Sadaonline

الإدانة لا تكفي: كوتلر ولو يحذّران من تطبيع التحريض الذي يغذّي معاداة السامية

يرى الكاتبان أن تعاطي كندا والغرب مع معاداة السامية العنيفة لا يختلف كثيراً: هجمات متكررة، إدانات رسمية، لكن دون معالجة الجذور الحقيقية للمشكلة

 إيروين كوتلر ونواه لو*

نشر موقع "غلوب اند ميل" مقالا مشتركا لكل من  الوزير السابق إيروين كوتلر" ونواه لو** استهلاه بالقول انهفي أعقاب الهجوم الإرهابي المعادي للسامية الذي استهدف احتفالاً بعيد “حانوكا” على شاطئ بوندي في سيدني، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً وإصابة أكثر من عشرين آخرين، سارع سياسيون وشخصيات عامة إلى إصدار بيانات إدانة، في مشهد بات مألوفاً ومتكرراً".

وتابع المقال " هذا النمط بدأ بعد الفظائع الجماعية المروّعة في 7 أكتوبر 2023 – التي وُصفت بأنها أخطر هجوم معادٍ للسامية منذ الهولوكوست – واشتدّ مجدداً في مناسبات لاحقة، من بينها حادث إطلاق نار استهدف كنيساً يهودياً في مانشستر خلال يوم الغفران (يوم كيبور).

وبات المشهد متوقعاً إلى حدّ أن على الطواقم السياسية، كما يتهكّم الكاتبان، أن تُعدّ بيانات الإدانة مسبقاً قبيل الأعياد اليهودية، مع ملء الفراغات:“أُدين الهجوم المعادي للسامية على [اسم المؤسسة أو المناسبة] في [المكان] خلال [العيد].”"

ولفت المقال الى انه " في كندا، لم تعد العناوين المقلقة استثناءً: مدرسة يهودية تتعرض لإطلاق نار، كنيس يُستهدف بزجاجات حارقة، وأفراد يهود يتعرضون للتحرش والاعتداء. ويتساءل الكاتبان: متى تدرك قيادتنا ومجتمعنا أن الإدانة ضرورية، لكنها ببساطة غير كافية؟"

ويقارن المقال بين هذا الواقع وتعامل الولايات المتحدة مع العنف المسلح. فهناك، ورغم أن العنف متوقع ويمكن منعه، يكتفي السياسيون بعد كل حادث بإرسال “الأفكار والصلوات”، ثم ينتقلون إلى ما بعده، فيما قُتل نحو 50 ألف أميركي بالأسلحة النارية عام 2023 وحده.
ويرى الكاتبان أن تعاطي كندا والغرب مع معاداة السامية العنيفة لا يختلف كثيراً: هجمات متكررة، إدانات رسمية، لكن دون معالجة الجذور الحقيقية للمشكلة، وعلى رأسها التحريض ونشر الكراهية والمعلومات المضللة.

ويحذر المقال من تطبيع معاداة السامية وغياب الغضب المجتمعي الكافي، بل أحياناً التساهل أو الصمت تجاه خطاب الكراهية، ما يفتح الباب أمام العنف. ويؤكد أن هجوم بوندي بيتش لم يكن حادثاً معزولاً، بل نتيجة مباشرة لخطاب تحريضي تصاعد منذ أكتوبر 2023، وأصبح في بعض الأوساط “مقبولاً” أو حتى “رائجاً”.

ويرى الكاتبان أن منع تكرار مثل هذه الهجمات في مدن كندية كبرى يتطلب مواجهة صريحة للتحريض المعادي للسامية، والاعتراف بوجود صلة واضحة بين شيطنة إسرائيل والتحريض ضد اليهود.
ويؤكدان أن انتقاد إسرائيل، كما أي دولة أخرى، ليس معاداة للسامية، لكن نزع الشرعية عنها وتجريد الإسرائيليين واليهود من إنسانيتهم هو – بحسب المقال – أحد أبرز محرّكات العنف المعادي لليهود اليوم.

ويحمّل المقال مسؤولية تفاقم هذا الخطاب لحملات دعائية تقودها دول استبدادية، ولمجموعات تنشر اتهامات جسيمة دون سند، ما يخلق بيئة تُبرَّر فيها الكراهية والعنف باعتبارهما “فعلاً أخلاقياً”.

ويختتم الكاتبان بالتحذير من أن استمرار تجاهل التحريض المعادي للسامية سيجعل العنف أمراً متوقعاً وقابلاً للتكرار، ويمكن منعه لو توفرت الإرادة السياسية. فالإدانات، مهما كانت ضرورية، لن تكون كافية ما لم تُرفق بإجراءات حقيقية لمعالجة الأسباب الجذرية.

*تنويه حقوق النشر: هذه المادة ترجمة/عرض لأفكار مقال رأي منشور في The Globe and Mail. جميع الحقوق محفوظة للصحيفة وللكاتبين. نُشرت هذه النسخة العربية لأغراض إعلامية/تثقيفية، وهي لا تُعدّ النص الأصلي الكامل ولا تغني عنه.

* إيروين كوتلر وزير العدل والنائب العام الكندي الأسبق، وأول مبعوث خاص لكندا للحفاظ على ذكرى الهولوكوست ومكافحة معاداة السامية.
** نواه لو محامٍ ومستشار خاص لكوتلر، وعضو مجلس إدارة مركز راؤول فالنبيرغ لحقوق الإنسان.