وَلِيدُ حَدِيدِ ـ مونتريال
أَطْفَالُ غَزَّةَ
أَطْفَالٌ مِنْ زَهْرٍ وَرَمَادٍ
---
### *1. أَطْفَالٌ مِنْ زَهْرٍ وَرَمَادٍ*
يَلْعَبُونَ بِشَظَايَا تَحْتَ سُحُبٍ مِنْ حَدِيدٍ،
يَرْسُمُونَ عَلَى الجُدْرَانِ السُّودِ
أُمْنِيَّاتٍ مُخَضَّبَاتٍ بِالبَارُودِ وَالدِّمَاءِ،
يَبْنُونَ قَصْرًا مِنْ دَمْعٍ وَطِينٍ.
⸻
### *2. فِي لُغَةِ الرَّمَادِ*
تُرَتَّلُ الأُمْنِيَّاتُ بِحُرُوفٍ مَقْطُوعَةِ الأَلْسُنِ،
حِينَ تَسْقُطُ «الحَاءُ» وَ«البَاءُ»*
كَمَوْتِ الرَّبِيعِ عَلَى مَذَابِحِ الصَّحْرَاءِ.
⸻
### *3. فِي لُغَةِ الإِبَادَةِ*
لَا دَوَاءَ، لَا دِفْءَ، لَا خُبْزَ، لَا مَاءَ،
وَلَا حِكَايَةَ تُرْوَى…
أَرْضٌ بِلا شَعْبٍ،
أَوْ جُثَثٌ مُهَشَّمَةٌ
بَيْنَ سَطْوَةِ المَدَافِعِ وَمَخَالِبِ الجَرَّافَاتِ.
هُنَاكَ حَرْبُ إِبَادَةٍ…
⸻
### *4. الجَمِيعُ هُنَا…*
أَطْفَالٌ، رِجَالٌ، نِسَاءٌ،
يَمْسَحُونَ دُمُوعَ الشَّقَاءِ
بِأَيْدٍ نَحِيلَةٍ شَفَّافَةٍ
تَخْتَرِقُهَا الشَّمْسُ،
فَلَا تَتْرُكُ إِلَّا ظِلَالًا مِنْ حَنِينِ الأَرْضِ
وَأَسَى الإِنْسَانِ المُغْتَصَبِ.
⸻
### *5. أَنْ تَعُودَ الشَّمْسُ طِفْلَةً*
تَرْكُضُ خَلْفَ سَرَابِ السَّلَامِ،
وَأَنْ تَنْهَضَ الجُدْرَانُ المُدَمَّرَةُ
لِتَحْكِيَ أَحْلَامَ الأَطْفَالِ القَتِيلَةِ،
أَنْ تَصِيرَ القَنَابِلُ حِبَالًا
لِأُرْجُوحَةٍ تَحْمِلُنَا نَحوَ السَّمَاءِ،
وَأَنْ يَخْرُجَ المَاءُ مِنْ عُيُونِ الوَحْشِ
قَبْلَ أَنْ يَلْتَهِمَ آخِرَ الأَسْمَاءِ.
⸻
### *6. نُؤْمِنُ أَنَّ الإِنْسَانِيَّةَ… مِيمٌ*
لَا تَنْتَهِي حُرُوفُهَا،
وَأَنَّ دَمْعَةً وَاحِدَةً قَدْ تَسْطَعُ كَافِيَةً
لِإِشْعَالِ الكَوْنِ،
نُصْغِي لِلنُّجُومِ،
لَعَلَّهَا تَسْمَعُ صَوْتَ الجَسَدِ المُحَطَّمِ:
«لَمْ نَكُنْ رَقْمًا… نَحْنُ عُشْبٌ نَبَتَ فِي شَظَايَا القُنْبُلَةِ!».
⸻
### *7. الأُمْنِيَّاتُ تَتَسَاقَطُ كَالنَّدَى*
عَلَى كُومَةِ رَمَادٍ،
وَحِينَ تَجِفُّ…
نَعْلَمُ أَنَّ العَدَالَةَ
مَا كَانَتْ إِلَّا وَهْمًا
نَسَجْنَاهُ مِنْ خَيَالٍ كَاذِبٍ.
⸻
### *8. يَسْأَلُونَ:*
«لِمَاذَا تَخْتَفِي الشَّمْسُ كُلَّ يَوْمٍ،
وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ أَجْسَادِنَا العَارِيَةِ
جَحَافِلُ الدُّرُونْزِ الهَادِرَةِ؟».
⸻
### *9. كِتَابُ الدَّمْعِ الأَسْوَدِ*
صَفَحَاتٌ مِنْ وَرَقٍ تَنْزِفُ حُرُوفًا مُبَعْثَرَةً،
تَكْتُبُ قِصَّتَنَا بِعُيُونٍ مِنْ رَمَادٍ:
«حِبْرُهَا… دَمْعَةٌ سَوْدَاءُ».
⸻
### *10. يَقُولُونَ:*
«هَذِهِ الأَرْضُ — أُمِّي —
تُرْضِعُنَا سُمًّا بَدَلَ الحَلِيبِ،
فَمَتَى نَرَى ضَوْءَ القَمَرِ
فِي لَيْلٍ بِلَا نَارٍ أَوْ دُخَانٍ؟».
⸻
### *11. الإِنْسَانِيَّةُ خَلْفَ سِتَارِ الظَّلَامِ،*
الحُكُومَاتُ صَامِتَةٌ،
الرُّؤَسَاءُ فِي اسْتِجْمَامٍ،
وَأَنَا… طِفْلٌ
عَرَفْتُ كُلَّ أَنْوَاعِ الآلَامِ.
⸻
### *12. هُمْ يَسْجُدُونَ لِغَيْرِ القِبْلَةِ،*
فَكُلُّ الاتِّجَاهَاتِ مُتَشَابِهَةٌ،
وَهُدْفُهُمْ إِخْفَاءُ القَضِيَّةِ،
يُرِيدُونَ الأَرْضَ وَالهَوِيَّةَ،
يُصَلُّونَ صَلَاةَ الأَشْبَاحِ،
وَيَظُنُّونَ أَنَّ المَسِيحَ لَمْ يَأْتِ.
⸻
### *13. الأَطْفَالُ يَسْأَلُونَ الخَرَابَ:*
«أَيُّهَا الوَحْشُ الَّذِي يَبْتَلِعُ أَعْضَاءَنَا،
هَلْ تَسْمَحُ لَنَا بِعِنَاقِ أُمَّهَاتِنَا
قَبْلَ أَنْ نَمُوتَ؟
قَبْلَ أَنْ تُمْحَى أَسْمَاؤُنَا؟».
⸻
### *14. نُجُومٌ تَنْزِلُ مِنْ جُفُونِهِمْ،*
وَعُيُونُهُمُ المَحْشُوَّةُ بِشَظَايَا الكَوْنِ
تُخَبِّئُ أَسْرَارًا تُشْبِهُ الفَجْرَ،
وَكُلُّ دَمْعَةٍ تَرْفُضُ السُّقُوطَ
تَصْرُخُ:
«هَذَا الجَسَدُ يَحْتَاجُ مَاءً!
مَا زِلْنَا نَحْمِلُ رَغْبَةً فِي الحَيَاةِ،
كَمِفْتَاحٍ سِرِّيٍّ لِجَنَّةٍ وُعِدْنَا بِهَا،
حِينَ قَالَ اللهُ:
إِنَّ الأَطْفَالَ مِنْ نِعَمِ الحَيَاةِ…
فَلِمَاذَا تُصْلَبُ الطُّفُولَةُ عَلَى أَبْوَابِ الجَحِيمِ؟».
⸻
### *15. يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمُ النَّحِيلَةَ نَحْوَ السَّمَاءِ،*
يَسْأَلُونَ:
«مَنْ سَيَرْوِي لِلنُّجُومِ
أَنَّنَا لَمْ نَكُنْ رَقْمًا فِي تَقْرِيرٍ،
بَلْ كُنَّا أَطْفَالًا…
لَنَا جَدَّةٌ وَأَبٌ وَأُمٌّ.
نَعْلَمُ أَنَّ الحَيَاةَ قِطْعَةُ سُكَّرٍ،
لَكِنَّهَا ذَابَتْ فِي مُسْتَنْقَعِ التَّشَتُّتِ
قَبْلَ أَنْ نَتَذَوَّقَهَا.
فَهَلْ نَرْوِي قِصَّتَنَا
لِمَنْ لَا يَسْمَعُ؟
أَمْ نَصْرُخُ أَلَمًا فِي صَمْتِ الحِجَارَةِ؟».
⸻
### *16. لُغَةُ الصَّمْتِ*
عَلَّمَتْنِي جَدَّتِي أَنَّ مَنْ سَكَتَ عَنِ الحَقِّ شَيْطَانٌ،
فَهَلِ اِنْطَرَدَتِ المَلَائِكَةُ مِنْ سَمَاءِ الوَرَى،
وَصَارَتْ عُرُوشُ الأَرْضِ سَرَادِيبَ لِلشَّيَاطِينِ؟
نَحْنُ — أَطْفَالَ الحِجَارَةِ —
نَرْفُضُ أَنْ نَكُونَ أَقْلامًا صَامِتَةً فِي يَدِ الظُّلْمِ،
وَنَهْتِفُ فِي وَجْهِ العَالَمِ:
«مَنْ يَتْجَاهَلْ حَقَّ فِلَسْطِينَ…
سَيَبْقَى أَبَدَ الدَّهْرِ أَسِيرَ جُبْنٍ وَعَارٍ!».
---
### *الإِمْضَاءُ:*
أَطْفَالُ غَزَّةَ
**ألقيت خلال الندوة التي نظمها "المجلس التنسيقي من أجل فلسطين" CC4P تحت عنوان "فلسطين: من الانتداب إلى النكبة" ، يوم الجمعة في 16 أيار الجاري في قاعة نهاد حديد والتي ادارتها الزميلة دارين حوماني وتحدث فيها د. جميل شاهين
* الصورة من موقع freepik لأغراض توضيحية فقط
95 مشاهدة
31 مايو, 2025
134 مشاهدة
26 مايو, 2025
146 مشاهدة
25 مايو, 2025