Sadaonline

هل يجيب الاعتراف بدولة فلسطين عن «سؤال فلسطين»؟

الاعتراف الجديد إشارة قوية إلى بدء تحوّل في المزاج الدولي، أو على الأقل بداية مراجعة في الغرب لموقعه من الصراع


ترجمة بتصرّف عن مقالٍ للكاتب راجا ج. خوري نُشر فيThe Globe and Mail.
النص الآتي يعيد عرض أفكار المقال الأصلي بصياغة عربية غير حرفية. جميع الحقوق محفوظة للكاتب والناشر.

يرى الكاتب رجا ج. خوري أن إعلان كندا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين يحمل دلالة رمزية وسياسية مهمّة، لكنه لا يجيب وحده عن جوهر «سؤال فلسطين» الممتد منذ أكثر من قرن. ولتفسير موقفه، يعود إلى قصة والده الذي وُلد في الرملة عام 1921، أي في ظلال وعد بلفور الذي دعم إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. بالنسبة لعائلته، لم يكن ذلك الوعد نصًا سياسيًا بعيدًا، بل بداية مسار انتهى بنكبة 1948 حين اضطر والده إلى الفرار ولم يُسمح له بالعودة إلى مسقط رأسه.

يقرأ خوري الاعتراف الكندي اليوم بوصفه خطوة متأخرة في نزاع صنعته القوى الكبرى منذ بدايته: فهي من أسّسته سياسيًا، ثم أدارت مساراته، وراكمت اختلالاته. وفي نظره، يدخل الاعتراف الجديد في سياق تاريخي أوسع: فقبل «سؤال فلسطين» كان هناك في أوروبا «السؤال اليهودي»، أي جدل موقع اليهود في المجتمعات الأوروبية الذي انتهى إلى المحرقة. وبعدها، لم تُبدِ أوروبا ولا أميركا الشمالية رغبة حقيقية في احتضان اليهود الناجين، فكان مخرج المشروع الصهيوني في فلسطين على حساب السكان الأصليين، لتقوم إسرائيل على معظم الأرض التاريخية لفلسطين، ثم تكتمل السيطرة عام 1967 باحتلال الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.

يشير الكاتب إلى أن دولة فلسطين أُعلنت سياسيًا عام 1988 على يد منظمة التحرير الفلسطينية، ونالت اعترافات واسعة من دول الجنوب والكتلة السوفياتية السابقة. ومع مرور السنوات، ارتفع عدد الدول المعترفة إلى أغلبية أعضاء الأمم المتحدة، بينما ظل الغرب—ودول السبع تحديدًا—يتجنب الاعتراف حتى وقت قريب. لذلك يتساءل: لماذا تحرّكت الآن فرنسا وبريطانيا وكندا في وقت متقارب؟

يُرجع خوري ذلك إلى انهيار فعلي لمسار حل الدولتين الذي وعدت به اتفاقات أوسلو في التسعينيات. فبعد ثلاثة عقود، لم تُنتج تلك الاتفاقات سلامًا ولا دولة فلسطينية، بينما تضاعفت المستوطنات في الضفة الغربية عدة مرات، وتحوّلت حركة الاستيطان إلى قوة أشدّ عنفًا وتأثيرًا. وفي الوقت نفسه، فُرض حصار طويل ومدمّر على غزة منذ 2007، وصولًا إلى الحرب الراهنة التي يرى الكاتب—مع كثير من الخبراء ومنظمات حقوق الإنسان—أنها أدت إلى كارثة إنسانية كبرى وتجاوزات ترقى إلى جرائم حرب.

من هنا، يفهم خوري الاعتراف الغربي المتأخر كـ«ورقة ضغط» سياسية وأخلاقية. فالدول التي منحت إسرائيل دعمًا ثابتًا لعقود، تجد نفسها اليوم أمام حدود هذا الدعم بعد مشاهد الدمار والتجويع والتهجير، وبعد مؤشرات سياسية إسرائيلية تتجه نحو تثبيت ضم الضفة الغربية ومشاريع تتعامل مع سكان غزة ككتلة قابلة للنقل أو الحصر القسري.

ومع أن الكاتب لا يتوقع أن يغيّر الاعتراف الجديد الواقع فورًا، فإنه يعتبره إشارة قوية إلى بدء تحوّل في المزاج الدولي، أو على الأقل بداية مراجعة في الغرب لموقعه من الصراع. الاعتراف—في رأيه—ليس حلًا بحد ذاته، لكنه قد يفتح نافذة ضغط مختلفة ويعيد بعض التوازن إلى خطاب ظل طويلًا منحازًا لإسرائيل في الممارسة، حتى حين كان يعلن التزامه النظري بحل الدولتين.

يختم خوري بنبرة شخصية: الاعتراف لن يعيد له بساتين جده في الرملة غدًا، لكنه يمنحه أملًا بأن العالم الغربي الذي ينتمي إليه قد بدأ، ولو متأخرًا، في تصحيح مسارٍ ساهم تاريخيًا في صناعة المأساة الفلسطينية.

لقراءة النص الاصلي يمكنكم الضغط هنا