دارين حوماني ـ مونتريال
شهدت مدينة لافال الكندية مباراة في "الحساب الذهني" للأطفال واليافعين، من تنظيم أكاديمية UCMAC التعليمية (Universal Concept of Mental Arithmetic Systems)، في الأول من حزيران/ يونيو 2025 في صالة Embassy Plaza حيث تنافس 5000 طالب في مهارات التركيز والسرعة الذهنية ودقة الحساب من مختلف أنحاء كندا، من بينهم 1200 طالبًا من مقاطعة كيبيك، وذلك بحضور النائبة آني كوتراكسAnnie Koutrakis ، وإعلاميين وممثلي مدارس عديدة، إضافة إلى أهالي الطلاب. وتتراوح أعمار الطلاب المشاركين بين 4 سنوات و15 سنة.
وUCMAS هي منظمة تعليمية دولية، معترف بها عالميًا كرائدة في تطوير الدماغ بالكامل وتدريب الرياضيات الذهنية. أسسها الدكتور دينو وونغ Dino Wong عام 1993 في ماليزيا، ودرّبت مجموعة UCMAS التعليمية أكثر من مليون طفل في مدارس UCMAS للحساب الذهني حول العالم. ويوجد برنامج UCMAS في أكثر من 80 دولة.
تأسست UCMAS في كندا عام 2004، وسرعان ما أصبحت الرائدة في برامج العداد والرياضيات الذهنية في البلاد. وقد أصبح لها 98 فرعًا في جميع أنحاء كندا، منها 14 فرعًا في مختلف مدن كيبيك وقد افتُتح أول فرع منها قبل 12 سنة في مونتريال.
وباعتبارها منظمة عالمية، تتمتع UCMAS بمكانة جيدة لدمج الفلسفات الشرقية والتقنيات الغربية مع الاتجاهات المحلية في تنمية الطفل وتدريبه لتكييف الأساليب التعليمية لتحقيق أفضل فائدة للطلاب.
تُعنى UCMAS بتحفيز نمو الطفل وتطور الدماغ بشكل عام، مع تعزيز التعلم، وخاصةً الرياضيات، بطريقة ممتعة ومثيرة، وقد صُمم برنامج UCMAS للرياضيات الذهنية باستخدام العدّاد Abacus لغرس حب التعلم لدى الأطفال، وفهم مفاهيم الرياضيات من خلال خرزات العداد، يُمكّن هذا التفاعل الأطفال من تبني أساليب تعلم مختلفة تُنشّط الجانبين الإبداعي والمنطقي للدماغ. وهذا العدّاد مشهور عالميًا بالتعلم اللمسي، ويُعلّم الأطفال تدريجيًا تصور الخرزات والحساب في أدمغتهم، حيث يتعلمون استخدام ٦ أصابع على العدّاد، مما يُحفّز نقاط الوخز بالإبر المميزة على أطراف الأصابع، ويُعزز مهاراتهم المعرفية.
قدّم الفعالية أفيلاش أوكيان وهو أحد ممثلي أكاديمية UCMAC وتوجّه إلى الطلاب في عمر الـ 4 سنوات قائلًا لهم: "معظم الأطفال في سنكم لا يعرفون حتى كتابة الأرقام، أما أنتم، فلا تستطيعون كتابة الأرقام فحسب، بل تستطيعون أيضًا حساب 200 سؤال جمع وطرح في ثماني دقائق فقط". وقال للطلاب المشاركين: "النجاح لا يُعرّف بالفوز فقط، بل يكمن في النمو والتقدم والمعرفة التي تكتسبونها من رحلتكم. هذه المسابقة هي فرصة لكم لتحدي أنفسكم، وتجاوز حدودكم، واكتشاف ما هو استثنائي فيكم". وأشار أن النتائج ستُعلن يوم الجمعة المقبل.
النائبة في البرلمان الكندي آني كوتراكس
كان للنائبة آني كوتراكس كلمة، توجهت فيها إلى منظمي الحدث، قالت فيها: "شكرًا لكم على توفير فرص كهذه، حيث يُحتفى بالتعلّم، ويُشجّع كل طالب على بلوغ كامل إمكاناته".
وعبّرت بتأثر عن ارتباط أصولها اليونانية بالرياضيات: "بصفتي من أصول يونانية، أشعر بارتباط خاص بعالم الرياضيات، وهو مجالٌ مُتجذّرٌ بعمق في الفكر اليوناني القديم. لقد وضع مفكرون عظماء مثل فيثاغورس، وإقليدس، وإيثيميدس أسس التفكير الرياضي الذي لا يزال يُشكّل عالمنا اليوم".
وأضافت: "قال إيخينيدس ذات مرة: ‘أعطوني مكانًا أقف فيه، وسأُحرّك الأرض‘. يُشير هذا القول إلى القوة الهائلة للمعرفة، والمثابرة، والإبداع، والتي تُجسّدونها جميعًا هنا اليوم. يُذكّرنا إرثهم بأنّ الرياضيات لا تقتصر على حلّ المشكلات فحسب، بل تشمل استكشاف العالم بالمنطق، والخيال، والفضول. استمرّوا في التعلّم، ولا تنسوا الاستمتاع بما تقومون به طوال الرحلة".
لقاء مع كوتراكس
وقد قابلنا النائبة الفيدرالية الكندية آني كوتراكس خلال الفعالية، وفي هذا اللقاء، تحدّثت عن أهمية دعم العقول الشابة، وأكدت على الدور الحيوي للتعليم في بناء مستقبل أفضل. كما شاركتنا انطباعاتها الشخصية حول الحدث.
عن أهمية الحدث، قالت آني كوتراكس:"من المهم جدًا أن نشجّع العقول الشابة فهم وقادة المستقبل، وهم من سيتولّون زمام الأمور في السنوات المقبلة، وسيواصلون تنفيذ الأعمال الرائعة التي نراها اليوم". مشيرة إلى أن "التعليم هو مصدر إلهام حقيقي، لأنه يحث الشباب على أن يكونوا فضوليين ومبدعين ويفكروا خارج الصندوق".
وعن أهمية المنافسة في تطوير مهارات الأطفال، شدّدت كوتراكس على أن "هذا النوع من المنافسات يعلّم الأطفال التفكير الإبداعي والعمل الجماعي"، موضحة أن "المنافسة الصحية تفتح آفاقًا واسعة للتميّز، وهي تعزز روح القيادة وروح الفريق والإبداع لدى الجيل الجديد"، معتبرة أن "الأطفال هنا لا يتنافسون فقط بالأرقام، بل يطورون مهارات التفكير الجماعي. وهذا هو جوهر الإبداع الحقيقي. لا أحد ينجح بمفرده. النجاح يتحقق حين نعمل معًا".
وفيما يتعلق بدور الحكومة في دعم هذه المبادرات، أكدت النائبة أن التعليم يُعد من أهم المجالات التي يمكن أن تساهم بها السلطات الفيدرالية والإقليمية في بناء مستقبل البلاد. وقالت: "مجتمع متعلّم يُنتج مواطنين أفضل، ونحن في الحكومة الفيدرالية نخصص جزءًا كبيرًا من الميزانية للتعليم والصحة، لكن إدارة الموارد تبقى من مسؤولية المقاطعات. نأمل أن تصل هذه الميزانيات إلى الجهات التي تُحدث التأثير الحقيقي، كالمعلمين والمدارس والمنظمات المجتمعية".
ووجّهت كوتراكس رسالة إلى الآباء والمعلمين، دعتهم فيها إلى مواصلة دعم الأطفال وعدم الاستسلام أمام التحديات. وقالت: "رسالتي هي الاستمرار في الفضول، والتفكير النقدي، والسعي لبناء مجتمع أفضل- ولكن أيضًا، الاستمتاع بما يقومون به. إذا غابت المتعة عن أي نشاط، يفقد جاذبيته. أقول للأهل: استمروا في دعم أطفالكم. وللمعلمين: لا تيأسوا، رغم كل التحديات".
وأكدت كوتراكس أن هناك نقصًا في الكوادر التربوية، "لكننا كمجتمع نملك القدرة على التغيير. علينا التواصل مع السياسيين، ومجالس المدارس، وأصحاب القرار لضمان حصول المعلمين على الموارد التي يحتاجونها".
وفي ختام حديثها، أعربت النائبة عن إعجابها الشديد بالفعالية، وقالت: "أنا متحمسة جدًا لوجودي هنا. تمنّيت لو كانت هناك مبادرة مماثلة عندما كان أطفالي في سن الدراسة. رأيت الأطفال في الصف الأمامي يحركون أصابعهم بسرعة، فسألت أحد المنظمين: ماذا يفعلون؟ فأجابني أنهم يتخيلون العداد ويحسبون ذهنيًا! لم يخطر ببالي أن بإمكان الأطفال استخدام خيالهم بهذه الطريقة في الرياضيات. كانت تجربة مذهلة، وأنا فخورة جدًا بالعمل الذي يقوم به الفريق هنا".
****
مديرة برنامجUCMAC في مقاطعة كيبيك ياسوثا ساسيثاران
قابلنا مديرة برنامج UCMAC في مقاطعة كيبيك، ياسوثا ساسيثاران (Yasotha Sasitharan)، للحديث عن المسابقة الوطنية للحساب الذهني التي يشرف عليها البرنامج، والتي تستقطب مئات الأطفال من مختلف المقاطعات الكندية. في هذا اللقاء، تحدثت إلينا عن أهداف المسابقة، وفلسفة البرنامج التعليمية، والتقنية المستخدمة في التدريب، إضافة إلى أهمية هذه التجربة في تطوير مهارات الأطفال وثقتهم بأنفسهم.
عن الهدف من تنظيم المباراة، أوضحت أسوثي أن مقاطعة كيبيك تشارك هذا العام بأكثر من 200 طفل في إطار مسابقة وطنية تُنظم على مستوى جميع المقاطعات الكندية. وأشارت إلى أن البرنامج يضم مشاركين من 14 مركزًا موزعة في أنحاء مونتريال، ويتلقى الأطفال فيه ما بين 50 و200 سؤال يُفترض حلها خلال ثماني دقائق.
وبيّنت أن برنامج UCMS يهدف إلى تطوير التركيز، ومهارات إدارة الوقت، وبناء الثقة بالنفس، وتحسين قوة الذاكرة لدى الأطفال، ووصفت هذه المهارات بأنها مهارات حياتية مستدامة. وأضافت أن الطفل، بمجرد أن يتقن استخدام المِعداد، يصبح متميزًا في الحساب الذهني بسرعة تفوق الآلة الحاسبة، ما ينعكس إيجابًا على مستواه في جميع المواد الدراسية.
وأكدت أن الأطفال يشهدون تحوّلًا ملحوظًا بعد تعلم البرنامج، إذ يتغير أداؤهم بشكل واضح. وشرحت أن عقل الطفل قبل سن الثالثة عشرة يكون في طور النمو، ما يتيح تنمية كل من الدماغ الأيمن (الإبداعي) والدماغ الأيسر (المنطقي)، ويمكن أن يجعلهم عباقرة في المستقبل.
كما ذكرت أن البرنامج يتكون من 10 مستويات فقط، ويستغرق بضع سنوات لاجتيازه، إلا أن المهارات التي يكتسبها الأطفال تستمر معهم مدى الحياة، وترافقهم خلال مراحلهم التعليمية كافة، بما في ذلك المرحلة الثانوية والجامعية.
وسألناها عن رؤية الأطفال يحرّكون أصابعهم بسرعة هائلة طوال وقت المسابقة، أجابت أسوثي أن العداد هو آلة حاسبة صينية قديمة، يتعلم الأطفال استخدامها أولًا بشكل يدوي، ثم ينتقلون إلى تخيّلها ذهنيًا. وأوضحت أن الدماغ الأيمن، المسؤول عن التخيل، يُستخدم في هذه المرحلة لتصور المِعداد وتحريك خرزه ذهنيًا، ثم تنتقل العملية إلى الدماغ الأيسر لتحويل الصورة إلى أرقام منطقية. لذلك، فإن الأطفال يحرّكون أصابعهم وكأنهم يستخدمون مِعدادًا غير مرئي.
وحول ما إذا كان الامتحان هو نفسه لمختلف الفئات العمرية، أوضحت أسوثي أن الاختبارات تختلف باختلاف المستويات والفئات العمرية. فهناك 10 مستويات ضمن البرنامج، كما تتنوع الفئات العمرية بين أربع سنوات وست سنوات، ولكل فئة ومجموعة اختبارها الخاص.
وأضافت أن أطفال المستوى الأول يتنافسون مع من هم في مستواهم فقط، وكذلك الأمر بالنسبة للفئات العمرية، ما ينتج 32 مجموعة مختلفة من الأطفال، تُختتم مشاركتهم بحفل تكريمي. وأشارت إلى أن هذه المسابقة تُنظم في التوقيت نفسه في أونتاريو، وألبرتا، وكولومبيا البريطانية، وباقي المقاطعات الكندية.
وعن أهمية هذه المباراة للطفل، اعتبرت أسوثي أن المسابقة تشكل تجربة فريدة للأطفال، تُمكّنهم من تنمية الثقة بالنفس في ظرف زمني محدود لا يتجاوز ثماني دقائق. وبيّنت أن هذه التجربة تُساعدهم على تحسين مهارات إدارة الوقت، وتمنحهم شعورًا بالفخر، خاصة حين يتنافسون أمام جمهور كبير من الأطفال.
وأضافت أن جميع المشاركين يتلقون جوائز وتقديرًا، وهو ما يساهم في تعزيز شعورهم بالراحة والثقة، ويجعلهم أقل توترًا تجاه الامتحانات في المستقبل. وذكرت أن الطالب الذي اعتاد حل 200 سؤال في ثماني دقائق، لن يجد صعوبة في أداء امتحان جامعي مدته ساعتان.
وفي دلالة رقم 8، أي حل 200 سؤال في ثماني دقائق، أجابت أسوثي أن السبب يعود على الأرجح إلى مؤسس البرنامج، الدكتور دينو وونغ من ماليزيا، مشيرة إلى أن الرقم 8 يحظى برمزية خاصة في الثقافة الصينية. وأكدت أنها لا تعرف بالتحديد سبب اختيار هذا الرقم، لكنها أشارت إلى أن البرنامج دائمًا ما يقدّم من 50 إلى 200 سؤال في ثماني دقائق.
وسألناها عن أي دعم حكومي لهذا البرنامج، أوضحت أسوثي أن البرنامج يُعتبر نشاطًا فرديًا لما بعد المدرسة، حيث يُشارك فيه الأطفال خلال أيام الأسبوع المسائية، وأيام السبت والأحد، بمعدل ساعتين فقط، يتعلمون خلالها ويستمتعون بالدروس.
وحول وجود صعوبات أو تحديات معينة، أكدت أسوثي أن البرنامج لا يواجه صعوبات تذكر، مشيرة إلى أنهم يعتمدون داخل الصف على نظام تحفيزي قائم على النقاط، حيث يحصل الأطفال على نقاط وهدايا مقابل الحضور والمشاركة. وأضافت أن الأطفال يشعرون وكأنهم يشاركون في لعبة ممتعة داخل الصف، وهو ما يجعل عملية التعلم ممتعة وفعالة في الوقت نفسه.
***
لقاء مع مدير فرع UCMAC (Vaudreuil) فاجيثان سريرانغانثان Vageethan Sriranganthan
قال فاجيتان شرانكناثان، صاحب الامتياز في أحد فروع UCMACإن الهدف من تنظيم المسابقة الوطنية للرياضيات العقلية هو تعزيز قدرات الأطفال العقلية وتشجيعهم على التميّز والمثابرة، مشيرًا إلى أن هذه الفعالية تجمع بين الطابعين الإقليمي والوطني، وتستقطب أكثر من 5000 مشارك سنويًا من مختلف أنحاء كندا.
وأوضح شرانكناثان أن المسابقة تبدأ على مستوى الفروع، ثم تنتقل إلى مستوى المقاطعات، لتشمل في النهاية المسابقة الوطنية التي تُنظَّم في يوم واحد عبر البلاد. وأضاف: "نريد أن يشعر الطفل بالفخر، ليس فقط لأنه أبلَى حسنًا في مركزه، بل لأنه نجح أيضًا على مستوى المقاطعات وحتى على مستوى كندا".
وأكد أن المشاركة مفتوحة ضمن فئات عمرية ومستويات تعليمية محددة لضمان العدالة. وقال: "يتنافس كل طفل مع أقرانه من نفس الفئة العمرية والمستوى، سواء كانوا في كيبيك أو في تورنتو أو في ألبرتا. ونفس النظام المعتمد في كندا يُطبّق أيضًا على المستوى الدولي، ما يتيح للمتفوقين فرصة تمثيل كندا عالميًا".
واستشهد شرانكناثان بنجاح أحد الطلاب الكنديين الذي لم يتجاوز الخامسة من عمره، وتمكن من حلّ 200 سؤال وتأهل للبطولة الدولية وفاز بها، حيث ظهرت قصته في وسائل إعلام كندية بارزة مثل CBC وCTV.
وحرص منظمو المسابقة على منح جوائز وشهادات تقديرية لكل المشاركين، بهدف رفع معنويات الأطفال وتشجيعهم على الاستمرار. وقال شرانكناثان: "حتى من لم يفز، نريد أن يشعر بأنه أنجز شيئًا مهمًا، وأن يتحفز للعام المقبل. نحن نمنح جوائز للمراكز الخمسة الأولى، بالإضافة إلى اللقب العام".
وعن التحديات التي تواجه هذا النوع من البرامج، أشار إلى صعوبة إيصال المفهوم إلى بعض أولياء الأمور، قائلًا: "كثيرون لا يعرفون أن هذا البرنامج يساعد في تنمية الدماغ، من خلال تخيّل العداد العقلي وتحفيز النشاط العقلي باستخدام اليدين. الأمر يبدو غريبًا من الخارج، لكنه يرتكز على أسس علمية لتنشيط جانبي الدماغ معًا". وأكد شرانكناثان أن الحكومة الكندية تدعم البرنامج معنويًا.
وفيما يتعلق بخطط التوسّع، أشار إلى أن UCMAC بدأت بفرعين فقط في كيبيك، لتصل اليوم إلى أكثر من 15 فرعًا خلال أقل من عشر سنوات. وقال: "البرنامج يشهد نموًا كبيرًا، ومعظم أولياء الأمور يأتون بناءً على توصيات شفهية من آخرين جربوا البرنامج ووجدوا أثره الكبير على أطفالهم".
***
حديث مع أهالي طلاب مشاركين في المباراة
والدة الطالب محمد يوسف: رويدا حمود
اختارت السيدة رويدا حمود تسجيل ابنها محمد يوسف، وهو كندي من أصل لبناني ويبلغ من العمر 12 عامًا، في أكاديمية UCMAC.
تقول السيدة رويدا: "سجلت ابني في الأكاديمية أولًا ليشغل وقته بشيء مفيد يعود عليه بالنفع لاحقًا، إضافة إلى أنه ساعده كثيرًا في تحسين تركيزه بالمدرسة". وتضيف: "محمد صار لديه تركيز أكبر، وهذا ساعده في دراسته، كما أن الأنشطة التي يشارك فيها تنمي جانبًا مهمًا من شخصيته".
محمد يوسف يشارك هذا العام في مسابقة الحساب الذهني للمرة الأولى، وأكدت والدته أن ابنها متحمس جدًا لهذه المشاركات، معتبرة إياها فرصة لتعزيز ثقته بنفسه. "هذه المشاركات مهمة جدًا، فهي تقوي ثقة الولد بنفسه، وتفيد مستقبله، خصوصًا إذا أراد دخول مجالات مثل المحاسبة أو غيرها من التخصصات التي تعتمد على سرعة الحساب والدقة".
توضح السيدة رويدا أن التدريب في الأكاديمية يشمل الكثير من التمارين العملية التي تؤدي إلى تطور ملحوظ في شخصية الطفل، موضحة: "الولد يقضي معظم وقته في التمرن على الحلول والمسائل الحسابية، سواء في المركز أو في البيت".
وعن تكلفة البرنامج، تقول: "ندفع حوالي 130 إلى 140 دولارًا شهريًا، ويأتي محمد إلى المركز مرة واحدة في الأسبوع، يوم السبت عادة، حيث يتم تنظيم ورش عمل تدريبية مع مدربين مختصين".
تُشرح السيدة رويدا طريقة التدريس في الأكاديمية، وتقول: "يعلمون الأطفال كيفية استخدام العداد (الأباكيوس)، وهي أداة تساعدهم على الحساب الذهني. هو لا يحرك الحصى فعليًا، بل يتخيل شكل المعداد في ذهنه ويحسب كأنما يراه أمامه. وهذا يساعد عقله على التفكير بطريقة أسرع وأكثر دقة".
وعن الدعم في المدارس الرسمية، تضيف: "لا أعتقد أن هناك دعمًا كافيًا لمثل هذه الأنشطة في المدارس، لكننا نعرف عن هذه البرامج من خلال الإعلانات ومن تواصل الأهالي. نحاول أن نوفر لمحمد كل الفرص التي تنمي قدراته، حتى سجلته في برنامج الروبوتات بالكهرباء، لأننا نرغب في تطوير مهاراته العلمية والتقنية، خصوصًا إذا قرر أن يتخصص في الهندسة الميكانيكية أو ما شابه".
وأخيرًا، أكدت السيدة رويدا أنها سعيدة بتقدّم ابنها محمد يوسف الذي يظهر حماسًا كبيرًا لهذه المسارات الجديدة التي من شأنها أن تبني له مستقبلًا مشرقًا.
والدا الفتاة دانا علي: بديس علي وسيندا كساب
دانا فتاة في الرابعة عشرة من عمرها، كندية من أصول جزائرية، أظهرت تألقًا لافتًا في المسابقة، واستطاعت أن تحصد في مشاركتها السابقة المركز الثالث على مستوى كيبيك.
عن سبب تسجيل دانا في البرنامج قالت والدتها: "سجلتها لأنني كنت أريد تحسين مستواها في الرياضيات. لاحظت أنها تطورت كثيرًا وصارت تحسب بسرعة، وهذا أمر رائع. صار عندها أفكار أكثر وطرق جديدة في التفكير، والتحسن واضح".
وعن أهمية البطولة أشارت الوالدة " هذه المباريات مهمة جدًا، لأنها تطور مهارات الطفل وتجعله يركز أكثر، وتساعده في الحساب والتفكير السريع. فيها الكثير من الإيجابيات".
أما الوالد بديس علي، فأكد من جهته أن المشاركة في مثل هذه الأنشطة ساعدت دانا في التقدم الدراسي، خاصة في مادة الرياضيات. وقال: "ساعدها كثيرًا في المدرسة، سواء في المرحلة الابتدائية أو الثانوية، خصوصًا في حل المسائل. أصبحت أسرع وأكثر دقة. صحيح أن السرعة مفيدة، لكن من المهم أن يحرص الأهل أيضًا على متابعة طريقة التحليل وخطوات حل المسألة، مش بس النتيجة".
وعن الطرائق التعليمية في البرنامج، أوضح بديس علي "في البداية كانوا يستخدمون الأباكوس، لكن الآن دانا لم تعد بحاجة إليه. صارت تعتمد فقط على أصابعها وتخيل الشكل في ذهنها. هذا تطور كبير يدل على ترسخ المهارة في عقلها".
وقد أخبرنا الوالدان أن دانا كانت قد حصلت على جائزة في العام السابق لتفوقها، ما شجعها على مواصلة التدريب والتحضير للبطولات التالية.
تقول والدتها عن شعورها بعد فوز ابنتها "فرحت دانا كثيرًا، وهذا أعطاها دافعًا أكبر. راجعت هذه المرة قليلًا فقط قبل المباراة، حوالي ربع ساعة، لكنها كانت واثقة من نفسها، وهي ذكية ما شاء الله وتفهم بسرعة".
ولفت والد دانا إلى أن تأثير البرنامج تجاوز الجوانب الدراسية إلى تطوير الشخصية أيضًا، وأضاف:
"شخصيتها أصبحت أقوى. في المدرسة، صارت تشرح للطلاب وتصلح لهم الأخطاء. حتى المعلمة شجعتها لأنها متفوقة في الرياضيات. عندما يكون عندها يوم بيداغوجي، تأتي إلى صفي – فأنا مدرس – وأطلب منها أن تحضر جزءًا من الدرس وتشرحه بنفسها للطلاب. تقوم بذلك بكل أريحية وكفاءة".
وأضاف: "هناك تكلفة شهرية لكنها مستحقة، لأننا نرى نتائجها أمامنا. دانا بدأت من الصف الأول، وأنا شعرت أنني تأخرت عليها قليلًا، لذلك أنصح بالبدء المبكر لأنه الأفضل".
وختم بديس علي، وهو أستاذ مدرسي، بالإشارة إلى أن ابنته باتت تشاركه صفوفه التعليمية حتى في تعليم الأطفال الأصغر سنًا: "أطلب منها أن تأتي للعمل معي كمتطوعة، وهي متحمسة جدًا. قلت لها إن هذا سيكون بداية عملها لاحقًا. أكيد ستكون قادرة على ذلك".
والد الطالب بروس آرثر شانغ
تحدث بداية أحد المسؤولين في الأكاديمية عن الطفل بروس آرثر شانغ قائلًا: "بروس هو أحد طلابنا وقد شارك في ثلاث مسابقات حتى الآن. في العام الماضي فقط، وبعد أقل من أربعة أشهر على انضمامه لبرنامجنا، حقق إنجازًا مذهلًا بحل خمسين سؤالًا في أقل من ست دقائق". لم يكن الإنجاز مجرد رقم، بل كان كافيًا ليُتوَّج بلقب "البطل الكبير"، وهو لقب لا يُمنح إلا لصاحب أفضل نتيجة بين جميع المتسابقين في مختلف الفئات العمرية على مستوى كندا..
التميز المحلي لم يكن نهاية المطاف، ففي كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، شارك بروس في المسابقة الدولية في الهند، حيث تنافست أكثر من ثلاثين دولة. "هناك أيضًا فاز بالبطولة الكبرى، ما يعني أنه حصل على أفضل نتيجة من بين جميع الأطفال المشاركين في مختلف الأعمار"، يضيف المسؤول.
الطريق لم ينتهِ بعد، إذ من المنتظر أن يمثل بروس بلده وأكاديميته مجددًا في المسابقة المقبلة، والتي ستُعقد في جورجيا هذا العام. "نأمل أن يحقق إنجازًا جديدًا. إنه يشارك في بطولته الثالثة، ونحن متحمسون لما قد يُحققه"، يقول المشرف.
والده، آرثر شانغ وهو كندي من أصل صيني، من هونغ كونغ، لم يتوقع أن يكون ابنه عبقري رياضيات، يقول "لم نكن نعتقد أنه ذكي إلى هذه الدرجة. كل ما في الأمر أننا لاحظنا أنه لم يتمكن من حل مسألة بسيطة أثناء اللعب، فقررنا أن نبحث عن دروس تقوية في الرياضيات".
هكذا قادتهم الصدفة إلى فرع UCMAC القريب من سكنهم في كوت دي نيج، ليبدأ بروس مشواره قبل عام ونصف فقط "البرنامج يشبه مدرسة خاصة أو نشاطًا بعد المدرسة. هو يتعلم باستخدام المعداد، ونراه يستمتع كثيرًا، ولذلك لم نرغب في الوقوف في طريقه"، يضيف الوالد.
ورغم التميز الواضح في مجال الحساب، يؤكد والد بروس أنهم يسعون لمنحه فرصًا متعددة لتطوير شخصيته ومواهبه الأخرى، "لا نريد له أن يُعرف فقط بأنه طالب رياضيات، نريد له أن يكون أكثر من مجرد عبقري رياضيات، نشجعه على العزف على البيانو، وممارسة رياضات مثل الجولف والاسكواش. نحاول أن نتيح له تجارب متنوعة ونترك له حرية اختيار ما يحب".
عندما يُسأل عن أهمية هذه المسابقات، يؤكد الأب أن فائدتها تتعدى مجرد الحساب، "هذه التمارين تفعّل جانبي الدماغ، المنطقي والإبداعي. هو لا يحسب فقط، بل يتخيل المعداد في ذهنه ويتفاعل معه، ما يُنمّي تفكيره الخلاق".
***
تُظهر شهادات الأهالي المشاركين أن برامج الحساب الذهني لا تقتصر على تحسين الأداء الأكاديمي فحسب، بل تسهم أيضًا في بناء شخصية الطفل وتعزيز استقلاليته وثقته بقدراته. وبينما تختلف دوافع التسجيل بين من يبحث عن تحسين الأداء المدرسي ومن يرغب في تطوير المهارات الذهنية على المدى الطويل، يتفق الجميع على أن هذا النوع من الأنشطة يشكل بيئة تعليمية محفزة، تكشف طاقات الأطفال الكامنة وتعدّهم لمستقبل أكثر وعيًا وتركيزًا. وفي ظل محدودية الدعم من المدارس الرسمية لمثل هذه المبادرات، تبقى هذه البرامج خيارًا إضافيًا للأهل الراغبين في تنمية قدرات أبنائهم خارج الإطار التقليدي للتعليم.
122 مشاهدة
05 يونيو, 2025
211 مشاهدة
02 يونيو, 2025
369 مشاهدة
23 مايو, 2025