الكاتبة رندة عسيلي ـ مونتريال
من أنت أيها الحجر؟!
هل أنت مجرّد صمتٍ بارد،
أم جلّادٌ امتدّت يدُه ليدين؟
أيّ قناعٍ يغلف وجهك؟
أتراك تحيك ثوب العدالة، أم تمسك بسوط القسوة؟
هل اختارك الانفعالُ لتمثّله،
أم اختارك الجهلُ المستتر بثوب الفضيلة؟
أيها الحجر،
لا تُرعبني صلابتك…
بل تُخيفني الأصابع التي تختارك،
تلوّح بك لا لتقيم عدلًا،
بل لتُخفي خطيئتها.
هل تلقي خُطبة الصمت
على أحرفٍ تركع الأصابع،
وتوجه الضربة القاضية
لتستغيث الأيادي من رهبة الخَطأ الذي يعتلينا؟
أم لأننا ننفي؟
أم لأننا ننسى…
كم مرّة سقطنا وسترنا،
وكم مرّة احتجنا من يُمهلنا بدلًا من أن يُديننا؟
نتنهد من أعماقنا،
فنرمي الحجر بسهولة،
وكأننا لا نحمل في داخلنا
ما هو أثقل من صخرته.
أيها الحجر…
المسألة ليست تبريرًا للخطأ،
بل تذكيرٌ بالإنسانية:
بأن العدل الحقيقي لا يبدأ بالإدانة… بل بالرّحمة،
وأن أقوى لحظة في ميزان الأخلاق
هي تلك الهمسة التي توقفك،
لتختار فيها ألّا ترمي واذا لم يمحى الغبار المتراكم على لوح الزجاج فعبثاً لا يدخله النور بكامله وكذا قلوبنا ان تنتفض من غبار الجهل وتلين حتى تغوص في بحور معرفة ذواتنا قبل أن نعتلي منابر حكم القرار.
يا حجر…
نحن لا نرتقي عندما ندين،
بل حين يسمو فينا ميزان المسامحة،
ويذكّرنا بهشاشتنا،
ويمنحنا فرصة أن نتعامل مع الآخرين كما نتمنى أن يُعامَل ضعفُنا.
فالقوة…
ليست في إصابة الهدف،
بل في القدرة على التراجع
عند لحظة ندرك فيها
أن التصويب… لم يكن يومًا من حقنا.
وفي النهاية…
نرجع إلى تلك الكلمة الخالدة:
فـمن منكم بلا خطيئة؟”
ليكن نبلكم في الصمت،
وفي اليد التي تمسك، لا اليد التي ترمي.. لذا هل نحن فعلا في زمان ارتقى فيه سمو الحجر قلوب البشر!!
* الصورة من freepik لأغراض توضيحية فقط
78 مشاهدة
08 يونيو, 2025
208 مشاهدة
07 يونيو, 2025
135 مشاهدة
03 يونيو, 2025