د. علي ضاهر
تتزاحم أعداد الفضائح التي كشفها طوفان الأقصى لدرجة ان المتابع يقع في حرج اختيار أبرزها ويجد صعوبة في ترتيب أهمها! عن أية فضيحة يكتب وبأية واحدة يبدأ؟ ما هي الفضيحة التي تمكنت من التفوق على أقرانها فإستحقت رأس القائمة وحيازة قَصَب السَّبْقِ؟ وما هي الفضيحة الخاسرة والخائبة التي تراجعت الى المراكز السفلى او غارت الى درك القائمة؟
هل تكون فضيحة الحكّام والرؤوساء العرب والمشايخ المقنّعين بأكثر من قناع الفضيحة التي قام طوفان غزّة بكشفها؟ أم هي فضيحة احمد ابو الغيط وجامعته العربية التي ما دعت الى قمّة إلا بعد الخراب؟ او هي فضيحة الدول التي تحصّن اسرائيل وتصدّ عنها الصواريخ بسياج من معاهدات التطبيع من كامب دافيد الى وادي عربة والى اتفاق ابراهيم؟ او هي فضيحة حكّام عرب يكدّسون أسلحة بمليارات الدولارات للعروض ولتزيين جيوش لا سماح لها بالقتال الا ضدّ الشعوب؟
هل هي فضيحة التفوق الإسرائيلي الذي كان يروّج له حتى انكشف بصورة ظاهرة للجميع فسقط وأسقط معه جملة من المفاهيم التي كانوا يلصقونها بتلك الدولة مثل: دولة العدالة والمحاسبة والجيش الذي لا يقهر وواحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، والتي أصبحت دولة تسيرها الغرائز ويقودها الثأر، فتحولت حرفيا الى "أضعف من بيت العنكبوت"؟
وهل هي فضيحة الغرب وخداعه وتبنّيه لسرديات كاذبة التي تستحق تبوأ مركز الصدارة؟ أم تذهب الجائزة الاولى لفضيحة حرية الرأي والديمقراطية والعدالة التي ما زال يروّج لها غرب يكّم الأفواه ويصادر الحريات ويقمع الأفكار التي لا تتوافق مع سرديته؟ او يجب وضع على راس القائمة فضيحة بدعة القانون الدولي وإنسانيته الذي يسمح بقتل الضعيف تحت شعار إحلال السلام؟ أو هي بدعة حقوق الانسان التي صدّع بها الغرب آذاننا وبغيرها من الشعارات من قبيل حقّ تقرير المصير والسيادة والتطور التي انحسرت وانكمشت وتحولّت الى حق القوي الذي يتحكم بالعالم والذي يطبّق ما يريده هو؟ او يجب إحلال في المرتبة الأولى قضية القيم والأخلاق الحميدة التي يروّج لها الغرب والتي تبيّن انه على استعداد تام لرميها اذا تعارضت مع مصالحه؟ أم هي فضيحة الغرب الذي ادعى انه أدخل الى مجتمعاته مفهوم المواطنة ليحلّ محل العصبية التي نبذها مدّعيا انها من خصائص الشرق، فجاء طوفان الأقصى ليبين ان عصبية الرجل الابيض ما زالت معشّشة بقوة بداخله وانه ما زال تحت تاثيرها!
بعد كل هذه الفضائح مِن الواجب تغيير المعيار الذي على أساسه يقيّم الإنسان. لم يعد لا الإنتماء ولا القومية، لا اللون ولا الدين هو المحدد! لقد أصبحت غزّة المحدّد! وأصبح السؤال "ماذا فعلت لغزّة" المعيار الذي على أساسه تقاس إنسانية الإنسان، اي انسان مهما كان لونه وشكله ودينه ووطنه!
18 مشاهدة
17 ديسمبر, 2024
324 مشاهدة
13 نوفمبر, 2024
170 مشاهدة
11 أكتوبر, 2024