بقلم: سامر مجذوب *
بدت الكلمة الافتتاحية لفرانسوا لوغو في الجمعية الوطنية الأسبوع الماضي أقل تركيزًا على تقديم حلول للتحديات الملحّة وأكثر ميلًا إلى إذكاء الخوف. ومع اقتراب الانتخابات، يبدو أن رئيس الوزراء اختار مرة أخرى انتهاج سياسة الهوية، باستهدافه ما سمّاه «الإسلاميين المتطرفين» واعتبارهم تهديدًا متناميًا لـ«القيم المشتركة» في كيبيك.
قال لوغو: «لنكن صادقين، فالإسلاميون المتطرفون هم من يهاجمون هذه القيم بأشدّ ما يكون.»
ووعد بتشريعات ترسّخ علمانية الدولة بشكل أعمق، بما في ذلك حظر «الصلوات في الشوارع» وتوسيع القيود المفروضة على «الرموز الدينية» لتشمل دور الحضانة. أما وزير العلمانية، جان-فرانسوا روبيرج، فذهب أبعد من ذلك، داعيًا سكان كيبيك إلى «الاستيقاظ» قبل أن يترسخ «التطرف الإسلامي» في «جميع مؤسساتنا».
لكن عند مطالبتهما بأمثلة ملموسة على هذا «الهجوم» المفترض على المؤسسات، أشار الاثنان إلى حالة واحدة فقط: قضية مدرسة بيدفورد في مونتريال، حيث أظهر تقرير وجود تأثير من بعض المعلّمين. لا شك أن هذه القضية مثيرة للقلق، لكنها بالكاد تشكّل دليلًا على تهديد واسع النطاق. اللغة التي يستخدمها حكومة لوغو تبدو أقرب إلى الاستعراض السياسي منها إلى التشخيص الواقعي.
ومن حق سكان كيبيك أن يتساءلوا: ما الغاية من هذا التصعيد؟
نعيش في زمن تتصاعد فيه نزعات الإسلاموفوبيا وغيرها من أشكال الكراهية، حيث يواجه مسلمو كيبيك ومجتمعات أخرى مضايقات وشكوكًا غير متكافئة. من خلال تضخيم المخاوف من «الإسلاميين المتطرفين» دون أدلة ملموسة على خطر حقيقي، تخاطر الحكومة بتعميق الانقسامات الاجتماعية. وبدلًا من طمأنة السكان، تُوجَّه الشكوك نحو مجتمع بأكمله، فتتحول تعقيدات الواقع إلى كبش فداء مبسّط.
قد يجادل البعض بأن الحكومة تدافع عن مساواة النساء من خلال فرض القيود على الرموز الدينية، بما يشمل ما ترتديه الفتيات والنساء. ولكن، أليس تقييد خيارات النساء باسم المساواة تقويضًا للمبدأ نفسه الذي يُفترض الدفاع عنه؟ من المستفيد من تشجيع الشك وانعدام الثقة؟ بالتأكيد ليس سكان كيبيك، ولا القيم التي نعتز بها من عدالة وانفتاح ومساواة.
يجدر التذكير أن الأسبوع الماضي صادف الذكرى الخامسة لوفاة جويس إشاكوان في مستشفى جولييت؛ إذ وُجهت إليها إهانات عنصرية من عاملتين أثناء احتضارها. ومع ذلك، لا تزال الحكومة ترفض الاعتراف بوجود عنصرية منهجية في الخدمات العامة في كيبيك، رغم تقرير فيان المؤلف من 520 صفحة الذي وثّق تلك الظاهرة. بطبيعة الحال، لا يعني هذا أن المجتمع بأكمله عنصري.
بالنسبة إلى لوغو، فإن العنصرية في المؤسسات تُعتبر حوادث معزولة، لكن حين يتعلّق الأمر بما *يسمى «الإسلامية المتطرفة»، تتحوّل حالة واحدة إلى دليل على هجوم واسع النطاق. إن ازدواجية المعايير هنا لافتة بوضوح.
تواجه كيبيك تحديات خطيرة: نظام رعاية صحية مُرهق، وشبكة تعليمية تُعاني من نقص، وأزمة سكن تُثقل كاهل العائلات. ولم تُحلّ أي من هذه المشكلات عبر حظر الصلوات في الشوارع أو تكرار التحذيرات من «الاختراق الإسلامي». قد تحقق سياسة الهوية مكاسب انتخابية مؤقتة، لكنها لا تسهم في معالجة الاحتياجات الملحّة للمقاطعة.
تثير خطابات لوغو أسئلة أعمق: هل هذه فعلًا أفضل طريقة لتقوية مستقبل كيبيك — عبر نشر الشك بين سكانها؟ باختيار الانقسام على الوحدة؟ وربما الأهم: هل الحكومة مستعدة لتحمّل مسؤولية ما قد تثيره هذه اللغة من عواقب؟
الكلمات لها وزن. فهي تُشكّل التصورات وقد تخلّف آثارًا حقيقية. وفي مناخٍ ترتفع فيه جرائم الكراهية وتشعر فيه المجتمعات بأنها محاصرة، فإن لغة توحي بأن كيبيك «تتعرض لهجوم» من سكانها المسلمين أو غيرهم تغذّي بالضبط حالة التعصب والكراهية التي تقوّض قيمنا المشتركة.
إن كيبيك تستحق ما هو أفضل من نشر الخوف. نحن نستحق قيادة توحّدنا وتعترف بالصعوبات الحقيقية التي تواجه المقاطعة وتمس جميع سكانها.
لدى كيبيك الحق في الدفاع عن قيمها. والسؤال هو: هل تُدافع عنها بزرع الانقسام والريبة؟ أم أن الحكومة، في سعيها للمكسب السياسي، تخاطر بالتخلي عن قيم الإنسانية والمساواة والعدالة لجميع سكان كيبيك بغضّ النظر عن معتقداتهم أو أصولهم؟
*خاص بصحيفة مونتريال غازيت
نُشر في 9 تشرين الأول / أكتوبر 2025 وترجمه الى العربية الأستاذ عماد حلاّق
88 مشاهدة
13 أكتوبر, 2025
128 مشاهدة
12 أكتوبر, 2025
94 مشاهدة
12 أكتوبر, 2025