صدى اونلاين ـ مونتريال
في ظل الجدل المتصاعد حول مشروع القانون الذي طرحته حكومة فرانسوا ليغو لمنع الصلاة في الشوارع والحدائق العامة بكيبك، حاورت صدى أونلاين رئيس المنتدى الإسلامي الكندي، الأستاذ سامر المجذوب، الذي اعتبر أن الخطوة ليست مرتبطة بالعلمانية كما تروج الحكومة، إنما قد يكون لها ارتباط وثيق باقتراب الانتخابات التشريعية في كيبيك وأيضا ما ذكره الكثير من المتابعين انها تهدف إلى صرف الأنظار عن أزمات التعليم والصحة والسكن وعنف الشوارع. المجذوب شدّد على أن أصحاب مشروع القانون لم ينفكوا عن التصريح بان مشروع القانون يستهدف "هؤلاء الذين يركعون على ركبهم أثناء الصلاة"، و هذا ما قاله فرنسوا ليغو بشكل واضح. و قد حذّر الأستاذ مجذوب من تداعياته على النسيج الاجتماعي في المقاطعة، مؤكدًا أن حرية الصلاة والتجمهر مكفولة بموجب مواثيق الحقوق والحريات في كندا. المجذوب رأى ان " من خلال مشروع قانون منع الصلاة في الأماكن العامة قد تظن الحكومة لحد ما انه ممكن تلهي الرأي العام في مواضيع تثير من خلالها حالات التوتر العرقي للأسف الشديد وتلتهي الناس عن الأمور الأساسية.
المجذوب اعتبر ان " استهداف للجالية المسلمة بشكل خاص ليس بالجديد" وأشار الى ان بعد تكبير "قضية الصلوات التي أقيمت خلال فاعليات تضامنية مع فلسطين في مونتريال نشعر وكأن هناك محاولة ربط بين الامرين".
كما شدد على انه "عندما نسمح بحالات العنصرية والتمييز لفئة ما، فلن يكون احد بمنأى عن الاستهداف. في نهاية الأمر سيكون الجميع خاسرا" .
واكد على اهمية "التواصل مع الكنائس التي حولنا، ومع مراكز العبادة ولو من خلال مبادرات فردية". كما اشار الى انه " وليس عيبا أن يراجع الواحد منا في بعض الأحيان، بعض التحركات و بعض القرارات، خصوصا عندما نكون في الفضاء العام".
بداية أستاذ سامر ما هي الدوافع الحقيقية وراء طرح حكومة ليغو مشروع قانون يمنع الصلاة في الشوارع والحدائق؟ هل هي قناعات مرتبطة بالعلمانية أم اعتبارات سياسية وانتخابية؟
الامر ليس بالجديد نحن لا بد ان نضع هذا الامر في سياقه الحقيقي. منذ تولي ليغو رئاسة الحكومة في كيبك هي تأتي من ضمن اطار سلسلة ما يدعون انه تقوية وتمكين الحالة العلمانية فيه كيبك. نحن على قناعة كاملة، ولسنا نحن فقط بل الجميع على قناعة كاملة ، الا الذي يمشي بنفس التيار، ان هذا الامر لا علاقة له بالعلمانية وليس له علاقة له لا من قريب من من بعيد في موضوع تمكين العلمانية من من عدمها. كيبك وحكومة ليغو بوجه خاص تمر بعدة اشكالات كبيرة حقيقة، نادرا ما واجهتها حكومات المقاطعة.
ما هي هذه الإشكالات ؟
مثلا، موضوع التعليم حيث هناك إشكالية كبيرة في التوظيف. كما ان هناك إشكالية كبيرة في النظام الصحي. وهناك موضوع توظيف الشباب وغلاء الأسعار وعنف الشوارع ، حيث ستلعب هذه التحديات دورا أساسيا ومحوريا في الانتخابات القادمة. ففي مواجهة هذه التحديات نجد ان هناك سياسة ممنهجة وليس سياسة عشوائية تزداد حدتها مع اقتراب الانتخابات. و تحتاج الحكومة الى التغطية على هذه التحديات من خلال الهاء الرأي العام في أمور حقيقة لا اشكال فيها. فمن خلال مشروع قانون منع الصلاة في الأماكن العامة تظن الحكومة لحد ما انه ممكن تلهي الرأي العام في مواضيع تثير من خلالها حالات التوتر العرقي للأسف الشديد وتلتهي الناس عن الأمور الأساسية.
هناك من يرى أن القانون يستهدف في الواقع المسلمين، خصوصًا بعد صلوات تضامنية مع فلسطين في مونتريال. هل هذا يعكس ازدواجية في التعامل مع الممارسات الدينية المختلفة؟
استهداف الجالية المسلمة بشكل خاص ليس بالجديد، سيما أن حكومة كيبك اتبعت سياسة عدم إخفاء هذا الأمر. فهي دائما وإن يكن الغطاء العام أو العناوين العامة مثل منع الصلاة في الأماكن العامة من دون تخصيص صلاة المسلمين، إلا أنها بالتصاريح السياسية وبالتعليقات التي تسبقها والتي تليها تعلنها بصراحة وبلسان رئيس وزراء ليغو أنه لا نقبل أن هناك من يسجد على ركبتيه في شوارع كيبك. وكل التصاريح السياسية والأقلام المؤيدة لهذا الموضوع كلها تربطها بموضوع صلاة المسلمين.
هناك تضخيم غير طبيعي لهذا الأمر، صراحة بعد تكبير "قضية الصلوات التي أقيمت خلال فاعليات تضامنية مع فلسطين في مونتريال نشعر وكأن هناك محاولة ربط بين الامرين". أنا أريد أن ألفت النظر، انه على الصعيد الإعلامي الناطق بالفرنسية والإنجليزية لم يتطرقوا بشكل مباشر في خلال المقابلات التي حصلت مع المنتدى في هذا الموضوع، لم يتم هذا الربط بالمقابلات. لكن وسائل الإعلام كثيراً ربطت هذا الموضوع في تغطيتها وتعليقاتها. ليس هناك اي شك أن هذا الربط له عدة أهداف. أولّه إشارة لكونهم مسلمين رقم اثنين، ربطوا هذا الأمر بموضوع المسيرات المستمرة منذ اندلاع الاحداث في غزة والتي أثرت على الرأي العام في كيبك.
المطران كريستيان ليبين حذّر من أن القانون قد يهدد ممارسات مسيحية راسخة مثل مواكب عيد جسد المسيح أو مسيرات الصليب...هل هذا يُظهر أن المسألة ليست فقط "إسلامية"؟
نعم، هناك أصوات حرة انطلقت منها كبير أساقفة مونتريال المطران ليبين، انتقدت هذا الأمر أيضا، بشكل كبير. وكذلك بعض الأقلام الصحفية في جريدة "لابرس" وغيرها قالت، هذا الأمر يستهدف الجميع، وهو حقيقة في نهاية الأمر وليس بالجديد. في اللحظة التي تسمح الحكومة بالاستهدافات، المباشرة أو غير المباشرة لمكوّن من مكونات مجتمعها تحت عدة أعذار ومسببات فان الاستهداف لن يبقى محصورا بفئة معينة. وعندما نسمح بحالات العنصرية والتمييز لفئة ما، فلن يكون احد بمنأى عن الاستهداف. في نهاية الأمر سيكون الجميع خاسرا .
هل المواطنين الكيبكيين معارضون للصلاة في الامكنة العامة ؟
منذ أيام كان هناك أنشطة كبيرة للهندوس في كيبك، وكانوا في الطرقات وكان هناك إغلاق طرقات، وكان لها بعد ديني وثقافي، وما إلى ذلك. عموم الجمهور في كيبك، أصلاً، لا ينتبه الى هذا المواضيع بعد، لا يركز عليها ولا تزعجه ولا شيء. ولكن فقط، يقع الاشكال والاستهداف بعد التضخيم الإعلامي حيث تاخذ الامور منحى اخر.
من يتحمل مسؤولية ما يجري وهل هناك ازدواجية في التعاطي مع المسلمين ؟
أنا أريد أن أنبه القارئ فقط، على حدث حصل منذ فترة، وكان علق عليه المنتدى. كانت هناك صورة لبعض الفتيات في احد البوسترات" في الطريق، وضعته مكتبة مونتريال العامة، وهي أكبر مكتبة في كيبك، ووضعت فيها مجموعة أطفال، لكي تعكس التنوع في مونتريال، ومنها طفلة لها بالحجاب، ومنهم أطفال ببشرة وألوان مختلفة، وأشكال مختلفة. خرج رئيس الحزب الكيبكي بيير بلاموندون، وقال هناك غزو ديني على كيبك، من وراء صورة موجودة. وبدأ الإعلام الحديث عن غزو ديني، وما الى ذلك. ما اضطر المكتبة الى الدفاع عن نفسها، ولتقوم بعدها بازالة الصورة. فإذاً، وأنا هذه الرسائل اللي أقولها موجهة للجميع، وخصوصاً لأبناء الجالية، الذين سبق وتكلمنا كتيرا في بودكاست سابق ، إنها قد تحمل نفسها، الحدة في الإسلاموفوبيا، وهذا الأمر غير صحيح وغير صحي. نعم، فبالتالي، هناك إزدواجية. طبعاً، هناك إزدواجية، وهذه الإزدواجية ليست بالجديدة، للأسف.
فإذاً، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، لماذ عندما يكون هناك تجمهر لأي شيء، أي قضية من القضايا تمر مرار الكرام؟ وإذا كان الأمر متعلق بالمسلمين بشكل عام، أو بموضوع فلسطين تأخذ الأمور ببعد آخر جداً.
ما رأيك في تصريح المحامي جوليوس غراي بأن "الحق في الصلاة ولو على الرصيف محمي بوضوح في مواثيق الحقوق والحريات"؟ هل يمكن أن يُبطَل هذا القانون قضائيًا؟
هذه لفتة مهمة جدا. فما يقوم به بعض الشباب أثناء المسيرات، هو حق مكفول، وليس تعديا ولا استفزازا لاحد ، هذا من ناحية .. من ناحية ثانية ، لم يغلق اي شارع لم يحصل أي اعتراض من مكون أساسي من المجتمع، لم يحصل أي إشكال لا قانوني ولا إجرائي ولا عرفي. فالطرقات بكل الأحوال كانت مغلقة بسبب المسيرة، و الشرطة هي من تقوم بعملية الإغلاق في كل المسيرات التي يتم تنظيمها. وهناك ايضا مسألة ان الصلاة تستغرق دقائق قليلة ويشارك فيها عدد قليل جدا. وفي صحيفة لابرسّ تناولت احدى المقالات، موضوع الصلاة بالسؤال عن سبب هذا التضخيم لصلاة تستغرق عدة دقائق، من 30 شخص قاموا بالصلاة في احدى الزوايا من أصل آلاف من المشاركين في المسيرات.
دعونا نذكّر انفسنا ان نفس الأمر يتم مقاربته بالنسبة للقانون 21، فمن الضروري أن لا ننسى أن هذا يأتي ضمن السياق الذي انطلق منذ سنوات، في بعض السياسات القائمة في كيبك. في السابق كان الحزب الكيبكي PQ يمارس هذه السياسة والتحق به حزب ليغو CAQ. هذا ياتي ضمن السياسات القائمة في كيبك وهي ليست منفصلة.
لابد أن نلفت النظر، الى أن حرية التجمهر في المجتمعات الديمقراطية لا تحتاج إلى تصاريح. كما لا يحتاج إلى إبلاغ الشرطة. فهذا الأمر لابد أخذ به على الاعتبار.
لا أظن هناك في إشكالية في التوازن، ما بين الحريات والقوانين. اما ان يكون هناك اشكاليات بين الحريات وبعض الحساسيات ، نعم هي مسالة ينبغي التعاطي معها بحكمة. لكن أن تكون أنت الفئة التي تكون تحت الاستهداف وتحت المجهر بشكل دائم، هنا يكمن الإشكال. اعود لاقول أن موضوع الاحتفالات التي لها بعد ديني، هي مكفولة بالقوانين، وهي موجودة عند الجميع لسنوات ومن عشرات السنوات، ولم يتكلم بها أحد على الإطلاق. وهذه احتفالات دينية رسمية. هم اثاروا كل هذه القضية حول موضوع الصلاة في المسيرات.
هل سبق ان اثير امر الصلاة في الخارج سابقا ؟
هذا الأمر حصل من سنتين تقريباً، أو أقل، في إحدى الأعياد عندما اقيمت صلاة العيد في دائرة اهانتسيك، والتي هي أخذت عشر دقائق اضافة الى الخطبة وايضا تم استهدافها.
هل الامر محصور في كيبك؟
هذه الحالة للأسف، التي نجدها الآن، من الاستهداف للمسلمين، ليس محصورا في حقيقة، في كيبك . الاعتداءات تجري ايضا في باقي المقاطعات الكندية، وقد تكون عنيفة جداً، على المساجد والمراكز، ولكن هي أقل حدة، . وفي أوروبا، سيما في فرنسا ، والتي هي في نظر المتابعين، قد تكون من ضمن السياسات الشعبوية، التي تجتاح العالم الغربي، بشكل عام.
كيف يمكن تفسير أن اللجنة الاستشارية أوصت بترك الأمر للبلديات، بينما الحكومة قررت التدخل بقانون شامل؟و إلى أي مدى يمكن القول إن مشروع الحظر يمثل "تشتيتًا للرأي العام" عن أزمات حقيقية مثل عجز الميزانية وأزمة السكن والجريمة المنظمة؟
نحن قادمون على امور قانونية اخطر وهو الموضوع اللجنة التي سميت بالاستشارية، والتي قال أحد أركانها أثناء تصريح أمام وسائل الإعلام في موضوع تعزيز العلمانية " أنا سوف أستجيب للوزير"، الذي كلفه بهذه المهمة،. فإذاً، لم تعد اللجنة كما تسمى استشارية . فعندما يكون أحد أركان هذه اللجنة اللي سمتها اللجنة الاستشارية، علناً، يقول، أنا هنا، لكي أستجيب لمطالب من عيّنني في هذا الموضوع. فهنا تخرج من كونها استشارية، تصبح كأنها تأخذ بالتوصيات.
وكما ذكر كثيراً، حتى التوصيات، لم تذكر منع الصلاة في الأماكن، بل ذكرت أن هذا الأمر يعود للبلديات. يعني هي توصية، والامر يعود للبلديات . لأنه حقيقةً، وجد حزب ليغو انه لا يوجد تكلفة سياسية سلبية، على هذا الموضوع، بالعكس. ممكن هي قنابل دخانية، تطلقها في المجتمع، تسبب نقاشات جانبية، تسبب حال التوتر، قد تغطي على إشكالات كبيرة وعنيفة، جداً التي تواجه الحكومة الحالية.
حبذا لو تحدثنا عن هذه الاشكالات التي تواجه الحكومة الحالية ؟
هناك مئات الملايين بل اكثر من مليار من الدولارات، كما في فضيحة SAAQ Clic، الذي يكلف اكثر من مليار دولار، ولم يؤدي إلى نتيجة. كذلك مشروع البطاريات الكهربائية، التي خلال أشهر فقط، بين الدعم الذي أعطته كيبك وبين الدين الذي قدمته كيبك، يفوق الـ 400 مليون دولار. فبالتالي هذا كله، قام في وجه حكومة فرنسوا ليغو، ووضعها في الزاوية، وفي زاوية صعبة جداً. بالاضافة الى إشكالات أخرى ادت الى تراجع الداعمين للحزب الحالي واتجاه التاييد نحو الحزب الكيبيكي PQ، حتى اللحظة.
إذاً، وجدت الحكومة ان اثارة مثل هذه الامور الجانبية مثل الصلاة في الشارع أفضل لها، سياسيا. اضف الى ذلك البعد الأيديولوجي، لبعض الأحزاب، أو لبعض السياسات، التي خرجت في كيبك، لا يمكن أن نخفي، هذا الأمر، في موضوع الاستهداف، خصوصاً، أبناء الكيبك من الجالية المسلمة.
كيف يمكن للجالية في كيبك و كندا أن تنظّم نفسها للدفاع عن حقها في حرية المعتقد والصلاة في الفضاء العام، سواء عبر العمل القانوني أو التحالفات مع مجموعات دينية وحقوقية أخرى؟
بداية الجالية ان كان في كيبك او باقي أنحاء البلاد ، لابد أن تشعر بانتمائها الى كندا وكيبك. و لابد أن تشعر بالمواطنة بالدرجة الأولى. لأنه للأسف، حصل، وسأقولها بصراحة، هذه المرة، بكل اسف اناس لهم مواقع في الجالية. قالت" ياليت ما صارت هالصلاة في الشارع". وانه " نحن كنا ضد الصلاة أثناء المسيرات". و" ليش عم تصير الصلاة بالشارع؟ وهذا السبب ادى إلى ما وصلنا اليه". طبعا، هذا الأمر ينم عن غيرة وعن حرص . ولكن، له بعد في غاية الخطورة ... فأن تقبل على نفسك أن تكون مواطنا من الدرجة الثانية والثالثة، وتحمل نفسك المسؤولية.. يعني انت فيه الضحية وتقبل على نفسك ان تكون من المستوى الثاني والثالث وحتى الرابع ، وتقبل على نفسك أنك أنت تتحمل مسؤولية هذا الاستهداف. .. هذا في غاية الخطورة. هذا ينم عن ان البعض قد لا يكون مدركا لكل التفاصيل.. يعني لا يعرف أن الصلاة هي حق قانوني. كما ان هذه القوانين التي تخرج تستهدف، ، وبشكل خاص، حسبما يشير أصحابه، وليس حسب ما نقوله نحن، الجالية لا علاقة لها بأي سبب. مثلا كان هناك شاب يصلي في Costco ، لم تبقى وسيلة أعلام لم تتحدث عن هذا الأمر.. شاب يعمل في Costco فبالتالي، يعني، يصلي في Costco. بدأ التركيز الأعلامي .. الدنيا قامت، ولم تقعد لامر لا ينبغي ان يثير اي استفزاز او اساءة لاحد. فبالتالي اثار الامر بهذه الشكل خطر جدا والاستهدافات سوف تستمر، ، ما دمنا نحن في حالة هذا الضعف والوهن والشعور بأننا أقل مستوى من الآخرين، وأننا نتحمل مسؤولية ما يصيبنا.
اضاف الى ما ذكرت على الجالية ان لا تشعر انها في حالة هوان .
في اللحظة التي تقبل الجالية على نفسها الهوان، وتقبل على نفسها أن تستهدف، وتحاول أن تحمل نفسها المسؤولية او تبرر من يقوم باستهدافها عليها ان تراجع نفسها.
ما اود ان اقوله هنا ان الخطوة الأولى، أن تعتز الجالية بانتمائها لكيبك، وتعتز بانتمائها لكندا. لانه إذا شعرت نفسي، أنه أنا من لبنان، والآخر من سوريا، فقط، والثالث من مصر، ولا علاقة في كيبيك. هنا، يعني، أني أنا كائن غريب، كائن أجنبي، وهذا أمر خطير جدا، يسر ويفرح الأطراف، التي ترغب باستهدافنا.
رقم اثنين، و هو ما ننادي به دائما هو، أن نكون متواجدين بالفضاء العام، أن نكون متواجدين فاعلين بشكل ايجابي على الأرض.. المنتدى الاسلامي الكندي يقوم بهذا الأمر، بشكل دائما، لكن حجم الجالية كبير كما ان حجم التحدي كبير، لا تستطيع جمعية واحدة، مهما كبر حجمها، ومهما كانت إمكانياتها متطورة ، أن تغطي هذا الأمر. لابد أن تتحول هذه المسألة إلى ثقافة عامة، أن نكون نحن جزءً من هذا المجتمع.
ثالثا : التفاعل والتواصل مع الكنائس التي حولنا، مع مراكز العبادة التي حولنا ويمكن ان تكون هناك مبادرات فردية، يعني، لا تحتاج إلى مبادرات جماعية، مثلا يقوم مسج او اثنيت في شرق مونتريال بالتواصل مع الكنائس ويخرجوا بصلاة مشتركة في الطريق، نصلي في يوم واحد، كلنا سوا.
الأمر الآخر، وهي اقولها من القلب إلى القلب، أمام الله سبحانه وتعالى، للأخوة والأخوات، للشباب والبنات، الذي قدر الله، أن يصلوا إلى مواقع لها تأثير في مواقع القرار سواء كان بلدي او محلي او فدرالي، ممن يحاول ان يبعد عن نفسه الجالية مباشرة، برغم أنه لا يصل إلا بدعم الجالية، وعندما تحين الانتخابات، يعود للجالية، ولكنه لسبب، أو لأخر، قد يراه، وقد تراه، فيبعد، نفسه، عن شؤون، وشجون، الجالية، إلى حد بعيد. بينما كثيرون ليسوا من أبناء الجالية، يكونوا مدافعين شرسين، عن حقوق الجالية وعن تواجدها. وأعطي مثالا انه في المرحلة الأخيرة، التي مررنا بها، حقيقة، لم أسمع على الأقل، أنا لم أسمع، والمنتدى يتطلع، وعندنا بفضل الله، متطوعات ومتطوعين، يتابعون، وسائل الأعلام، ويحاولون ان يضعونا، دائما، في كل ما هو جديد ، ما سمعنا أصوات، خرجت، لها بعد سياسي، ان صح التعبير، تعترض على ما تتعرض له الجالية المسلمة من استهدافات . يعني، هذا الأمر، مستغرب . فيما كان هذا الأمر سمعنا من كثيرين من المؤثرين من غير المنتمين للجالية، بشكل مباشر، قاموابدفاع مستميت عما تتعرض له الجالية من استهداف .
لا بد أيضا نكون صريحين مع أنفسنا. أصبحنا في واقع شيء اسمه السوشال ميديا، تحرك سياسات. شيء اسمه أعذار ومسببات وشماعات، يحتار من يريد أن يعلق عليها القرارات أو الاستهدفات. في تصوري ان أبناء الجالية بعمومها عليهم ان يلتفتوا أن أي تصرف يحصل هو تحت مراقبة متابعي السوشال ميديا ، ويفسر ويعطى كما يشاء. فلا بأس، وليس عيبا أن يراجع الواحد منا في بعض الأحيان، بعض التحركات و بعض القرارات، خصوصا عندما نكون في الفضاء العام. ولا بأس به على الإطلاق، على أن لا يكون هذا السبب الخوف. فقط هو يكون خاضعا للتقدير والدراسة ومدى نضج القرارات التي نقوم بها، ومدى أهميتها. وإذا استطاع الواجد منا تجنب بعض الحساسيات، الواحد لم لا؟ وأن يكون.
هناك بعض الأحيان محاولات لإخراج بعض الأصوات ، التي حقيقة، مع احترامنا لها . هي تحملنا المسؤولية وانه نحن المخطئون .ههذ لا تمثل الا نفسها. هي حرة في ان تقول ما تريد، . نحن نحترم هذه الأراء، ولكل رأيه.
أنا على يقين مئة في المئة، بفضل ، أنه لا يوجد أحد من قيادات الجالية يسعى لاي عملية استفزاز، وليس في باله هذا الموضوع، لا من قريب. ولكن، للأسف، نحن في واقع مختلف، واقع ضغط سياسي بشكل مختلف كليا عن الوضع الطبيعي.
لو اردنا الحديث عن موضوع العلمانية الذي يحتج به لتبرير ما تقوم به الحكومة ماذا يمكنك القول ؟
موضوع العلمانية تحدثنا حولها معك عدة مرات، خاصة في "صدى أونلاين"، في كتابات، مقالات، رأي، نشرت في صحيفة "الغازيت"، وتناولتها في مقابلات كثيرة، حصلت مع وسائل الأعلام من الإنجليزية، والفرنسية المحلية، وحتى وسائل الاعلام الخارجية. العلمانية تستخدم كذريعة. العلمانية لا علاقة بما يجري لا من قريب ولا من بعيد. فهي شماعة تعلق عليها . كل من يحتاج يقول، أن المصلين قاموا بالصلاة أمام إحدى كنائس كيبك أو كنائس مونتريال. وهذا الأمر في غاية التناقض، والاستغراب. أنت منزعجون، لأنه اقيمت الصلاة أمام الكنيسة، ام انتم مزعجون، لأنه هناك في صلاة في الفضاء العام؟ التعليقات كلها، ان هذه كيبك وهي لنا، وهذا الارث التابع لنا ، وهذا الدين الذي ننتمي اليه، وهذه هويتنا. أعود، وأكرر، لا علاقة للعلمانية، لا من قريب ولا من بعيد، في هذا الموضوع. العلمانية تعني، وبشكل مختصر، حيادية الدولة. ما يعني أن الحكومة وسياستها، هي جهة محايدة وليس لها علاقة، وليس لها صبغة دينية ..هي عامة و هي للجميع. ولكن مسألتين، في غاية الأهمية: العلمانية لا تعني على الإطلاق، أن الحكومة تصبح هي من تفرض عليك، حيث اصبحنا هنا في موضوع آخر. هنا تفرض عليك، القيم، والأركان، والتقاليد، والعادات . لانها هنا صار هناك فرض ما يعني انها تنشىء دينا هو العلمانية . وأهم، من هذه ان من تكلم، بمفهوم العلمانية او عرابي العلمانية وفلاسفة العلمانية قالوا بالدليل الواضح أن العلمانية تعطي حرية للمجتمعات والأفراد باختيار ما تراه مناسبا. لا، بل، أكثر، من هذا، على الحكومات، التي تتبنى، العلمانية، أن تحمي هذه المجموعات والمكونات المجتمعية التي تريد أن تختار المعتقدات وتعبر عما تريده.
إذا، هذه هي حقيقة، هذا، الأمر، وسبق ان كتبت عنه في صحيفة الغازيت ( الصادرة بالانكليزية في مونتريال ) عدة مرات، وانتشر، وكان هناك تفاعل، كبير. وأقول، معك و لا أخفيك ان الكثير من الاتصالات، أتتني من أسماء لا أعرفها من شخصيات تواصلت معي ناس بشكل، مباشر عرفت عن نفسها بين علماء نفس وكتاب وغيرهم أن هذا الأمر، إلى حد بعيد، صحيح، مائة، في المائة. فعندما تستخدم الحكومة او الاعلام هذا المفهوم الخاطىء عن العلمانية فهو فقط قد يكون لأهداف سياسية مرحلية، أو أهداف، سياسية، طويلة، المدى، أو يحمل إيديولوجية معينة.
هل لديكم كلمة اخيرة ؟
الحالة الإسلاموفوبيا تزداد حدة لذا علينا واجبات أن نكون جزءً من المجتمع، متفاعلا، فخورا بهويته، وبانتمائه، وبعقائده، مع التأكيد على الانتماء لكيبك ولكندا. ولا يوجد أي تناقض بين الاثنين. حالة الوعي التي تفاجأت بغيابها، بالفترة الأخيرة، لسبب أو لآخر، كثير من الشباب ليس مدركا لكثير من الأمور المتعلقة بكيبك وبالقوانين، أو بكندا، سيما بالموضوع السياسي. يمكن الشباب عنده أولويات أخرى، فبالتالي، لا يركز على هذا الموضوع. وهذا ما احذر منه أننا نسير نحو ما آلت اليه جاليات في أوروبا، وخصوصا فرنسا. والأمر الذي يتحمل مسؤوليته المراكز والمؤثرين في الجالية هو أن تكون هناك حالة ثقافية يتم نشرها، وليست محصورة في تجمع، ولا آخر. يعني، لا يستطيع التجمع لوحده، أن يقوم بهم جالية كبرى، تتعرض للأسف، الشديد، تتعرض لتحديات، لا يعلم بها إلا الله، ولا يصمد امامها إلا من بقلبه الإيمان. يعني، والثبات. يعني، فأنت تقوم بعمل توعية مستمرة، ليست مؤقتة، على المنابر، في الكنائس، في المساجد، عند الشباب، وفي كل الأنشطة.
هي تحديات مستمرة واذا ما تعاملنا معها كأبناء هذه الجالية المستهدفة لن نكون فقط ضحاياها المباشرين بل سوف يكون وزر الاجيال القادمة كله في رقابنا للاسف. لسنا في حالة يأس ابدا فالعمل مستمر والحقوق لا تاتي على طبق من ذهب .
* الصورة من سامر المجذوب
55 مشاهدة
15 سبتمبر, 2025
1669 مشاهدة
01 سبتمبر, 2025
3804 مشاهدة
27 أغسطس, 2025