Sadaonline

حان وقت مواجهة الحقيقة: لائحة الإرهاب الكندية تمكِّن إسرائيل من ترهيب الفلسطينيين واللبنانيين

حان وقت مواجهة الحقيقة: لائحة الإرهاب الكندية تمكِّن إسرائيل من ترهيب الفلسطينيين واللبنانيين

كتب الصحافي المناهض للسياسات الاستعلائية ومؤلف اثني عشر كتاباً إيف أنغلر (Yves Engler) عبر موقعه مقالاً ينتقد فيه سياسة كندا بالنسبة لِلصراع في الشرق الأوسط ومعاييرها المزدوجة في التعامل في المُستعمِر والمستعمَر، متطرقاً إلى دورِ النافذين الصهاينة في هذا المجال.

يقول أنغلر:

"برر جستن ترودو قتل زعيم حزب سياسي لبناني بوحشية بإدراج كندا المنظمةَ الحزبية على لائحة "الإرهاب". فيوم الجمعة (الماضي) سوَّت إسرائيل ستة مبانٍ كبيرة بالأرض في ضاحية بيروت بعد أن أطلقت طائرات مقاتلة أميركية الصنع 80 قنبلة خارقة للحصون وأميركية الصنع أيضاً..  

ورداً على هذا الفعل الإرهابي الذي نفذته الحكومة الإسرائيلية، نشر ترودو مقولةً له: "زعيم حزب الله حسن نصر الله قُتِل. كان يتزعم منظمة إرهابية هاجمت وقتلت المدنيين الأبرياء، متسببة بالمعاناة الشديدة في أرجاء المنطقة".

عندما بدأت إسرائيل حملتها الإرهابية المكثفة على لبنان (منذ 13 يوماً)، برر السفير (الكندي) الأسبق إلى النروج (Artur Wilczynski) ترهيبَ اللبنانيين بذريعة استهداف "المجموعة الإرهابية". وبعد أن جرحت إسرائيل الآلاف عبر تفجير 3,000 جهاز نداء في لبنان، كتب المستشار الخاص لمكافحة معاداة السّاميّة في جامعة أوتَوا منشوراً يقول فيه: "إستهداف عناصر حزب الله حدث كبير، فقد وجَّه ضربة كبيرة للمنظمة الإرهابية".  

بَيد أن حزب الله ليس مصنفاً "إرهابياً" لدى الأمم المتحدة وأغلب دول العالم. ولم تكن المنظمة الحزبية الممثلة في المجلس النيابي اللبناني منذ فترة طويلة معتَبَرةً "إرهابية" لدى أوتَوا في النصف الأول من سنوات وجودها. ففي الواقع، قابل رئيس الحكومة الأسبق جان كرِتيان الأمين العام لحزب الله نصر الله في بيروت في تشرين الأول من عام 2002.

في مقالها، "الإنتقائية في التّرهّب" (Selectively Terrified) تفصّل (الكاتبة المونتريالية الناشطة لأجل العدالة الاجتماعية) ماري فوستر (Mary Foster) "كيف توصلت كندا إلى تصنيف حزب الله منظمة إرهابية"، فقد كتبت عن "الضغط الذي شكَّله على كندا حزبُ الائتلاف الكندي (سلف حزب المحافظين اليوم) والسياسيان البارزان إيروِن كوتلر (Irwin Cotler) وآرت أغلتن (Art Eggleton) ومنظمة بناي برِث (منظمة حقوقية إنسانية شديدة الولاء لإسرائيل) والمجلس الكندي اليهودي (Canadian Jewish Congress). وقد دعمَت الحملةَ دعماً قوياً الأقوال المختلَقة التي أوردتها صحيفة "National Post" بشأن تشجيع نصر الله التفجيرات الانتحارية في أثناء خطاب ألقاه في بيروت.   

إن كان حزب الله منظمة إرهابية فماذا يكون الجيش الإسرائيلي أو الحكومة الإسرائيلية؟ فلربما يصح أن يُدرَج جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الليكود بزعامة نتنياهو على رأس لائحة كندية جديدة لُمبيدي الشعوب!

لطالما زعمَ مؤيدو إسرائيل أن لهذا البلد الحق في ترهيب الفلسطينيين لأن أوتوَا (التي تتحرك عادةً بأمر النافذين الصهاينة (اللوبي الصهيوني)) أدرجت إحدى المنظمات المحدودة إمكاناتُها على لائحة "الإرهاب". قبل تنفيذ حركة حماس هجومها في السابع من تشرين الأول، كان النافذون الصهاينة الداعمون للنظام العنصري يرَون أن لإسرائيل الحق في ترهيب 2.2 مليون فلسطيني يعيشون في سجن مفتوح في غزة لأن حماس وحركة الجهاد الإسلامي مُدرجتان على لائحة الإرهاب في كندا.

أكثر من 10% من المُنظمات التي تعتبرها كندا إرهابية تتمركز في أرضِ طال احتلالُها وتمثل عُشرَ واحد بالمئة من سكان العالم. ثمانية من منظمات هذه الأمة المضطهدة أدرِجَت على اللائحة، بينما هي فاعلة في الحياة السياسية لأغلب الفلسطينيين، وهي تتراوح بين المنظمات اليسارية العلمانية كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى "حكومة" حماس المنتخَبَة في غزة.

بعد اثنَي عشر عاماً من إنشاء اللائحة أُضيفَت إليها أول منظمة متمركزة في كندا، فعامَ 2014، صُنِّفَ "صندوق الإغاثة الدولي للمنكوبين والمحتاجين" (IRFAN) إرهابياً لارتكابه جرم دعمِ الأيتام وإحدى مستشفياتِ قطاع غزة عبر قنوات رسمية (تديرها حركة حماس).  

في الأشهر الأخيرة، سعى النافذون الصهاينة لإضافة مجموعة "صامدون" المناهضة للإمبريالية إلى اللائحة، وبعد أن أبدى فرع المنظمة الدولي "أصدق التعازي وأكبر التحيات" لنصر الله بعد اغتياله، أبدى النائب اللبرالي آنتوني هاوسفاذر (Anthony Housefather) المؤيد للإبادة رأيه قائلاً: "لا بد من اعتبار منظمة "صامدون" إرهابية في كندا والعالم. النائب الذي يشغل منصب المستشار الخاص في شؤون علاقات الجالية اليهودية ومعاداة السّاميّة (Special Advisor on Jewish Community Relations and Antisemitism) أضاف: "هذا التصنيف من أولوياتي، فهُم (أي أعضاء منظمة "صامدون") – بتعبيرهم عن حبهم الشديد للزعيم الإرهابي الذي تسبب بموت المدنيين في إسرائيل والعالم – يثبتون أني على حق". 

بينما تُجرَّم المنظمات الفلسطينية، لِكندا روابط متينة مع المتسبب الرئيسي بالإرهاب وقتل المدنيين في فلسطين. فمسؤولو الحكومة الإسرائيلية الحاليون يتبجحون بترهيب الفلسطينيين من أجل تلقينهم درساً. ومع هذا فكندا تبيع الأسلحة منذ زمن إلى الجيش الإسرائيلي وتعمل قوى البلدين المسلَّحة معاً على أكثر من جبهة. كما أن المسؤولين الكنديين يغضون النظر عن تجنيد الكنديين في جيش الاحتلال الإسرائيلي خلافاً للقانون، فيما تلين وكالة العائدات الكندية (Canada Revenue Agency) في تعاملها مع الجمعيات الخيرية المسجَّلة التي تخالف قوانين الوكالة عبر دعم الجيش الإسرائيلي مالياً.

إذا لِحظنا عدد الذين قُتِلوا أو شُوِّهوا، وجدنا أن الجيش الإسرائيلي أعنف كثيراً من أي مجموعة فلسطينية أو لبنانية (وهو يفعل ما يفعل بِاسم المشروع الأوروبي الإستعماري). ومع هذا فالجيش الإسرائيلي لم يُصنَّف منظمةً إرهابيةً.

إن لائحة كندا للمنظمات الإرهابية تسلِّط الضوء على المعايير المزدوجة الفاضحة في تعامُل أوتَوا مع المُستَعمِر والمُستَعمَر. ففي الواقع، الأحداث التي جرت منذ العام الماضي توضح فعلاً كيف تسمح هذه اللائحة لإسرائيل بترهيب الفلسطينيين واللبنانيين. مجدداً، العارُ علينا".     

للاطلاع على المقال بالانكليزية الرابط التالي:

Canada’s double standard - Yves Engler

 

صورة إيف أنغلر من صفحته على منصة "X"

 

الكلمات الدالة