د. علي ضاهر ـ مونتريال
يقال ان المنطقة العربية دخلت عصرا جديدا احتاروا في تسميته. منهم من أطلق عليه اسم "عهد السلام الابراهيمي". بعضهم قال انه عصر ديانة جديدة اسمها "الديانة الابراهيمية". البعض الاخر فضل إطلاق عليه صفة اتفاقية فقال عنه "الاتفاقيات الإبراهيمية". كما ومنهم من أحب وصفه ب "المعاهدات الإبراهيمية للسلام"! مما يستنتج ان باب التسميات ما زال مفتوحا ويسمح لكل ضليع في هذه الأمور ان يدلي بدلوه، عسى ان يوفقه الله فيتوصل الى التسمية المناسبة، حيث يقال ان هناك جائزة مرصودة من قبل بعض العربان، من غلاة المنهمكين في تيسير أمور أمريكا من الذين يظنون انهم اصدقاؤها وحلفاؤها، ناسين ان ليس للإمبراطورية لا اصدقاء ولا حلفاء حتى ولو كانوا اطلسيين، بل لديها أتباع فقط، فكيف ان كانوا منتمين الى حلف ابراهيمي او حلف خليجي او حلف ناتو عربي! فهؤلاء بالنسبة للإمبراطورية ليسوا سوى كيانات منصاعة، خانعة وخادمة: ان قصروا لجأت الى استراتيجية "الصدمة والرعب" لتخويفهم ودب الهلع في نفوسهم، او ضربتهم بيد من حديد ونار إن احبت وإلا استعملت اليد الإسرائيلية الجامحة وذلك حتى ينصاعوا مرددين القول التركي "أمان يا ربى أمان" فيخضعوا شاكرين!
كما، وبالإضافة الى الاختلاف حول التسمية، يسود الاختلاف أيضا حول الرعاة. فمن قائل بعصر ترعاه الولايات المتحدة كدولة، الى قائل انه برعاية الحزب الديمقراطي الأمريكي الذي يفتخر باعتماد الحمار كرمز له، الى من يدعي انه برعاية الحزب الجمهوري، الذي يعتز بحمل شعار الفيل. والى قائل لا، لا، لا، انه عهد جديد برعاية الفيل ترامب وعائلته، أكبر المستفيدين ماديا من الحلف الجديد ومن الداخلين اليه: أمراء الخليج! فهؤلاء الامراء الذين يظنون انهم أقوياء يبتزون البلدان الضعيفة كلبنان مثلا، ولكنهم يتحولون الى مساكين ضعفاء، خاضعين لابتزاز. فعائلة ترامب، من الاب الى الابن مرورا بالصهر وزوجته المصون إيفانكا، صاحبة المكانة العالية والحظوة الرفيعة والمفضلة في بعض المملكات والامارات، يعيثون ابتزازا ونهبا بمعتمري الغُتُرات ومُكْتَسيي الدشداشات.
لكن وهناك ابرياء وسُذَّج ينقسمون الى قسمين. قسم ذهب الى القول "لا يا حبيبي لا، انه عصر الإبراهيمية برعاية بيبي، الذي أعلن على رؤوس الاشهاد انه يريد تغيير وجه الشرق وإدخاله في عصر جديد. وهذا القسم يظن ان إسرائيل دولة مستقلة طبيعية، قرارها بيدها! اما القسم الثاني من هؤلاء السذج فيظن انه عصر ترعاه دول "التضامن الخليجي" والتي تجر وراءها باقي الدول العربية، بمن فيها تلك الدول العربية الكبيرة والعريقة والمجرورة، ويا للأسف، وراء إمارات وملكيات عربية صغيرة، مما يذكر بقوافل الصحراء حيث الحمار العربي يجر وراءه قافلة من الجمال!
لكن وبالرغم من الاختلافات والمشادات حول الرعاة ونظراً للأضرار الجسيمة التي لحقت وستلحق بالمنطقة العربية نتيجة لدخولها هذا العصر، فالناس على يقين ان العصر الذي دخلته المنطقة العربية هو برعاية الفيل الجمهوري ترامب، المعروف عنه حب العبث بكل ما يقع تحت يده، وزرع الفوضى في المكان الذي يدخله، والإمعان في تخريب الأرض التي يحط فيها، وتعطيل أمور البلد التي تطل عليه سحنته، وإعدام سبل الحياة في الاقليم حيث تلوح فيه غرته الحمراء، وزرع الشقاق المصر الذي يذكره بلسانه، فهو فيل جمهوري هائج دخل متجر خزف كيفما تحرك كسر، وأينما جلس حطّم، وكيفما هزّ خرطومه فلق.
من سخرية القدر إن هذا العهد الجديد الذي دخلته الدول العربية والذي مهما حمل من تسميات أكانت مشتقة من إِبْرَاهَامي او وإبْرَاهِيمي او إِبراهومي او أبرهي او إبْرَهَمي، كلها منحوتة من اسم النبي إبراهيم (من الآرامية، الأب الرحيم) خليل الله. وهو أب رفيع المقام ومكرّم، ورحيم وحنون، وهي صفات تتعارض كلياً مع تلك التي يتحلّى بها ترامب، خليل الشيطان، والمعروف بتصرفات عنيفة لئيمة بينها وبين التكريم والرحمة والحنيّة ملايين المسافات الضوئية!!!
219 مشاهدة
10 مارس, 2025
78 مشاهدة
17 ديسمبر, 2024
424 مشاهدة
13 نوفمبر, 2024