د. علي ضاهر
يحكى ان متمولا قرّر يوماً إنشاء منظمة تكرّس نشاطها لتنظيم مسابقة مهمتها انتخاب أسوأ سياسي او أتفه زعيم او أَرْدَأ قائد، يعني اختيار "ملك التفاهة والرَدَاءَة والسوء"، وذلك إسوة بمسابقات عالمية، كمسابقة ملكة جمال الكون الذي كان دونالد ترامب أحد مؤسسيها، او مسابقات ملكة جمال الحمضيات التي فازت بها سيئة الصيت مورغان أورتاغوس، او مسابقة ملك جمال القطط والفئران التي تتنافس عادة على تنظيمها تركيا ومصر، او مسابقة ملك جمال البغال التي يحتكر تنظيمها ولي عهد السعودية.
فضّل مموّل المنظمة الجديدة ان يكون مقرها لبنان، نظراً لسهولة تأليف المنظّمات الأهلية فيه وعدم مراقبة نشاطاتها، ولحرية عملها، ولليسر في استباحة مؤسساته ولتهاون الدولة وتقصيرها المزمن في كافة الميادين، ولا سيما في ميادين الكرامة والسيادة والدفاع. لكن تدهور الحال في لبنان، دفع المنظمة لاتّخاذ مقر مؤقت لها في دبي. فالإمارة قد أخذت من لبنان جزءا من دور كان منوطاً به سابقاً.
للترشح للمسابقة، تقدّمت المنظمة بدفتر شروط ينصّ على أن يتمتع المرشح بالصفات الآتية: أن يكون عديم الأخلاق، خبيراً في السفاهة، مُدرَجاً في نقابة المرتشين؛ بارعاً في زواريب الفساد؛ متفوقاً في علم الزبائنية، عضواً في أخوية السلب، متمتعاً بفقدان حسّ العدل. كما وعليه إرفاق طلبه بمستندات تثبت إنجازاته: وُصُولاَت لحساباته في الملاذات الضريبية؛ وثائق عن دفاتره لشراء ذمم؛ إشعارات بتلقيه المال ولتقديمه الرشاوي وتسجيلات صوتية عن أوامر لبلطجيته! وهذه صفات يتمتع بها اعداد هائلة من القيادات والرؤساء والملوك في الشرق والغرب.
انهالت الطلبات وتدفّقت وكثرت الترشيحات وتوالت. الأتراك، الأمريكان، الهنود، الفرنسيون رشّحوا، اهل السند والهند زكوا. جماهير عربية من جماعة الفقش والطقش، وبإيعاز من الهيئة العامة للترفيه، تقدّمت بترشيح مُشترك لملوك وأمراء، وغيرهم وغيرهم، لدرجة انه، بعد فترة وجيزة من فتح باب الترشيحات، تمّ تسجيل أكثر من ألف مرشح، فقرّرت لجنة التحكيم، بناء على توصية من اللجنة التأسيسية وأمام غزارة المرشحين وسيرهم الشخصية الممتازة ومهاراتهم المتعددة ومؤهلاتهم العالية وخبراتهم المتراكمة أباً عن جد، منح اللقب، لا لشخص فقط بعينه، بل لمجموعة بأكملها، وذلك أسوة بجوائز نوبل التي منحت لمؤسسات وهيئات، يعني لا لأفراد بل لمجموعات مثل منظمة برنامج الأغذية العالمي ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وأطباء بلا حدود، وغيرها.
في البداية اتجهت النيّة لمنح اللقب الى زمرة من ساسة لبنان تكريما لبلاد الأرز التي سيستقر فيها مركز المنظمة الدائم، لكن بعد مداولات ونقاشات مستفيضة استقرّ الرأي على منح اللقب الى الجامعة العربية بكاملها نظرا لرداءة وتبعية رؤساء وزعماء وملوك البلدان المنضوية فيها كما ولارتهان قراراتها وتفاهة رؤسائها وقدرة مندوبيها في التوصّل الى أسخف المواقف في أصعب الظروف، وبهذا يكون عدد كبير من "رجالات" لبنان المؤهلين، وما أكثرهم، قد نالوا حقّهم جنباً الى جنب مع حشد غفير من ساسة ورؤساء وملوك عرب لهم الحق الكامل غير المنتقص والأهلية التامة غير المتنازع عليها، لنيل جائزة "التفاهة والرَدَاءَة والسوء".
147 مشاهدة
09 أغسطس, 2025
90 مشاهدة
08 أغسطس, 2025
411 مشاهدة
30 يوليو, 2025