حسين حب الله ـ مونتريال
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان في الأسبوع الأخير من شهر أيلول تعيش الجالية اللبنانية بشكل خاص والعربية بشكل عام حالة قلق عارم من جراء العدوان الوحشي الهمجي البربري الذي لم يشهده لبنان منذ ما قبل التاريخ. فالأخبار تحمل إلينا كل يوم مأساة مروّعة تتضمن تدميراً ممنهجاً للقرى والبلدات والمدن، ما يؤدي _ فضلا عن الدمار الهائل – إلى إزهاق حياة الكثير من الأبرياء. ويساور القلق الكثير من الناس على أحبائهم، فيقضي قسم كبير منهم الليل مستيقظاً والنهار قلقاً بانتظار خبر حول قريته ومن فيها من أهل وأقارب وأصدقاء، فالاحتلال البغيض يمعن في تدمير أحياءَ بكاملها في القرى وما فيها من أماكن أثرية وذكريات.
أمام هذه المأساة المهولة تنقسم هذه الجالية في مواقفها مما يجري لدرجة تشك فيها أن هؤلاء من بلد واحد أو حتى أنهم ينتمون إلى منطقة واحدة.
نجد أن هناك نوعاً يشعر أنه معني بما يجري. كيف لا؟ فالعدوان يطال بلده الأصلي الذي فيه قريته وأهله وناسه وشعبه وتاريخه وتراثه وأبناء وطنه متنوعي المذاهب والأديان والأفكار والولاءات. ونوع واقف على التل وكأن العدوان يطال منطقة لا تعنيه من قريب أو بعيد. وآخر تكاد تقول إنه منخرط في العدوان بشكل أو بآخر – يشمت تارة ويحرض تارة أخرى. وقسم آخر ما بينَ بين.
في المجموعة الأولى نجد أن الكثير من الناس في جاليتنا لا يكاد يمر يوم عليهم من دون أن يسمعوا بارتقاء شهيد من إخوتهم أو أقربائهم أو أبناء قريتهم. فهذا فَقَد والديه معاً، وذاك فقد والديه وأخته وأخاه وقسماً من أولادهما في آن، وتلك فقدت شقيقاً، وذاك فقد أخاً وأولاد أخ أو أولاد أخت، أو أقارب، أو أصدقاء. هو فقْد لا شك أنه مؤلم باعثٌ للحزن الذي تشعر بعمقه في عيون دامعة وقلوب مفجوعة، لكنها غير منكسرة أبداً. فهذا الفقد هو مبعث افتخار بتقديم قرابين فداءً للوطن الأصلي ودفاعاً عن حدوده في وجه معتد غاشم متوحش، لا يعير أي اعتبار للانسان، طفلاً صغيراً كان، أو شيخاً كبيراً، أو امرأةً، أو مسعفاً، أو صحافياً، ساكناً في مبنى سكني كان، أو مريضاً في مستشفى.
مشاعر الافتخار هذه يصعب على بعض "العقول" فهمها وتقبلها لأنها لا ترقى إلى ذاك المستوى من السمو والرفعة والرقي الإنساني والوطني.
نرى ذلك الاعتزاز برحيل الشهداء من خلال التعزية والتبريك في آن. فلا يمكن أن نفصل بين مشاعرنا الإنسانية وما تحمله من انفعالات واعتزازنا بشهدائنا، وهي ما يُعبَّر عنه في أكثر من مكان من قبل هذه العائلة أو تلك.
ـ يتبع ـ
*صورة المادة الخبرية من موقع reepikf لأغراض توضيحية.
308 مشاهدة
28 ديسمبر, 2024
442 مشاهدة
20 ديسمبر, 2024
342 مشاهدة
01 ديسمبر, 2024