Sadaonline

تظاهرة في أوتاوا لوقف الإبادة في الساحل السوري ... روز أيوب: خروجنا السبت بسبب كثرة الاستغاثات التي تصلنا وصور المجازر والتنكيل وأصوات التهديد

روز ايوب: القضية ليست فقط أنها مجزرة حدثت وانتهت، استمرار القتل والتنكيل، التجويع، الجرائم وتصفية عائلات بأكملها

تمرّ الأحداث الأخيرة في سوريا مع وجع كبير للمنحى الطائفي الذي اتخذته، فبعد أن تم إطلاق مصطلح "فلول النظام" وهو مصطلح مطاط لا يعبّر عن الواقع، يتم الآن استهداف فئات معينة من الشعب السوري، بحجة أنهم علويون، في حين تنتشر على مواقع التواصل فيديوهات يطلقها مسلحون إسلاميون يتباهون بالشروع بقتل كل مسيحي أو علوي وغير سنّي المذهب.

وفي خضمّ هذه الأحداث، نظّمت الناشطة الكندية السورية روز أحمد أيوب وعدد من الكنديين السوريين وقفة إنسانية يوم الثلاثاء الفائت في مونتريال وأوتاوا، كما يتم تنظيم تظاهرة يوم غد السبت في الخامس عشر من شهر آذار عند الساعة الواحدة ظهرًا أمام نصب حقوق الإنسان Human rights في أوتاوا، ثم المسير حتى البرلمان الكندي، تحت شعار "تُفقد آلاف أرواح الأبرياء يوميًا- حان الوقت لرفع أصواتنا من أجل السلام"، وتدعو روز أيوب والناشطون معها، إلى هذه المسيرة السلمية للوقوف ضد العنف والظلم في سوريا والمطالبة بالعدالة والمساواة والمساعدات الإنسانية.

عن هذه التظاهرة، أجرت صدى أونلاين هذا الحوار مع السيدة روز أيوب.     

اتخذتم القرار بتنظيم تظاهرات بعد الأحداث التي يتعرّض لها الساحل السوري، ما الذي يحدث بالضبط هناك ودفعكم لتنظيم هذه التظاهرة؟

كنا نتظاهر أيام الحرب الأهلية السورية ونرفع شعارات ضد القتل هنا في كندا، ونقف مع إخواننا من جميع فئات الشعب السوري، وخصوصًا في الأوقات التي كان يشتد فيها العنف بين جميع الجهات. في الفترة التي سقط فيها النظام بسوريا اعتبرنا أنه من الممكن أن تصير الأحوال في سوريا أفضل، خصوصًا بعد أن صادقت دول عديدة على الحكومة السورية الجديدة، وأن تنفتح الأبواب على سوريا من جديد وتُرسل المساعدات ويبدأ إعمار سوريا. ولكن في 8 آذار/ مارس استيقظنا صباحًا على أخبار تأتي من أهالينا في الساحل السوري، وعبر مواقع التواصل عن قتل مروّع للمئات بل الآلاف من المدنيين الأبرياء، نساء وأطفال. كل شخص في مجتمع الساحل السوري فَقَد أحدًا من عائلته أو جيرانه، صرنا نعزّي بعضنا.

هي مجزرة، عندما يصبح أعداد القتلى الأبرياء بالآلاف تصنّفها المنظمات العالمية كمجزرة.

هناك أشخاص يزعمون أن الرقم مبالغ فيه، نحن نتكلم من أرض الواقع، الناس الذين يهربون من المناطق المستهدفة هم التي يؤكدون هذه الأرقام.

عندما بدأنا بالتظاهر، بدأنا بإشعال الشموع على أرواح المدنيين، ولكن كثّر العدد، وتفاجأنا بالعدد الهائل من الناس الذين تعرّضوا للأذى جسديًا ونفسيًا وللقتل الممنهج كما تعرضت أرزاقهم للسرقة. ما حدث في سوريا، بدأ مع تصرفات الحكومة الجديدة التي طردت العديد من الموظفين في مراكز عادية، وتم إلغاء رواتب الكثير من المواطنين، وتم التعنيف والتنكيل بالكثير من الناس، وكنا نقول أن هذا متوقع، حتى أنه تم تسكير أقسام في الجامعات، وإغلاق عدد من المعاهد. كنتُ قد تقدمت بطلب للسفارة الكندية لجلب أولاد أخي إلأى كندا على أساس أنهم متعلمون ويواصلون تعلّمهم في أحد معاهد الدراسات الإلكترونية والكهربائية، فأخبروني أن المعهد جاء أمر بإقفاله نهائيًا. وضعت الحكومة الجديدة مناهج جديدة للتعليم، ولن أدخل في طبيعة هذه المناهج، أنا فقط أقول أن الناس لا تشعر بالأمان، الناس تُقتل في الشوارع، أفرام الخبز يتم إحراقها، يدخلون البيوت ويسرقون، لا  يكتفون بسرقة الذهب أو المال والأثاث، بل حتى أنهم يسرقون كل محتويات البراد، حتى الأدوية يسرقونها.

خروجنا السبت في هذه الوقفة أمام نصب الهيومان رايتس Human Rights بسبب كثيرة الاستغاثات التي تصلنا، صور المجازر، صور التنكيل، أصوات التهديد. لهذا السبب قدّمنا أنا وبعض الأصدقاء طلب ترخيص باسمي من اجل الاعتصام، لسنا منظمة، نريد فقط أن تجتمع الناس وتطالب حكومة كندا والمنظمات الدولية كي تقدم شيئًا للإنسانية. هناك جثث حتى الآن لا تزال على الطرقات وفي الأراضي.

هناك مواطنون تفرقوا وهربوا، ولما حاولوا العودة إلى منازلهم وجدوا كل شيء مسروق وأفراد من عائلاتهم تم قتلهم ولا تزال جثثهم مرمية على أرض البيت ومتروكة لأيام.  

هناك مواطنون آخرون محجوزون في بيوتهم بلا كهرباء ولا ماء منذ 7 أيام، إذا خرج أحدهم يُقتل. القضية ليست فقط أنها مجزرة حدثت وانتهت، استمرار القتل والتنكيل، التجويع، الجرائم وتصفية عائلات بأكملها؛ 33 شخصًا من عائلة صنوبر جبلة  قُتلوا. عائلة أخرى تم قتل الطبيب وأطفاله، وجدوهم مقتولون في البيت، ما سبب قتل هؤلاء الأبرياء، ما علاقتهم بالأحداث التي مرت على سوريا. الطبيب ليس عسكريًا وأطفاله صغار، هؤلاء مدنيين. حتى أن من بين القتلى في مكان آخر عجّز، ثمة عاجز مشلول تم قتله، هل هناك أبشع من هذه الجرائم!؟

الجريمة مستمرة بأبشع أشكالها، تجويع أطفال رضع، قطع الخبز والحليب والماء عن عجّز. البعض لجأ لمطار عسكري، تخيلي ذلك، ولكن بعض الناس لم يستطيعوا أن يصلوا لمكان آمن. لو شعروا بالأمان هل كانوا سيخرجون من بيوتهم ويلجؤون لمطار عسكري. امرأة خرجت لجلب خبز لأطفالها، قالوا لها: "ممنوع أن يدخل خبز إلا عن طريقنا". إذًا، توجد محاولة لتجويع شعبنا، وهناك نوع من الصمت العالمي.

سوريا بلد تم خوض حروب طاحنة فيه بين العديد من الجهات والأطراف، الكل كان يعاني من الفقر الشديد، من موالين ومعارضين، إضافة إلى الدمار الكامل للبنية التحتية، ثم تأتي حكومة تعتبر نفسها الأقوى، وبدون رقابة دولية، وتدعم هذا النظام ماليًا وسياسيًا وإعلاميًا، إضافة إلى التنشيط الإعلامي، الذي أضرّ كثيرًا، أي التهييج الإعلامي للفتنة، وللحرب للطائفية أدّى إلى هدّ الهيكلية الاجتماعية ببلدنا. وبالتأكيد هذا التهييج للفتن الطائفية موجّه لكل العرب، إنها نفس الآلام ونفس الجراح.

تصف وسائل الإعلام الكندية بما فيها cbc وctv العنف الحالي على أنه بين قوات الأمن التابعة للحكومة التي يقودها الإسلاميون ومقاتلين من الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد. وهو ما عبّر عنه مؤيدو هذه المجازر بأن الحرب هي بمواجهة "فلول النظام"، ما تعليقكم على هذا، وبماذا تتوجهون لوسائل الإعلام الكندية؟

أولًا، وسائل الإعلام تُدار سياسيًا واقتصاديًا. اشتغلت لصالح الصحافة وأعرف كيف تُدار الصحافة، هي "بيزنس". أنا لستُ تابعة لأي مجموعة دينية ولا طائفية، ولا أطلب شيئًا من هذه الوسائل، ولكن أقول لهم على الأقل أخلاقيًا أن يقدموا شي للإنسان. موظف واحد يكون لديه شيء من الصدق ويقول الحقيقة. هذا تحيّز وتغيير للواقع. عندما تحدث جرائم في كندا، من يكون المسؤول ومن الذي يجب أن يتحمل المسؤولية؟

إنهم يعطون مبرّرًا للجريمة، قتل الأطفال، قص رقاب أطفال بعمر 5 و 6 سنين، هل يمكن اعتبار هؤلاء الأطفال "فلول للنظام". هذا الوصف "فلول النظام" هو لتبرير القتل. هل لحكومة دمشق الجديدة الحق في القتل والتدمير والتهجير وحرق المنازل؟!

كنتُ في مقابلة منذ يومين مع إحدى الإذاعات الأميركية في نيويورك، كانت هذه الإذاعة تعلن أن الأحداث في سوريا عبارة عن 18 فيلق مسلح من أيديولوجيات مختلفة يقومون بأعمال العنف. الذين يُقتلون ليسوا فلول نظام، فليكونوا صادقين مع أنفسهم أولًا، ويضعوا الحقيقة أمام أعينهم. الواقع أنهم يعطون مبرّرًا لجريمة حدثت وستحدث؛ اليوم انسرق بيتك، تفسير الميديا للسرقة تشبه أن تعالَ واسرق بيتي مرة أخرى، الميديا تفسرّها "فلول نظام"، والميديا تتحدث كأنها وصلت للحقيقة. أين أقمارهم الاصطناعية، قرية مؤلفة من بيوت متفرقة، وموجودة صورها عبر الأقمار الاصطناعية، فجأة تحضر أرتال من السيارات المسلحة، مئات من أقوى العتاد معهم ويتم إحراق القرية، فلتعدّ وسائل الإعلام الكندية عدد الأطفال القتلى، عدد العوائل التي تمت تصفيتها نهائيًا. على وسائل الإعلام أن تخترم نفسها وتذهب وترى الحقيقة. لا يستطيعون الذهاب، فليروا الفيديوهات المنتشرة عبر مواقع التواصل، وليروا أعضاء من الحكومة كيف يقومون بالتهديد بالتصفية وبالقتل الممنهج. هناك بلوغرز لسوريين موزّعين في أوروبا، فليروا المنهج الطائفي كيف يتكلمون بالعنف والقتل و"لازم نبيدن، لازم نهجّرن، لازم نعنّفن". الوسائل الإعلامية لديها موقفها السياسي، وأجندتها.

أنا كروز أيوب من منطقة الساحل أحمل نداء إغاثة، وقفتنا السبت بأوتاوا سيكون فقط لإطلاق نداء ضد العنف وضد القتل، للسماح للنساء والأمهات أن يدفنوا أطفالهم وأحفادهم. البعض لا يزال مختبئًا في منزله، بصمت، وبخوف حتى من أن يطلّوا من النافذة، الجثث مرمية على مداخل المباني السكنية. توجد أمام مدخل بيت أهلي جثتين، ولا يُسمح لأحد بالخروج. تصوري هذا الكم الهائل من الموت والعنف. ننتظر أمام الهواتف لنعرف من قُتل من أفراد عائلاتنا، تصلنا أخبار عن فلان مات مع أهله، وفلان آخر، هذا العنف من هو المسؤول عنه؟ ولماذا يصفون الجرائم أنها موجّهة لـ"فلول نظام"، وفي هذا الوقت بالذات؟ ولماذا لم يخرج "فلول النظام" منذ أن سقط الأسد؟ لماذا هذا العنف الهائل؟ لماذا تعطي الحكومة الجديدة الضوء الأخضر لعمليات الذبح هذه؟ وجميع قنوات الإعلام العالمية تساندهم في الوصف؟

تُذاع في الجوامع في سوريا: "هبّوا إلى الجهاد"، هل تسمع وسائل الإعلام الكندية هذا الأمر. فليذهب الإعلام إلى المعبر التركي ويراقب الحركة ذهابًا وإيابًا، لا أحد خارج من سوريا إلى تركيا هناك، الكل داخل إلى سوريا عبر هذا لمعبر من أجل الجهاد. الآلاف أيضًا يأتون من شمال لبنان. منذ أن بدأت هذه المجازر كان التركيز الإعلامي الرسمي على تغطية هذه الجرائم وإخفاءها، وهذه هي الطامة الكبرى للأسف.

إلى ماذا تهدفون من خلال هذا الحدث، هل يمكن اعتباره نداء استغاثة ووقف العنف؟

نعم هي وقفة رسالتها نداء استغاثة، وقف العنف والقتل وأن يفتحوا ممرًا آمنًا كي تدفن الناس أبناءها وأحباءها، أن تدخل المساعدات من أغذية وأدوية إلى الذين يحتاجونها فعلًا، فلا شيء يمكن أن يدخل دون إذن المسلحين المنتشرين في الطرقات.  

حكومة كندا تقول إنها بصدد إرسال معونات لمساعدة الشعب السوري. تحصل المساعدة عندما تصل للإنسان المحتاج. خلال الحرب الأهلية كانت المساعدات الدولية تُباع بالشوارع.

هناك الكثير من الناس تم رميهم في السجون، على الرغم من عدم انتمائهم لمظام الأسد، فقط بسبب طائفتهم. نحن لم يكن اسمنا نظام الأسد، نحن اسمنا سوريا. كانت هناك حكومة ودستور ونظام ديكتاتورين ولكن عندما يتوظف أي مواطن فهو يعمل تحت الدستور والقانون. إذا كان من جهة حكومية هنا في كندا، الموظفين فيها عليهم أن يعملوا تحت سيادة القانون الكندي. عندما وصلت الحكومة الجديدة للحكم، لا يعني ذلك أن الحزب الفائز يحف له إقصاء الآخر إلى أبعد الدرجات. هناك موظفون عملوا لعشرات السنين، هل يجب طردهم لأنهم توظفوا على عهد  النظام السابق.

ما يحدث هو التعتيم، ومحاولة القول إنهم يطردون فلول النظام ويدّعون أنهم يقاتلون مسلحين، ما داموا يقاتلون مسلحينن لماذا يدخولون إلى مستشفيات ويقومون بتصفية الأطباء، والفتك بالموظفين، عشرات من الرجال المسلحين يدخلون ويقتلون الموظفين؟ هل هؤلاء الموظفين مسلحين؟ روسيين؟ إيرانيين؟ تحت أي مسمى يتم قتلهم وليسوا مقاتلين؟ هؤلاء سوريين أبرياء يعيشون في بلدهم بكرامتهم، لا يريدون غير السلام، وأن لا يهين أحد أولادهم.

بعد كل هذا، نرى كندا ومواقفها الداعمة للحكومة السورية الجديدة، شخص يتراس بلد مليء بحضارة، يعترف ويأتي لمباركته رؤساء العالم، قد نرى ترودو وترامب وآخرين في دمشق قريبًا. ولكن تم تشكيل الحكومة الجديدة بطريقة مبنية على قوائم ليس لها أي أساس، لا احترام للطرف الآخر، لا الكردي، ولا العلوي، ولا المسيحي، ولا السوري الذي ليس تابعًا لأي جهة دينية أو سياسية، ولا الديمقراطي ولا الراديكالي. لم تقدّم الحكومة السورية حتى الآن صورة حقيقية قائمة على مبدأ الإنسان السوري. هناك جماعات ودول تقوم بالتهليل لحكومة دمشق، ولكن فليعطوا صورة للواقع، أين هذا الواقع الجميل والوعود التي تم إطلاقها عن سوريا الجديدة الآمنة بعد نظام الأسد. إذا خرج أحدهم بسيارته في دمشق، قد يتعرض للخطف، أو السرقة. اسألوا تشات جي بي تي عن مستوى الأمن في سوريا، الجواب فظيع.   

هدفنا من وقفتنا أن نسلط الضوء على المحتاجين، على استغاثاتهم، ومساعدتهم للشعور بالأمان. حكومة كندا ليست ضعيفة، ويمكنها من دون وساطة من أحد إيصال الدعم لشعبنا الذي يتم تهديده. نريد محكمة صديقة ونزيهة للمواطنين الذين يتم سجنهم. يجب أن يتم التدخل دوليًا، وأن يكونوا جزءًا من هذه المحكمة. طلبت حكومة كندا وحكومات أخرى من حكومة دمشق التحقيق بالجرائم. حكومة قائمة بهذا الشكل بأي دولة بالعالم كيف يتم منحها الثقة الكاملة. على الأقل أن تكون الأمم المتحدة موجودة في هذه المحكمة، على الأقل أن يتم إرسال لجان إنسانية من كندا، من فرنسا، من أميركا، وغيرها، كشهود عيان. مئات الجثث تم رميها بالبحر، وجثث أخرى تم إحراقها. إنهم يحرقون المنطقة تلو الأخرى، هناك فيديوهات تُظهر كيف تحمل الجرافات الجثث وتُرمى في البحر، أين توثيق ذلك، أين المحاكم الدولية؟ هل نحن لا شيء؟! 

منذ أيام، في 12 آذار/ مارس، أعربت ميلاني جولي عن قلقها حيال العنف الذي تشهده سوريا في محافظات طرطوس واللاذقية وحمص ووصفته بالعنف المروّع، وعيّنت عمر الغبرا مبعوثًا لكندا إلى سوريا للبحث في الأوضاع، ما الذي تودون توجيهه لميلاني لجولي وللغبرا؟

الحقيقة أن عبارات القلق والكلمات الجميلة لا تفيدنا، عليها أن تسأل الأطراف السورية، هل كان عمر الغبرا قريبًا من الطرفين؟ هل كان محايدًا؟ إذا تكلمنا عن مجريات الجرائم المروعة، لنعتبرها فلول نظام، هل يا تُرى قتل الناس بهذه الطريقة، والتشدّد فيها، هل يوكلون أشخاصًا ينتمون لطرف معيّن أن يحققوا في الجرائم. عمر الغبرا ليس ممثلًا لجميع الأطراف. الآن عيّنت الحكومة الكندية سفيرة لها في سوريا، أهلا وسهلا بذلك، الشعب السوري يحتاج لذلك، ولكن هذا اعتراف رسمي بالحكومة الجديدة. هل هذا تأكيد بأن حكومة الجولاني رسميًا تم الاعتراف بها من كل الدول. الجهة التي تُقتل، كيف ترسلون لها شخصًا ممثلًا للحكومة الكندية ينتمي للجهة القاتلة.

هناك فيديو انتشر منذ يومين على صعيد إعلامي دولي لامرأة مسنّة، وهناك رسامين يرسمونها الآن، يقول لها المسلح: خذي أولادك. فيما هي تقف أمام جثثهم، وهو يقول ويزيد ماذا سيفعل بالطائفة التي تنتمي لها، أي امرأة بالعالم قادرة أن تقف أمام قالت أولادها وأحفادها؟! اتركوا الناس، اتركوا جروح العالم تندمل.

أهلا بعمر الغبرا، هل سيذهب ليتفرج على دمائنا، ليدوس عليها، لا نحتاج لسلات الغذاء، لا نريد هذه المئة مليون دولار التي ستصل للحكومة الجديدة. كانت تصل ملايين الدولارات من المساعدات للشعب السوري، أين كانت تذهب على مدى 14 سنة؟ هل تم إعمار سوريا، لا توجد بنية تحتية ولا اجتماعية، وكل مناطق الساحل، ليس فيها بيت لم يفقد أحد أولاده بالحرب الأهلية. لماذا لا تعترف الحكومة الحالية في دمشق بالجرائم التي نفّذتها المعارضة المسلحة، وبجرائم  داعش بنساء وأطفال سوريا. فليفتحوا المحاكم. لماذا تحاكمون الطرف الآخر فقط؟ هل الطرف الحاكم، الطرف الأقوى الذي يملك السلاح الآن هو الرابح، في الحقيقة نعم، الطرف المدعوم سياسيًا هو الأقوى ومدعوم من القوى العظمى من العالم.  

أهلًا وسهلاً بعمر الغبرا، وبمقترحات ميلاني جولي. أنا كمواطنة سورية وكندية لا استطيع أن أجامل أكثر من هذا. 33 شخص من عائلتي ومن معارفي القريبين تم قتلهم خلال أيام، هل أستطيع أن أجامل. البارحة قتلت الحكومة الحالية شخصين من عائلتي بعد أن كانت قد أعلنت عن تسوية معهم. شباب في أوائل العشرينات من العمر، يتم التحقيق معهم وسؤالهم عن موقفهم من جرائم الأسد وديكتاتوريته، عندما انطلقت الثورة العظيمة عام 2011 كان عمرهم 4 و 5 سنين..

هناك انقسامات داخل الجالية السورية في كندا فيما يخص الأحداث الأخيرة، بماذا تتوجهين لهم؟

الجريمة والمجرم لن يفصلونا عن بعضنا. لقد قدمت ترخيصًا باسمي. أخبرتني الشرطة الكندية أن هناك سوريين سيأتون ويحملون أعلامهم السورية الجديدة. أنا عندما تقدمت بالطلب للوقفة والمسيرة، قدّمتها من مبدأ الجريمة المروّعة والإبادة بحق شعبنا بالساحل، عن التجويع والدمار دون أي مبرّر آخر، ودون أن أشرح للشرطة، لا سياسيًا ولا دينيًا لا طائفيًا، وأخذت الرخصة، لا نريد أعلام سابقة، ولا لاحقة، أنا غير تابعة لأحد. كان طلبنا في البداية الوقوف دقيقة صمت عن أرواح أهالينا وجيراننا وأحبابنا، لسنا تابعين لا للأسد، لا للمرحلة السابقة ولا اللاحقة. نحن نرحب بأي إنسان سابق أو لاحق، لا يهمنا من أي مذهب أو دين أو جهة سيأتي، إذا كان سيقف من مبدأ إنساني معنا بصوت واحد، حاملًا معه قلبه ومحبته وضميره.نحن أخوة، وسنعود كلنا أخوة.

أرسل لي أحد الأشخاص رسالة يتساءل عن شعار كتبتُه "واحد واحد الشعب السوري واحد"، يقول لي: هل لا يزال الشعب السوري واحد. نعم، إذا أنا قُتلت، أو أنت قُتلت، إذا احترق بيتي، أو بيتك، نحن واحد. المشكلة أن هناك طرفًا يعطي مبرّرات للتنكيل والتشريد والاضطهاد. هل نعطي عذرًا لقتل الآخر. هذه هي الجريمة. لست ضد أحد أن يتظاهر ويرفع صوته، هذا حق كل إنسان، كما أن لي الحق أن على أهلي وأولاد بلدي، هم يقولون الشيء نفسه. ولكن رجاء أن نحترم آلام الآخرين.

قيل لي أن البعض سيأتي رافعًا أعلامًا فلسطينية، أقول لهم إن جرحنا واحد ولكن نحتاج الآن أن نسلّط الضوء على المجزرة في الساحل السوري، كي لا تمر مرور الكرام. إذا مرّت هذه الجريمة بهذه السهولة ودون أي استنكار، ستمر جرائم ثانية، أكبر وأبشع. الأمور تتسارع في سوريا والشرق الأوسط، والشعب البسيط والفقير يتأثر بالأيديولويجيات، ويبدأ بإعطاء مبرّرات للقتل. لا يوجد مبرّر لذلك، لا مبرّر للإهانة، لا مبرّر لذبح طفل، لا مبرّر للسرقة، لا مبرّر أن تجعل الآخرين يعيشون بالذعر والخوف والتهديد المتواصل، لا مبرّر إذا قُتل أحد من عائلتك أن تقوم بقتل فئة كاملة من الناس، تكون مثلك مثل القاتل الذي تنتقده وتعتبره ديكتاتوريًا. 

الغريب أن الذي عاش هذا الإحساس بالخوف، لماذا لا يخرج ضد الذي يحدث، ويرفض تكرار الأمر بطريقة أكثر وحشية مع أبناء الشعب الواحد، والمشكلة أنه يخرج ويبرّر المذابح التي تحدث الآن.

 

هل تلقيتم ردود فعل سلبية من جهات معينة؟

الكثير الكثير، وثمة ردود أننا سننظّم تظاهرات بوجهكم. أول يوم كتبت على صفحتي عن المذابح التي تحدث مستنكرة ذلك، ومن منطلق إنساني، كتبت "أوقفوا القتل". ظهر جيش من المواطنين على صفحتي يسألونني من أنا، وما هي سليلتي، وكتبوا "والله لنبيدكن". كانت مئات التعليقات التي تهددني بالقتل. المسألة أن الشخص نفسه الذي يهدّدني بالقتل رأيته يضع صورة زوجته وأمه وابنته على صفحته، كيف تعاملني بهذه الطريقة وتقول "والله لنعمل فيكن"!! فعلًا شيء مرعب حقًا. هذه الردود أرعبتني لكثرة الحقد فيها. وأفكر الآن، إذا أنا أحسست بالرعب من تعليقات عبر الميديا، إذَا ما هي كمية المعاناة التي يشعر بها أولئك الناس على أرض الواقع، حين يدخل مسلحون عليهم ويفتحون النار عليهم في منازلهم، ما هو إحساسهم. ثم يقولون "فلول نظام!!"، شاهدوا الفيديوهات، افتحوا آذانكم.

هل تم التعاون مع جاليات أو جهات حقوقية لحشد أكبر قدر من المتظاهرين وإيصال الصوت عاليًا؟    

هناك جهات إعلامية ستحضر، منها راديو كندا، كذلك بعض الجهات الإعلامية الأميركية. الحقيقة أن الأمور حدثت بسرعة، ولم نستطع أن نحشد الكثير من الإعلام لذلك. نتمنى أن يصل صوتنا.

أقول للناس، العنف، الحقد، الكره، التعصب، كلها مرعبة. يُقال لنا بأن لا نوجّه لومًا للحكومة وأن نعطيها فرصة. نحن لا نتوجه لأسماء معينة، نحن قلوبنا تحترق على مناظر الجثث في الشوارع ومحملة بالجرافات أو متروكة في البيوت، ونسمع بأن القتلى يستحقون ذلك، بأي إنسانية تُنطق هذه الكلمة.

هل برأيك هذه الوقفة أمام مبنى حقوق الإنسان والبرلمان الكندي قد تحقّق الضغط الدولي على سوريا لإنهاء العنف؟  

سنقف أمام مبنى حقوق الإنسان ثم سنير حتى البرلمان على الأقدام، وهناك ستم إلقاء عدد من الخطابات التي تطالب بفتح ممر آمن للناس المرعوبة في منازلها أو مختبئة في الوديان، وتحتاج للأمن والأمان، وفتح المعابر تجاه الأردن ولبنان. تركيا دولة قوية اقتصاديًا استرزقت كثيرًا بسبب الحرب الأهلية السورية، وحققت سياسة ومستقبلًا. لتقم الأمم المتحدة بواجبها وتوثّق ما الي يحصل عند المعابر التركية السورية.

تلك المسنّة التي قالوا لها: خذي أولادك جثثًا، ما هي الحياة التي تنتظرها، كم تحتاج هذه الجراح من السنين لتندمل. نتأمل أن توثّق الأمم المتحدة هذه الجرائم، وتوثٌّق عدد الشهداء الحقيقيين، ويضعون مراقبين دوليين ليشعر الشعب السوري بالأمان. أما أن يتم إعطاء جانب واحد خاض حروبًا سنين طويلة لمراقبة الأمور والتحقق من الجرائم، فهذا غير مقبول.

نحن لا شيء من دون الضغط الدولي، ولكن هذا الضفط الدولي مسيّس لأبعد الحدود. نحن لا نطلب من المنظمات الدولية أن تقوم بخلع أحد أو وضع شخص مكانه، ولا نطالب بتنحية حزب ووضع حزب مكانه، نحن نطالب من منطلق انساني نريد الأمان الأمان الأمان، ووقف العنف. نحن في هذا العصر نطالب بالأمان. أي أحد قادر أن يقدّم شيئًا فليقدّم. لا يوجد أي مؤازرة على الأرض لي الساحل السوري، الشعب هناك تتم إبادته، ولا يمكن إيصال علبة دواء له.

يقولون: سترسل الحكومة الفلانية إعانات، وسوف تتواصل الحكومة الفلانية مع حكومة دمشق، هل تأكد أحد أن شعب الساحل السوري يتم إيصال الأدوية والإعانات له. منذ البارحة يهددون الناس التي تختبئ بالأحراج، قامت سيارات بإطلاق عيارات نارية صوب الشجر، وكانت الريح قوية، فاشتعلت الحرائق، إنهم يطلقون الرصاص لتتشكل الحرائق، كي تحترق العائلات والأطفال المختبئين بين الأشجار. أخي وعائلته وفيها 3 أطفال منذ يومين ينامون في الوديان. فلتذهب هذه الفصائل المسلحة بإحراقهم. زوجة ابن أخي تقول لي إنهم يسمعون صوت ضباع، قلت لها إن الضباع أفضل من البشر الذين ليدهم أيديولوجيات لقتل الآخر ولديهم مبرّرات لقتل الآخر. أخي هرب بعائلته وأطفاله بعد أن تم قتل جارهم وعائلته، وأحرقوا منزلهم والجثث فيها. وعندما يتقلوت يستخدمون رصاصًا متطورًا يخترق الجسد بالكامل.

ما هي الخطوات التالية التي تودون القيام بها؟

نطلب من أي أحد يستطيع أن يفيدنا ان يفعل. نحن أفراد ولسنا منظمة ونحاول رفع الصوت قدر الإمكان، إذا كان من أحد يمكن أن يفيدنا فتحت نحتاج للدعم. إذا تم منج الشعب السوري على الساحل الأمان سنتوقف. أما إذا استمر القتل والتنكيل والعنف وطلبات الاستغاثة، فإننا سنعيد التظاهر والضغط ومطالبة الأمم المتحدة والحكومة الكندية بالتحرّك.  هناك حواجز تفتيش "على الهوية"، وهناك ذبح و تنكيل وسجن، وتحقيق معهم، لا لجان، لا شهود عيان، لا شيء إنساني. علينا العمل لإيقاف كل ذلك.

أطلب من الجميع عدم رفع أي علم، نحن سنرفع شعارات وقف العنف وإنقاذ الأطفال. ونتمنى من الجميع الوقوف معنا وإيصال الصوت للحكومة الكندية لمساعدة شعبنا في سوريا، لا يهمّنا إرسال مندوب عن الحكومة الكندية ليضع مليونات الدولارات في حساب الحكومة الكندية، نريد مساعدة أهالينا الذين يشعرون بالخوف والتجويع، لا تهمنا الكلمات الرنانة، الكلمات لم تطعم طفلًا ولم تحم امرأة في العالم. يهمنا وقوف حكومتنا معنا وهي التي وقّعت على ميثاق حقوق الإنيان في الأمم المتحدة، السوريون مثل أي شعب في العالم يتعرّض للعنف الآن ونطلب الوقوف معه.

أشكر كل شخص يستطيع أن يضع بصمة في طريقنا لتحقيق الأمان، ونشكر كل إنسان يرفع صوته معنا.

 

*الصور عن صفحة الهوى سوري على فيسبوك