د. علي ضاهر
"المتغطي بالأمريكان عريان" هكذا تكلم حسني مبارك! الرئيس المصري السابق، الذي عاصر العديد من الرؤوساء الامريكيين، من ديمقراطيين وجمهوريين، جمع من التجارب الشخصية العديدة والمتنوعة ما دفعه للنطق بهذه الحكمة يوم تحول الى ضحية لتصرف العم سام وذلك بعد تيقنه من ان البيت الابيض لا يلتزم بكلمته ولا يدافع عن شرفه، لا يهتم بمتعاون او يكترث بمن تنتهي صلاحيته من اتباع وعملاء كما ولا يستر لهم عورة لا ايام تعاونهم معه ولا حين يبرم لهم ضهره.
"المتغطي بالأمريكان عريان" هذا القول الذي نسب الى حسني مبارك هو تحوير للمثل الشعبي التالي: "اللي متغطي بمتاع الناس…عريان" او "المتغطى بالأيام عريان" بمعنى ان الذي يتكل على الزمن او على الغير لحل اموره او لصد الاعتداءات عليه فهو مكشوف، مفضوح، عاري لا حول له ولا قوة على ستر عوراته.
من المستغرب ان قول مبارك عن "المتغطي بالأمريكان عريان" اعجب معظم رؤوساء العالم العربي، بدليل ان معظمهم يتغطى او يبحث عن غطاء امريكي وذلك بالرغم من المصير الاسود الذي حل بالرئيس المصر عندما خلعت امريكا الغطاء عنه وخلعته هو شخصيا. ومن المربك النظر الى تنافس معظم الرؤوساء العرب للحصول على غطاء امريكي بالرغم من معرفتهم بمصير مبارك. فتصرفات هؤلاء الرؤوساء تدفع فعلا للإستغراب من عدم الإتعاظ من مصائر الغير او الاِنتصاح؟ فإذا كانوا لا يريدون الإستفادة من مصير رئيس اكبر دولة عربية فليفكروا، على الاقل،بامثالهم الشعبية التي تنص على ان "اللي متغطي بمتاع الناس…عريان" او "المتغطى بالأيام عريان"! لكن يبدو انهم او صم بكم عمي لا يفقهون او ان وراء الأكمة ما وراءها!
عندما لا نجد تفسيرا لما يقوم به هؤلاء، ولا يسعفنا المنطق في التحليل، عندها من المحتمل التفكير بأن هؤلاء الرؤوساء من محبي التعرية ومن انصار مذهب العري والتعري ومن المؤمنين به! فهذا المذهب يدافع عن ممارسة الحياة بدون ملابس والذي قام رؤوساء النظام العربي الرسمي بتوسيع مفاعيله ليطال جميع مفاصل حياتهم: تعروا من ثقافة امتهم وتخلوا عن مكارم اخلاق دينهم وخلعوا ثوب الانسانية. وهذا ما يشرح مواقفهم وتصرفاتهم ومن ضمنها مواقفهم مما يجري في فلسطين. فعملية طوفان الاقصى اسعدت هؤلاء الرؤوساء كونها ساعدتهم على العري وهم اصلا من محبيه!
فطوفان الاقصى لم يكشف فقط عورات المجتمع الاسرائيلي بل كشف ايضا عورات وكذب ونفاق الغرب. كما وانه لم يوفر الشرق ايضا. فهو اجبر معظم رؤوساء النظام الرسمي العربي والاسلامي على كشف مجمل عوراتهم، مبينا، بصورة لا يدخلها الشك، انهم ليس فقط عراة، بل هم "عورة" بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني فقهية ولغوية من عيب يَقْبُحُ ظهوره ويَنْفِرُ منه الذَّوق ويأباه العرف العام. لا بل والانكى من ذلك كله فطوفان الاقصى اظهر للعيان ان النظام العربي ليس فقط "عورة" يجب سترها بل هو "فاحشة" تنفر منه الطباع السليمة وتتجنبه العقول الصحيحة وتهجره مكارم الاخلاق ويوجب عليه الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة
*صورة المادة الخبرية من موقع FREEPIK لأغراض توضيحية.!
32 مشاهدة
17 ديسمبر, 2024
336 مشاهدة
13 نوفمبر, 2024
180 مشاهدة
11 أكتوبر, 2024