهضًا للفاشية ضد نظام فرانكو.
وأعتقد أنني ورثت هذا الطريق، واستمررت في الوقوف إلى جانب المستضعفين دائمًا. لقد نشأت في هذا الجو، تعلمت منه، تأثرت به، وأصبح جزءًا من هويتي. وهذا ما جعلني الشخص الذي أنا عليه اليوم.
141 مشاهدة
23 أبريل, 2025
204 مشاهدة
22 أبريل, 2025
296 مشاهدة
15 أبريل, 2025