Sadaonline

مهرجان "أورينتاليس" في مونتريال: فسيفساء من الثقافات والهويات العربية والشرق آسيوية

حملت الخيم العربية والشرق آسيوية معها رسائل الانتماء والتواصل

مونتريال- دارين حوماني

عند رصيف "برج الساعة" في المرفأ القديم في مونتريال، اجتمعت أصوات الجاليات العربية والشرق آسيوية لتنسج لوحات نابضة بالتراث، في إطار النسخة الخامسة عشر من فعاليات مهرجان "أورينتاليس" والذي يُعد من أبرز المنصات الثقافية في كندا، وقد انطلق المهرجان يوم الخميس 7 آب/ أغسطس ويستمر حتى 10 آب/ أغسطس 2025.

وككلّ عام، حملت الخيم العربية والشرق آسيوية معها رسائل الانتماء والتواصل، لتعرّف عشرات الآلاف من الزوار من مختلف الجنسيات على تنوع الموروث العربي والشرقي وثرائه. من لبنان وفلسطين إلى اليمن والسودان، ومن الصين ومنغوليا إلى المغرب وموريتانيا، توحدت الحكايات تحت خيم المهرجان، حيث شارك ممثلو أكثر من عشرين جالية في عرض أزيائهم التقليدية، وأطباقهم الشعبية، وحرفهم اليدوية، إلى جانب أنشطة فنية وتعليمية، وفعاليات تفاعلية أثارت فضول الزوار. 

وكما شهد المهرجان العام الماضي المشاركة الأولى لكلّ من قيرغستان واليمن، فقد شهد المهرجان هذا العام المشاركة الأولى لكلّ من السودان وسوريا، هذا النمو المتواصل في المشاركات يعكس نجاح المهرجان في استقطاب ثقافات متنوعة، مما يساهم في بناء جسور التفاهم والتعايش بين مختلف الجاليات في كندا. كما يعزز المهرجان من فرص الحوار الثقافي ويعمّق الشعور بالانتماء المشترك في مجتمع متعدد الثقافات.

وفي تصريح له عند الإعلان عن مهرجان "أورينتاليس" لهذا العام، قال ماثيو لاكومب، وزير الثقافة والاتصالات، والوزير المسؤول عن الشباب، والوزير المسؤول عن منطقة أوتاوا:

"يتناغم حماس مهرجان ‘أورينتاليس‘ بشكل رائع مع حيوية المدينة. يتيح هذا الحدث للزوار اكتشاف جوانب مختلفة من الثقافات الشرقية في زيارة واحدة، سواء من خلال الرقص أو الموسيقى أو المأكولات المميزة. أتقدم بجزيل الشكر للمنظمين على هذا البرنامج المتنوع، الذي يتيح للجمهور اكتشاف تقاليد جديدة في أجواء احتفالية نابضة بالحياة."

كما عبّرت كارولين برولكس، وزيرة السياحة والوزيرة المسؤولة عن منطقة لانوديير، عن أهمية المهرجان "تُمثل المهرجانات والفعاليات مثل مهرجان ‘أورينتاليس‘ فرصًا مثالية للقاءات الثقافية والتشارك. فهي تُسهم في التنمية الاقتصادية والثقافية لمناطقنا، وتُنعشها في الوقت نفسه. أدعو الزوار بحرارة للمشاركة في هذا الحدث واغتنام الفرصة لاكتشاف المدينة ومعالمها السياحية العديدة."

وفي بيانه، يذكر المهرجان:

"هو مهرجان مجاني مُكرّس بالكامل للقاء الثقافات الشرقية والغربية، يحتفي ‘أورينتاليس‘ بمدينة مونتريال التعددية، الطليعية، والمفتوحة على الآخرين. في كل صيف، ينبض ميناء مونتريال القديم بإيقاعات جريئة وعروض فريدة تمتد من المغرب العربي إلى الصين، مرورًا بإسبانيا، تركيا، سوريا، لبنان، إيران، كمبوديا، الهند، اليابان، والعديد من دول الشرق الأخرى!".

ويشير البيان أن البرنامج يتضمن عروضًا وورش عمل وأنشطة ترفيهية ومعارض وأنشطة للأطفال والكبار... "في أرجاء مدينة عتيقة بطابعها الشرقي الأصيل!"، إضافة إلى إعادة اكتشاف أجواء الخيم التراثية، والقطع الحرفية النادرة، والمنتوجات المصنوعة يدويًا من كافة الدول المشاركة.

وعلى موقع المهرجان، يمكن الاطّلاع على العروض الثقافية والتراثية والفنية التي تقدّمها منصة TD  ومنصة Medina  طوال فترة المهرجان:

https://www.festivalorientalys.com/programmation

 

في السطور التالية، نستعرض أبرز محطات هذه المشاركة، كما رواها ممثلو عدد من الخيم، من لبنان، فلسطين، مصر، السودان، تايلاندا، قيرغستان، العراق، المغرب، اليمن، سورية، وموريتانيا، ليبقى التراث حيًا في الذاكرة، ولتظل الهوية الثقافية جسرًا يصل الحاضر بالماضي.

بيار موسى

 

الخيمة اللبنانية: عناصر تراثية وأجواء فولكلورية

حافظت الخيمة اللبنانية على حضورها المميز في مهرجان مونتريال الشرقي لهذا العام، مقدمةً مزيجًا من الأجواء والعناصر التراثية والعروض الفولكلورية والموسيقى التي تعكس روح لبنان.

وقال بيار موسى، منظم الخيمة اللبنانية منذ خمسة عشر عامًا، إن المشاركة هذا العام تضمنت عروض دبكة وفقرات موسيقية حية، إلى جانب عرض صناعات تراثية لبنانية، مثل صناعة العطور، بهدف إضفاء أجواء لبنانية أصيلة على المهرجان. وأوضح أن المعروضات ليست للبيع، بل للعرض فقط بهدف التعريف بالتراث.

وأشار موسى إلى أن الخيمة اللبنانية كانت من أوائل الخيم المشاركة في المهرجان، وأن أنشطة العام الماضي شملت أيضًا مقابلات وعروضًا سينمائية، بينما ركزت مشاركة هذا العام على الفنون الشعبية والموسيقى الحية. وأضاف: "من المهم أن نكون موجودين هنا لتمثيل لبنان بأفضل صورة، تمامًا كما تفعل بقية الدول المشاركة، وأن نقدم للجمهور مشاهد حية من تراثنا على المسرح وفي الخيمة".

ولفت إلى أن اليوم الأول من المهرجان شهد إقبالًا كبيرًا، متوقعًا أن تستمر الأجواء الحماسية خلال بقية أيام الفعالية. وختم بالقول: "المشاركة اللبنانية في المهرجان ضرورية، فهي فرصة للتعريف بتراثنا وإبراز حضورنا الثقافي بين شعوب العالم".

جوانا حافي

 

الخيمة الفلسطينية: رسالة صمود وحفاظ على الهوية

شاركت فلسطين في مهرجان مونتريال الثقافي بخيمة غنية بالأنشطة التراثية والثقافية، تحمل رسالة واضحة مفادها أن الشعب الفلسطيني حيّ وموجود رغم ما يتعرض له من إبادة ومعاناة إنسانية قاسية.

وقالت جوانا حافي، ممثلة الخيمة الفلسطينية، إن الهدف الرئيسي من المشاركة هو التأكيد على حضور فلسطين الدائم، وإثبات أن الهوية الفلسطينية ثابتة لا تزول رغم الظروف الصعبة. وأوضحت أن الخيمة تضم أزياء تراثية فلسطينية للرجال والنساء، والكوفية المطرزة، وصورًا من فلسطين، إلى جانب قسم خاص يعرض صورًا من غزة يقدمها شاب ناجٍ من الإبادة يدعى حسن.

وأضافت أن الفعاليات شملت ورشًا للتطريز الفلسطيني وتدريب الدبكة، فيما ستشهد المنصة الرئيسية يوم الأحد الساعة الثامنة والنصف مساء عرض دبكة فلسطينية، تنظمه الخيمة بالتعاون مع المؤسسة الفلسطينية الكندية.

وأكدت حافي أن المشاركة في مثل هذه الفعاليات فرصة للوصول إلى جمهور جديد من مختلف أنحاء العالم، إذ يزور المهرجان يوميًا آلاف الأشخاص، ما يتيح عرض التراث الفلسطيني وإيصال الصوت الفلسطيني للعالم، إضافة إلى التعريف بمشاريع المؤسسة في كفالة الأطفال في غزة والضفة الغربية.

ومن أبرز الأنشطة داخل الخيمة وضع خريطة لفلسطين يشارك فيها الزوار الفلسطينيون بكتابة أسمائهم وأسماء قراهم أو مدنهم على أوراق صغيرة وتثبيتها على مواقعها في الخريطة، مما أتاح للكثيرين اكتشاف وجود أبناء قراهم أو بلداتهم المهجّرة في مونتريال. كما قدمت الخيمة للزوار أطباقًا من الزعتر والزيت الفلسطيني لتذوق جزء من المطبخ التقليدي.

وأشارت حافي إلى أن ردود الفعل كانت إيجابية جدًا، حيث عبّر معظم الزوار، ومن بينهم كنديون، عن دعمهم للقضية الفلسطينية ورفضهم للإبادة والجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني. وأضافت أن فرقة برتغالية زارت الخيمة واختارت التصوير بالكوفية الفلسطينية، معلنة أنها ستشارك الصور عبر منصاتها للترويج لأغنية عن الحرية.

وختمت بالقول: "نحن نؤمن أن الاحتلال، مهما طال، زائل لا محالة، وأن صوت شعبنا سيبقى حيًا عبر الأجيال."

حسام مقبل وعليا الشافعي

 

الخيمة المصرية: رحلة عبر العصور من الفراعنة إلى العصر الحديث

شهد مهرجان "أورينتاليس" حضورًا لافتًا للخيمة المصرية، التي تشارك تحت إشراف ''جمعية الخدمات العامة لإدماج المهاجرين'' (SPDI).

وقالت عليا الشافعي، ممثلة الجمعية، إن المشاركة المصرية هذا العام جاءت برؤية جديدة؛ فبعد أن خُصصت الخيمة العام الماضي للتعريف بالحقبة الفرعونية فقط، ارتأت الجمعية هذا العام أن تُظهر أن مصر ليست حضارة الفراعنة وحدها، بل تضم شخصيات بارزة في العصر الحديث قدّمت إنجازات مهمة في مجالات العلم والفن، مثل أحمد زويل ونجيب محفوظ الحاصلين على جائزة نوبل. وأضافت أن العرض يتضمن انتقالًا سلسًا بين الحقبة الفرعونية والحقبة الحديثة، مرورًا بمحطات حضارية مهمة في التاريخ المصري، من العصور اليونانية والرومانية إلى القبطية ثم الإسلامية.

وأوضح حسام مقبل أن الإقبال هذا العام كان مميزًا منذ اليوم الأول، مشيرًا إلى صعوبة المقارنة مع العام الماضي الذي تأثر بعاصفة قوية عطّلت أنشطة اليوم الثاني آنذاك. ولفت إلى أن الزوار يتوقفون أمام معرض الصور والبوسترات التي تعرض أربع فترات تاريخية بارزة في مصر، ويقرأون المعلومات المصاحبة لها باهتمام، وهو ما اعتبره مؤشرًا إيجابيًا على نجاح الفعالية في جذب الجمهور.

وتستقبل الخيمة زوارها هذا العام ببوسترات ضخمة لوجهي أحمد زويل ونجيب محفوظ عند المدخل، في استبدال لتماثيل الفراعنة التي كانت تزيّن الخيمة في العام الماضي، في خطوة تعكس حرص المنظمين على التنويع والتجديد سنويًا.

أما الأنشطة التفاعلية، فتشمل ارتداء الزوار للأزياء الفرعونية، وكتابة أسمائهم بالحروف الهيروغليفية، وهي تجارب لاقت إقبالًا واسعًا، خاصة من الجمهور الكندي من أصول غير عربية. وأكدت الشافعي أن غالبية الزوار هذا العام من الأجانب، وهو ما يعزز رسالة الجمعية القائمة على تبادل الثقافات وتعزيز الاندماج بين المجتمعات.

واختتمت الشافعي بالقول: "مصر مليئة بالثقافات والكنوز التي لم نعرضها بعد، ونسعى في كل عام إلى تقديم جانب جديد منها لجمهور المهرجان".

 

مدثر بابكر

 

الخيمة السودانية: السودان يضم أكثر من 250 هرمًا

قال ممثل الخيمة السودانية مدثر بابكر إن مشاركة السودان هذا العام في مهرجان "أورينتاليس" هي المشاركة الأولى، معبّرًا عن سعادته الكبيرة بهذه الخطوة التي تهدف إلى تعريف الزوار بالتراث والحضارة السودانية.

"السودان بلد عظيم وكبير، ويجب أن يكون معروفًا في كل مكان. قررنا هذا العام المشاركة بعد أن أصبحت لدينا جالية كبيرة في مونتريال، وأردنا أن نظهر ثقافتنا وتراثنا."

محتويات الخيمة تشمل عرض الأزياء التقليدية، مثل لباس العروس والعريس السوداني، إضافة إلى تقديم مأكولات ومشروبات شعبية من السودان. كما تحتوي على مواد تعريفية بالحضارة السودانية، حيث يكتشف الزوار أن السودان يضم أكثر من 250 هرمًا، وأن النيل يتكوّن في أراضيه من التقاء النيل الأزرق والنيل الأبيض في الخرطوم.

حول أهمية المشاركة، أشار بابكر إلى أن الجالية السودانية في مونتريال كانت صغيرة ومتفرقة في السابق، أما اليوم فقد كبر عددها وتوحدت جهودها تحت مظلة "الجالية السودانية في كيبك" التي تتخذ من مونتريال مقرًا لها.

الأنشطة الفنية في الخيمة تتضمن عروضًا موسيقية مباشرة، منها أغنية تؤديها سارة راني مع والدها راني السماني، بالإضافة إلى عرض ختامي يتضمن أغنية عن السودان باللغتين العربية والإنجليزية، سيؤدى بأزياء سودانية تقليدية.

وختم بابكر بالإشارة إلى أن الجالية السودانية ستشارك أيضًا في مهرجانات أخرى، مؤكدًا حرصهم على الاستمرار في الظهور بالمحافل الثقافية.

بوجاني مونتبوتي

 

الخيمة التايلاندية: رقصة تقليدية تلتقي بأوبرا عالمية

قالت بوجاني مونتبوتي Pojanee Montpetit، ممثلة الخيمة التايلاندية، إن المشاركة ركزت هذا العام على فن "Khon"، وهو جزء من التراث الثقافي غير المادي المسجل لدى اليونسكو. ويتضمن هذا الفن رقصات تقليدية يؤديها راقصون مقنّعون يجسدون شخصيات مختلفة ضمن قصة متكاملة. وأشارت إلى أن الجديد هذا العام هو دمج الرقصة التايلاندية مع غناء الأوبرا، مما يمنح الجمهور تجربة فنية استثنائي،. وهي تجربة هي الأولى من نوعها ضمن فعاليات المهرجان.

وأضافت مونتبوتي أن المهرجان يمثل فرصة رائعة للتعرف على الثقافات الأخرى، خاصة مع مشاركة بلدان من آسيا والشرق الأوسط مثل تونس وفلسطين ولبنان. واعتبرت أن الحدث مساحة للتواصل بين الشعوب، حيث تعرض كل دولة أفضل ما لديها من فنون وتراث، مؤكدة حماسها للمشاركة التي استمرت على مدار خمس سنوات متتالية.

وأوضحت أن الهدف من المشاركة لا يقتصر على الحفاظ على الثقافة التايلاندية، بل يشمل أيضًا تعريف الجمهور الكندي والعالمي بها، ليتعرفوا على تايلاند من منظور أوسع، يتجاوز كونها "أرض الابتسامة" وشواطئها ومأكولاتها الشهيرة، لتشمل تراثًا غنيًا ورقصات وفنونًا مميزة.

وختمت مونتبوتي بالقول إن هذا العام شهد مشاركة أوسع وإقبالًا أكبر مقارنة ببعض السنوات السابقة، معتبرة الحضور في المهرجان أمرًا مهمًا لإظهار وجود الجالية التايلاندية في كندا وتعزيز اندماجها في المجتمع.

ألتينكيز كيريغزتان (يمين)

 

الخيمة القيرغيزية: لقاء ثقافات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى

شاركت قيرغيزستان للعام الثاني على التوالي في مهرجان مونتريال الشرقي، الذي يجمع ثقافات من مختلف أنحاء العالم، من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى وآسيا الوسطى.

وقالت ألتينكيز كيريغزتان Altynkyz Kyrgzstan، ممثلة الخيمة القيرغيزية، إن التجربة "جميلة جدًا"، إذ تتيح فرصة للترحيب بالزوار والتعرف على ثقافات أخرى، وفي الوقت نفسه "تعريف الآخرين بالثقافة القيرغيزية التي لا يعرف عنها كثيرون في كندا". وأضافت أن الثقافات المشاركة في المهرجان تتشابه في جوانب عديدة، سواء في العادات أو التقاليد، بل وحتى في الدين "حيث يشترك كثير منها في الانتماء إلى الإسلام، مما يعزز الشعور بالتقارب والتآلف بين الشعوب".

وتعرض الخيمة أزياء تقليدية تعود إلى حقب تاريخية قديمة، كانت تُستخدم في حياة البدو والمقاتلين، وما زال القيرغيز يرتدونها اليوم في المناسبات لإحياء التراث. وتستعد الخيمة القيرغيزية هذا العام لتقديم عروض فنية متنوعة، تشمل رقصة تقليدية يومي السبت والأحد، إضافة إلى فقرة موسيقية لعازفة كمان قيرغيزية. كما

وتضم الخيمة أيضًا معروضات من الفنون والحرف اليدوية التقليدية، مثل النقوش والزخارف المميزة، والسجاد المصنوع من الصوف الطبيعي. وأوضحت ألتينكيز أن هذه المنتجات تعكس مهارة الحرفيين في بلادها، مشيرة إلى أن السجاد القيرغيز التقليدي، المعروف باسم Shyrdaksو Ala-kiyiz ، يتميز بقدرته على توفير الدفء في الشتاء والبرودة في الصيف، مما يجعله ملائمًا لمناخ قيرغيزستان ذي الفصول الأربعة.

واختتمت ألتينكيز حديثها بالتأكيد على أن المشاركة في المهرجان تمثل فرصة لتعزيز التواصل الثقافي، وإبراز ملامح الحياة والتقاليد في قيرغيزستان أمام جمهور عالمي متنوع.

 

هالة العبيدي (يمين) وانتصار الناصري

 

الخيمة العراقية: تسليط الضوء على ستة آلاف عام من الحضارة العراقية في العمارة

تشارك الخيمة العراقية هذا العام للمرّة الثالثة على التوالي، بتنظيم مشترك بين الجمعية العراقية الكندية، ومركز الجالية العراقية، ورابطة الطلبة العراقيين في ماكغيل.  تقول انتصار الناصري:

"حرصنا على أن نمثل العراق تحت خيمة واحدة، بغضّ النظر عن طبيعة المنظمات التي ننتمي إليها، فالتعاون يوحّدنا ويُبرز هويتنا الوطنية."

وعن أهمية المشاركة، أوضحت الناصري أن الهدف هو التعريف بالثقافة العراقية والانفتاح على الثقافات العالمية، مشيرة إلى أن الجمعية العراقية الكندية تأسست في مونتريال قبل ثلاث سنوات، ومنذ ذلك الوقت أصبحت المشاركة في المهرجان تقليدًا سنويًا.

تضيف:

"العام الماضي ركّزنا على عرض معالم مختلفة من العراق، أما هذا العام فقد خصّصنا خيمتنا لتسليط الضوء على ستة آلاف عام من الحضارة العراقية في العمارة، من البناء بالطين في العصور السومرية، إلى التصاميم المعمارية الحديثة المميزة لزها حديد. أردنا أن نأخذ الزوار في رحلة عبر التاريخ المعماري للعراق."

وقد لاقت هذه الفكرة تفاعلًا واسعًا من الجمهور الكندي، إذ أبدوا اهتمامًا كبيرًا باستكشاف هذا الإرث الغني، وطرحوا العديد من الأسئلة حول طبيعة تلك الحضارات وبنيانها.

أما الأنشطة، فتشمل مشاركة في عرض الفلكلور العراقي يوم الكرنفال الأحد، لتسليط الضوء على التنوع الثقافي والقومي والديني في العراق. كما أُعدّ نشاط تفاعلي يتيح للزوار كتابة أسمائهم بالخط السومري القديم على ألواح من الطين، في تجربة تربط الماضي بالحاضر.

ليلى غوشي

 

الخيمة المغربية: نافذة ثقافية تعكس تنوع المغرب وتراثه

تُعدّ "الخيمة المغربية" التي تنظّمها جمعية "هيسبيريد للفنون والثقافة" Hespérides Arts et Culture إحدى الفعاليات السنوية المهمة ضمن مهرجان "أورينتاليس" في مونتريال، والتي تهدف إلى تسليط الضوء على الثقافة المغربية الغنية والمتنوعة من خلال عرض تراث مختلف مناطق المغرب.

تحدثت السيدة ليلى غوشي، ممثلة الجمعية، عن أهمية هذه المشاركة السنوية، قائلة إن الخيمة التي تحمل اسم "الخيمة القائدية" تجمع في كل دورة أربع مدن مغربية تسلط الضوء عليها من خلال عروض وأنشطة مختلفة. ففي دورة العام الماضي، تم التركيز على مدن الجديدة، آسفي، مراكش، والصويرة، بينما تشتمل الدورة الحالية على مدن الداخلة، كلميم، ورزازات، وأكادير، وهي مناطق تقع في جنوب المغرب وتتميّز بثقافة أمازيغية وصحراوية أصيلة.

وأوضحت غوشي أن البرنامج الثقافي لهذا العام يتضمن مجموعة متنوعة من الأنشطة، من بينها عرض رقصة صحراوية لفرقة "تكبلوت" يتميز بأداء الطبل الحساني التقليدي، بالإضافة إلى تقديم تجربة فريدة لطقوس تحضير الشاي المغربي التقليدي. وسيتم تقديم هذه العروض بعدة لغات، منها الفرنسية والإنجليزية، لتوسيع دائرة الجمهور وتمكين الحضور من التعرف أكثر على هذا الجانب من الثقافة المغربية.

وأضافت أن هناك معرضًا خاصًا يعرض ديكورات صحراوية وأمازيغية تقليدية، إلى جانب عرض لقاعدة شاي من جنوب المغرب، مما يعكس أصالة التراث وجمالياته. كما ستشهد الخيمة حفل استقبال للسفيرة المغربية وعدد من الضيوف الرسميين، بالإضافة إلى عروض موسيقية كندية بموسيقى مغربية تحظى بشعبية بين المغاربة.

وستقام يوم السبت مجموعة من العروض الفنية من تنظيم جمعية "هيسبيريد" بالتعاون مع المهرجان، حيث يشارك في الفعاليات فنانون من عدة دول، منها إسبانيا، الجزائر، تايلاند. وفي يوم الأحد، سيُقدم عرض "قناوة فيوجن" في الخيمة، مما يعزز التنوع الموسيقي والفني في الفعاليات.

وعن أهمية تمثيل المغرب في هذا المهرجان الدولي، أشارت ليلى غوشي إلى أن الثقافة تتجاوز السياسة، وأن التلاقي الثقافي هو أداة حيوية لإشعاع الحضارة العربية. وأكدت أن العرب، وخاصة في المهجر، بحاجة لأن يتحدوا ليعززوا ويفتخروا بتراثهم الثقافي الغني، وهو الهدف الرئيسي الذي يسعى مهرجان "أورينتاليس" لتحقيقه.

وذكرت أنها تتعاون مع هذا المهرجان منذ سنوات عدة، سواء في دورة "مهرجان العالم العربي" التي تُقام في تشرين الثاني/ نوفمبر، أو في مهرجان "أورينتاليس"، حيث يشعر الجميع بأنهم جزء من جيل عالمي متفتح، مع زيادة ملحوظة في حضور الجمهور الكندي.

ولفتت إلى وجود جناح خاص "ستاند" يعرض الأزياء المغربية التقليدية، وذلك في محاولة لتعريف الحضور على تنوع التراث المغربي المتمثل في مختلف المناطق مثل الأمازيغ والصحراء والشمال، رغم اختلاف كل منطقة عن الأخرى، إلا أن المغرب يبقى وحدة ثقافية متماسكة.

واختتمت غوشي حديثها بالتأكيد على حرص المغاربة في المهجر على تعزيز معرفتهم بثقافتهم رغم البعد الجغرافي، مشيرة إلى أن تعرضهم للثقافة الشرقية عبر وسائل الإعلام كان متاحًا سابقًا، والآن يسعون جاهدين لاستكشاف مزيد من جوانب تراثهم وهويتهم الثقافية.

نبيل حجاجي

 

الخيمة اليمنية: تراث عريق وحضور مميز

شاركت الجالية اليمنية للعام الثاني على التوالي في المهرجان، حيث افتُتحت الخيمة اليمنية لأول مرة في موسم 2024، لتصبح منذ ذلك الحين محطة مميزة لزوار الفعالية.

وقال ممثل الخيمة اليمينة، نبيل حجاجي، إن الحضور هذا العام كان لافتًا، مشيرًا إلى أن الخيمة تهدف إلى إبراز الحضارة اليمنية، وتاريخها العريق، وتراثها الغني، جنبًا إلى جنب مع مشاركة العديد من الدول العربية التي تتكاتف فيما بينها لإحياء أجواء المهرجان.

وعن فعاليات المهرجان، تتضمن الخيمة اليمنية عروضًا فنية تراثية تُقام في أوقات مختلفة خلال المهرجان، كما أشار حجاجي، وتشمل رقصات فلكلورية وأغانٍ شعبية، إضافة إلى عرض منتجات تراثية مثل العسل اليمني، والبن اليمني، والأزياء التقليدية، والحلي الفضية، والزي اليمني الأصيل.

ولفت حجاجي، الذي ارتدى الزي اليمني خلال المهرجان، ومن ضمنه الخنجر اليمني، إلى أن ارتداء هذا اللباس يهدف إلى تعريف الزوار بالزي التقليدي وإبراز أصالته باعتباره جزءًا من الهوية اليمنية.

جوزيف مصري

 

الخيمة السورية: عرض وجه سوريا الثقافي

تشارك الخيمة السورية هذا العام بجهود مشتركة بين طلاب جامعة ماكغيل من أصول سورية و"المؤتمر السوري الكندي" Syrian Canadian Congress في مونتريال، وهي مؤسسة تهدف إلى توحيد صوت السوريين في كندا، ومساعدة الطلبة والشباب السوريين، إلى جانب تعزيز العلاقات بين الجالية السورية والحكومة الكندية.

يقول جوزيف مصري، ممثل الخيمة:

"المؤتمر يضم فروعًا ثقافية واجتماعية، وينظم أنشطة متنوعة. هدفنا أن نوحد كلمتنا، بعيدًا عن أي انتماءات دينية أو سياسية أو طائفية، وأن نجمع السوريين بمختلف خلفياتهم – مسيحيين، مسلمين، علويين – للعمل معًا لما فيه مصلحة السوريين الكنديين، وفي المستقبل لمساعدة سوريا التي تمر حاليًا بمرحلة انتقالية."

هذه هي المشاركة الأولى للخيمة السورية في المهرجان، وجاءت رغبةً في التعريف بالجالية السورية وجذب أعضائها للانضمام إلى أنشطة المؤسسة. وقد شهدت الخيمة إقبالًا من الكنديين الذين تفاعلوا مع ما عُرض من حلويات ومقتنيات تراثية، وطرحوا أسئلة للتعرف أكثر على الثقافة السورية.

الأنشطة تشمل تعريف الزوار على التراث السوري وتاريخه، إلى جانب مشاريع دعم الطلاب في سوريا، مثل توفير أجهزة حاسوب وإمكانات تقنية تساعدهم في دراستهم. كما أُقيمت محاضرات في مجالات علم النفس والاجتماع لدعم العلاقات بين أفراد المجتمع، إضافةً إلى ندوات قدّمها محاضرون من سوريا حول أوضاع الكهرباء والغاز والمشاكل المعيشية، بهدف التفكير في سبل المساهمة مستقبلًا في تحسين الأوضاع، "نحن هنا لنعرض وجه سوريا الثقافي، ونحافظ على تراثنا، ونبني جسور تواصل مع مجتمعنا في كندا ومع وطننا".

لمين الحسين

 

الخيمة الموريتانية: المهرجان يشكل فرصة مهمة لتعريف الكنديين على الثقافة الموريتانية

قال ممثل الخيمة الموريتانية لمين الحسين، وهو رئيس "الاتحاد الثقافي والاقتصادي الموريتاني الكندي"، إن هذه هي المرة الثالثة التي تشارك فيها موريتانيا في هذا المهرجان، بهدف التعريف بثقافتها الصحراوية والأفريقية، وإطلاع الزوار في مونتريال على بلدهم وما يزخر به من ثروات وموروثات.

"نحن هنا لنعرض كل ما هو تقليدي وأصيل من التراث الموريتاني، وكل ما نقدمه مصنوع يدويًا وجاء مباشرة من موريتانيا، لا شيء مصنوع هنا."

أنشطة الخيمة تتنوع بين عرض الأزياء الموريتانية التقليدية، والتعريف بالعادات والتقاليد، وتقديم الشاي الموريتاني، إضافة إلى أنشطة أخرى تُعرّف الزوار بطريقة الحياة في موريتانيا.

وعن تفاعل الجمهور، أوضح الحسين:

"منذ اليوم الأول كان الإقبال جيدًا، والناس تفاعلوا معنا كثيرًا. نتوقع أن يزداد الحضور في ليلة السبت ويوم الأحد ليكون الختام أجمل."

وأكد أن المهرجان يشكل فرصة مهمة لتعريف الكنديين على الثقافة الموريتانية والتواصل مع الجاليات الأخرى، مشيدًا بالأجواء الإيجابية التي تميزت بها المشاركة هذا العام.

 

الصور : ©صدى أونلاين